Skip to main content

الأمن الغذائي – ما يعنيه ولماذا هو مهم

شرح موجز لمفهوم "الأمن الغذائي" ودوره في توجيه عمل برنامج الأغذية العالمي
, بول أنثم
A group of hands taking food from a plate.
الأمن الغذائي هو ضرورة أخلاقية ويعزز الاستقرار في جميع أنحاء العالم، لكن لا يزال الملايين يعانون من الجوع. صورة: برنامج الأغذية العالمي/جان بابتيست جواير

ما هو الأمن الغذائي؟

يوجد الأمن الغذائي عندما يكون لدى الناس القدرة على الوصول إلى كمية كافية من الغذاء الآمن والمغذي لضمان نمو طبيعي وتطور صحي، والحفاظ على حياة نشطة وصحية. تم تقديم تعريف رسمي له خلال مؤتمر القمة العالمي للأغذية عام 1996 في روما وتمت مراجعته لاحقًا في عام 2001. أما انعدام الأمن الغذائي، فيتواجد عندما لا تتوفر الشروط سالفة الذكر. وينقسم إلى نوعين:
•    انعدام الأمن الغذائي المزمن: عندما لا يتمكن الشخص من استهلاك كمية كافية من الغذاء لفترة طويلة، مما يؤثر على نشاطه وصحته.
•    انعدام الأمن الغذائي الحاد: وهو عندما تتهدد حياة الناس أو مصادر رزقهم بشكل مباشر جراء عدم توفر الغذاء.

كم عدد الأشخاص الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي؟

وفقًا لأحدث البيانات من تقرير حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم (SOFI)، واجه ما يصل إلى 757  مليون شخص الجوع المزمن في عام 2023. ووفقاً للتقرير العالمي لعام 2025 الصادر عن برنامج الأغذية العالمي في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، عناك نحو 343 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وذلك في 74 دولة مما يعمل فيها البرنامج وتتوفر عنها بيانات.

ما الذي يجعل الأمن الغذائي مهمًا جدًا؟

يُعد الأمن الغذائي ضرورة أخلاقية، حيث يجب أن يكون لجميع الناس حق متساوٍ وغير مقيّد في الحصول على الغذاء. بالإضافة إلى ذلك، فإن الأمن الغذائي يمثل استثمارًا في الاستقرار والأمن بشكل عام. فعندما يكون هناك انعدام في الأمن الغذائي، يحدث نزوح للسكان وتزداد حالة عدم الاستقرار، مما قد يؤثر على الدول والمناطق وحتى خارجها.

ما الذي يسبب انعدام الأمن الغذائي؟

تُعتبر النزاعات، والطقس القاسي، والصدمات الاقتصادية من العوامل الرئيسية التي تؤدي إلى انعدام الأمن الغذائي، وغالبًا ما تكون هذه العوامل مترابطة ومتداخلة. الأشخاص الذين يُجبرون على مغادرة منازلهم وفقدان مصادر دخلهم هم من بين الفئات الأكثر ضعفًا.
هناك أربعة عوامل رئيسية تؤثر على الأمن الغذائي للفرد: الاستخدام، وإمكانية الوصول، والتوفر، والاستقرار.
الاستخدام يشمل قدرة الأفراد على إعداد الطعام في ظروف صحية، مما يتطلب توفر الوقود والمياه النظيفة، وكذلك قدرة الجسم على امتصاص العناصر الغذائية. فالأشخاص الذين يعيشون في مناطق نائية أو نزحوا بسبب النزاعات أو الكوارث المناخية قد لا يتمكنون من إعداد الطعام بشكل صحيح. واستخدام الغذاء يشمل يمتد ليشمل الاستخدام السليم للبذور لتأمين المحاصيل وعلف المواشي، بالإضافة إلى تقليل خسائر ما بعد الحصاد وزيادة الفائض لتصديره.
أما إمكانية الوصول إلى الغذاء قد تتعرقل بسبب خسارة المحاصيل الناتجة عن الأحوال الجوية القاسية، أو بسبب ارتفاع أسعار الغذاء نتيجة التضخم، أو بسبب عدم قدرة الأشخاص على الوصول إلى الأسواق بسبب النزاعات والكوارث. كما يمكن أن يكون الوصول مقيدًا على أساس النوع الاجتماعي أو العرق أو غيرها من الاعتبارات.


