Skip to main content

العمل في خضم الصراع: الحياة كمسؤول عن الخدمات اللوجستية في سوريا

العمل في خضم الصراع:  الحياة كمسؤول عن الخدمات اللوجستية في سوريا
بصفته المسؤول عن الخدمات اللوجستية في برنامج الأغذية العالمي في سوريا ، يقضي لويس بوشوف أيامه في تنسيق حركة قوافل المساعدات الغذائية وعمليات النقل الجوي لهذه المساعدات. يروي لنا لويس مخاطر وتحديات العمل في ظل الصراع الذي يدخل عامه الخامس.

"يبدأ يومي الساعة 6.30 صباحاً بكوب من القهوة. ربما ليست القهوة واحدة من أهم الأشياء التي ترغب في إقتنائها وأنت تعيش في منطقة نزاع مثل هذه- ولكن القهوة هنا جيدة للغاية!
التنقل في أنحاء البلاد يمكن أن يكون خطراً، يقع بيتي ومكتبي في نفس المكان، مما يجعل تنقلاتي قصيرة و قليلة نسبياً. أقوم عادةً بفحص بريدي الإلكتروني الذي يصلني ليلاً، قبل قيامي بمهام عملي اليومية.

 

أنا جزء من مجموعة اللوجستيات، وهو ما يعني في يوم عادي أنني سوف أساعد في ترتيب عمليات النقل الجوي في حالات الطوارئ، وتوفير الشاحنات أو وسائل النقل الأخرى لقوافل توصيل الإمدادات الغذائية ومواد الإغاثة إلى المواقع التي يصعب الوصول إليها، وتنسيق القوافل عبر الحدود التي تحمل المواد الغذائية القادمة من الدول المجاورة لسوريا.

قافلة تنقل المساعدات الغذائية إلى شمال شرق سوريا (الصورة: برنامج الأغذية العالمي/ هاني حمش)
 

قرارات تحطم القلب
حتى الآن في عام 2015، قام فريقي بتنسيق حركة مئات الشاحنات التي تحمل المواد الغذائية ومواد الإغاثة إلى البلاد. في العام الماضي، جنباً إلى جنب مع الوكالات الأخرى، قمنا بنقل المنتجات الغذائية والأدوية والمياه والمواد الصحية إلى أحد المدن التي تم فيها منع الاحتياجات الأساسية عن السكان منذ عام 2012.


يزداد حجم الأزمة في سوريا سوءاً كل يوم، نحن نفتقر إلى التمويل اللازم للوصول إلى الناس الذين يحتاجون لمساعدتنا. يمكن أن تشعر أنه من المستحيل الاستمرار في بعض الأحيان - ولكن هذا ما نقوم به. حتى لو كان  ذلك يعني في بعض الأحيان اتخاذ قرارات صعبة تحطم القلب - مثل تفضيل عائلة على أخرى لأنها أكثر احتياجاً.


يصل برنامج الأغذية العالمي إلى أكثر من أربعة ملايين شخص شهرياً بالمساعدات الغذائية في جميع أنحاء سوريا. تعتمد معظم الأسر الآن بشكل كبير على برنامج الأغذية العالمي من أجل إطعام أنفسهم. بدون برنامج الأغذية العالمي ووكالات أخرى تعمل بلا كلل من أجل الوصول إلى النازحين في سوريا والدول المجاورة، فإن الوضع الإنساني سوف يكون أسوأ من ذلك بكثير.

رجل سوري يحمل صندوق به مساعدات برنامج الأغذية العالمي (صورة: حسام الصالح/برنامج الأغذية العالمي)

 

الأخطار التي تهدد السلامة
في المناطق التي يوجد بها اشتباكات، يمكن أن يكون من الصعب للغاية توصيل الغذاء للناس. إننا نواجه تهديدات لسلامتنا يومياً، لكن لحسن الحظ، يوجد معنا الموظفين المهرة المتخصصين في مجال الأمن التابعين للبرنامج لمساعدتنا على تجنب المواقف الخطرة. أنا أيضاً أبذل قصارى جهدي لاستباق أي مشكلات قد تؤثر على عملياتنا - وضمان التواصل مع بقية أعضاء الفريق في جميع الأوقات.


كانت لي تجربة مخيفة جداً في الآونة الأخيرة بينما كنا نحاول توصيل الغذاء إلى منطقة خطرة بشكل خاص. نظراً لموقعها النائي، وصلنا في وقت متأخر عما كان متوقعاً، مما ترك لنا وقتاً محدوداً لتفريغ الطعام من الشاحنات قبل حلول الظلام. بينما كنا نقوم بتفريغ الصناديق القليلة المتبقية، اندلع اطلاق نار متقطع في الجوار وكان علينا الإسراع بالخروج. لحسن الحظ، استطعنا الخروج بسلام ولكن سيناريوهات مثل هذه ليست نادرة بين الموظفين العاملين في هذه البيئة.


لا يمكننا أن ننسى هذه الأزمة
في يوم عادي، انتهي من العمل حوالي الساعة 7.00 مساءً، أو بعد الانتهاء من جميع العمليات. أحاول أن أجد الوقت للذهاب الى صالة الالعاب الرياضية لمدة ساعة لأن هذا هو وسيلتي للتنفيس عن ضغوط العمل. من المهم جداً أن تأخذ قسطاً من الراحة عند العمل في مثل هذه البيئة المتوترة.


كنت أعرف دائماً أنني أريد وظيفة مثل هذه - وعندما شاهدت برنامج الأغذية العالمي يستجيب للأزمة عام 2006 في تيمور الشرقية، أدركت أنني أريد أن استخدام مهاراتي لمساعدة الناس في الأزمات. وبطبيعة الحال، هناك سلبيات لهذا المنصب - مثل بُعدي عن عائلتي، والعيش في مكان غير آمن وهو ما يمكن أن يقيدك حقاً، ولكننا فريق متماسك وندعم بعضنا البعض.


أي سلبيات تهون أمام الفخر الذي نشعر به في سعينا المشترك لتوصيل المساعدات الغذائية للسكان الذين يعيشون في هذا الصراع كل يوم. يزداد الأمر سوءاً بالنسبة لهم وأشعر بأن علينا أن نستمر في تذكير العالم بهذه الأزمة – فكلما طالت الأزمة، كلما ازدادت قسوة".