توفر الغذاء يمكن أن يتأثر بعوامل مثل ارتفاع تكاليف الاستيراد أو ضعف البنية التحتية للنقل. وخلال النزاعات، تصبح المواد الأساسية مثل البذور والأسمدة أقل توفرًا وأكثر تكلفة، مما يمنع المزارعين من زراعة المحاصيل حتى لو لم يتم طردهم بالفعل من أراضيهم. وفي العديد من المناطق الريفية، يمكن أن يؤثر ذلك بشكل مباشر على أعداد كبيرة من الناس، حيث تعد المحاصيل المزروعة محليًا مصدرهم الرئيسي للغذاء. كما يمكن أن تؤدي النزاعات إلى تقييد وصول الغذاء إلى الأسواق عبر الطرق. ويمكن أن تسهم البرامج الكبيرة لتوفير المساعدات، سواء من قبل الحكومات أو برنامج الأغذية العالمي أو المنظمات غير الحكومية، في تعزيز توافر الغذاء وإمكانية الحصول عليه، وذلك من خلال توزيع المواد الغذائية على نطاق واسع أو عبر قسائم السلع التي تتيح للناس شراء الطعام من المتاجر المعتمدة.


أما الاستقرار فهو عنصر شامل يتعلق بمدى استقرار العوامل الثلاثة الأخرى (الاستخدام، وإمكانية الوصول، والتوفر). ففي غزة، على سبيل المثال، أدى الانقطاع المفاجئ في الوصول إلى الغذاء وتوفره إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي بشكل كبير.  

كيف تؤثر الفصول المختلفة على الأمن الغذائي؟

 

التقويم الزراعي مهم جدًا للأمن الغذائي. فغالبًا تكون فترة ما قبل الحصاد هي موسم الندرة الغذائية أو "الموسم العجاف"، حيث تكون مخزونات الغذاء منخفضة، ويقل توفر الغذاء في الأسواق، وترتفع الأسعار. وفي المقابل، يكون الغذاء أكثر وفرة وأسعارُه أقل بعد الحصاد. ويمكن أن يؤدي موسم مطري سيئ إلى تأثير مدمر على المحاصيل، وبالتالي على الأمن الغذائي. كما أن العوامل الموسمية قد تؤثر على نفقات أخرى مثل الرسوم المدرسية، مما قد يقلل من الأموال المتاحة لشراء الغذاء. وفي المناطق الحضرية، قد تؤثر عوامل موسمية أخرى على الأمن الغذائي، مثل فترات زيادة فرص العمل وبالتالي زيادة الدخل، أو فترات الهجرة التي تزيد الطلب على الغذاء، أو الأعياد الكبرى التي تستلزم نفقات كبيرة وتقلل من الإنفاق في مجالات أخرى.

هل يوجد مقياس عالمي متفق عليه لانعدام الأمن الغذائي؟

نعم. المعيار العالمي لقياس انعدام الأمن الغذائي الحاد هو التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، والذي يحدد خمس مراحل، تبدأ من "انعدام أو حد أدنى من انعدام الأمن الغذائي" (المرحلة 1) وصولًا إلى "الكارثة" أو "المجاعة" (المرحلة 5). يضم هذا النظام أكثر من 20 شريكًا، بما في ذلك الحكومات ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، حيث يتم تبادل البيانات واستخدام النتائج لتصميم برامج تلبي احتياجات الناس. ويجمع برنامج الأغذية العالمي معلوماته باستخدام مؤشرات معتمدة، مثل مستوى استهلاك الغذاء التي يستخدمها البرنامج منذ أكثر من عقدين، وتُستخدم هذه البيانات لدعم عملياته وهي أيضًا مصدر أساسي للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي. وفي حال عدم توفر بيانات التصنيف المرحلي، يتم اللجوء إلى مقاييس مثيلة، مثل "الإطار المتناسق" (Cadre Harmonisé) في غرب إفريقيا أو طريقة CARI (المنهج الموحد لمؤشرات الأمن الغذائي) الخاصة ببرنامج الأغذية العالمي  

Man in headscarf sitting and smiling, holding a box of WFP food and bottles of oil
برنامج الأغذية العالمي يعزز الوصول إلى الغذاء وتوافره من خلال التوزيعات المستهدفة للسكان. برنامج الأغذية العالمي/زها عكاش

كيف يجمع برنامج الأغذية العالمي المعلومات حول الأمن الغذائي؟

يتم جمع بيانات الأمن الغذائي الحاد بطرق مختلفة. يُعتبر برنامج الأغذية العالمي أكبر مصدر عالمي لبيانات الأمن الغذائي، حيث يوفر تدفقًا مستمرًا من المعلومات لدعم عملياته ويساهم أيضًا في التصنيف المرحلي المتكامل (IPC). يتم جمع هذه البيانات من خلال استبيانات مباشرة ومسوحات عبر الهاتف، وكذلك عبر صور الأقمار الصناعية والنماذج الجغرافية المكانية. وفي المناطق التي يصعب الوصول إليها بسبب النزاعات، يستخدم برنامج الأغذية العالمي وسائل مثل جمع البيانات عن بُعد عبر المقابلات الهاتفية.

أين يتم نشر أرقام الأمن الغذائي؟

تُنشر الأرقام السنوية حول انعدام الأمن الغذائي المزمن في تقرير حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم (SOFI)، والذي يصدر في يوليو من كل عام بالشراكة بين خمس وكالات تابعة للأمم المتحدة، بما في ذلك برنامج الأغذية العالمي. أما الأرقام العالمية عن انعدام الأمن الغذائي الحاد، فتُنشر في التقرير العالمي عن أزمات الغذاء، وهو مبادرة متعددة الشركاء تركز على الدول التي تواجه أزمات غذائية، وكذلك في التقرير العالمي لبرنامج الأغذية العالمي، والذي يركز على البلدان التي يعمل بها البرنامج. وتعرض أحدث أرقام البرنامج على منصات مثل DataViz و HungerMap LIVE المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وقد تختلف الأرقام بسبب التغطية الجغرافية لكل تقرير والفترة الزمنية التي يشملها.

كيف يحسن برنامج الأغذية العالمي الأمن الغذائي؟

يعمل برنامج الأغذية العالمي على تحسين الأمن الغذائي بطرق مختلفة، بالتعاون مع الحكومات ووكالات الأمم المتحدة الشقيقة والمنظمات غير الحكومية وغيرها. ويعزز البرنامج الوصول إلى الغذاء وتوفره من خلال تقديم المساعدات العاجلة خلال الأزمات. كما ينفذ برامج موسمية توفر مزيدًا من الغذاء خلال الفترات العجاف، وتحسن إمكانية الوصول إلى الغذاء للفئات المستضعفة من خلال تقديم مساعدات نقدية لشراء الغذاء.
ينتج صغار المزارعين معظم الغذاء في العالم، لذا يقدم لهم البرنامج تدريبات لتحسين إنتاجهم، وتقليل الخسائر، وتعزيز قدرتهم على التفاوض وتحقيق أسعار أفضل في الأسواق.


وفي بنجلاديش، على سبيل المثال، عزز البرنامج الوصول إلى الغذاء عبر تقديم مساعدات نقدية مسبقة قبل حدوث الفيضانات، مما مكن الناس من شراء الغذاء قبل تعذر الوصول إلى الأسواق. وفي الكونغو الديمقراطية، حسّن البرنامج إمكانية الوصول إلى الأسواق من خلال إعادة بناء الجسور التي تربط المناطق الريفية بالمدن التجارية.


ويوفر البرنامج أيضًا مواقد طاقة فعالة ووقودًا لمساعدة الناس على إعداد الطعام بشكل صحيح، بالإضافة إلى تدريب المجتمعات على كيفية استخراج أفضل قيمة غذائية من وجباتهم، وتقديم دورات تدريبية بشأن تغذية الأطفال. ويسعى البرنامج، مع شركائه، إلى الوصول إلى عالم لا ينام فيه أحد وهو جائع. 

نحن ممتنون للمساهمات المقدمة في هذا المقال من قبل: جيسيكا هارمر ولينا هوفيلد، وحدة التقييم والاستهداف في برنامج الأغذية العالمي، وأيشا تووس، بالمكتب الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ.

 


 

 

 

 

الآن هو الوقت المناسب
لاتخاذ خطوة

يعتمد برنامج الأغذية العالمي على المساهمات الطوعية بالكامل لذا فإن لكل تبرع قيمته
تبرّع الآن