النازحون السوريون في رحلة بحث دائمة عن الأمان...ولكنه بعيد المنال
كانت حلب في العصور الوسطى موطن فن العمارة والأسواق التقليدية والمساجد والكنائس، وتعتبر حلب واحدة من أقدم المدن في العالم حيث كانت دائماً مأهولة بالسكان. ولكن بعدما يقرب من ثلاث سنوات من الصراع في سوريا، أصبحت أشبه بمدينة للأشباح.
بينما هاجر السوريون سابقاً إلى المدينة المزدهرة للبحث عن فرصة عمل في مجال المنسوجات والصناعة، والسياحة، يهربون منها الآن للنجاة بحياتهم ويتركون شوارعها مقفرة.
منذ سنة واحدة، فرت زكية وبناتها الثلاث إلى اللاذقية مع مجموعات كبيرة من السكان الذين فروا من البلدات والقرى المجاورة، ويحمل كل منهم على ظهره أشياء بسيطة بجانب بعض الملابس. بقي الرجال لرعاية ممتلكاتهم والشيوخ الذين كانوا أضعف من أن يرحلوا.
تقول زكية: "كانت مسألة حياة أو موت في اليوم الذي هربنا فيه، كان بإمكاننا أن نسمع القتال يقترب بسرعة من منطقتنا وكان علينا أن نهرب، لم يكن لدينا أي خيار". واستطردت قائلة: "كان لدي القليل من الوقت لجمع بعض النقود، وكانت تكفي بالكاد لتغطية نفقات انتقالنا إلى اللاذقية، ناهيك عن شراء الخبز والماء من أجل البقاء".
تتذكر زكية رحلتها هي وأسرتها عبر الصحاري الباردة والحقول والطرق شبه المهجورة، قائلة إن أكثر شيء كان يقلقها هو عدم اليقين. كانت قلقة على صحة ابنتها الحامل "أمل"، والأقارب الذين تركوهم وراءهم، ومن أين ستأتي وجبة طعامهم التالية. كان أحد مخاوفها الرئيسية هو ما إذا كانت ستجد في أي وقت مكاناً تتصل منه بمنزلها مرة أخرى.
لم تعثر زكية على مثل هذا المكان بعد. لقد هربت هي وبناتها من اللاذقية ليستقر جميعهن في قرية من الخيام المؤقتة في حمص. ولكن بعد أسابيع فقط كان عليهن الفرار مرة أخرى، وأخيرا وصلن إلى عدرا العمالية في ريف دمشق، حيث يسعى الآلاف مثلهن للعثور على مأوى.
"لقد كان مثل الكابوس أن تحاول الهرب من شيء أسرع منك، وأنت تفقد قوتك مع كل خطوة تخطوها"، تشرح زكية.
استقرت الآلاف من الأسر في المباني غير المكتملة في عدرا العمالية، وهي منطقة شعبية في مدينة عدرا شرق دمشق حيث يقوم برنامج الأغذية العالمي بتوزيع حصص غذائية على العائلات النازحة هناك. بدون هذه المساعدة، لن تكون الأسر قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية. وتحتوي الحصص على المواد الغذائية الأساسية مثل دقيق القمح والأرز والبرغل والمواد الغذائية المعلبة.
وتقول زكية إن بعض الأمان والحياة الطبيعية بدأت تعود أخيراً إلى حياتهم في عدرا العمالية، كما منحتهم ولادة حفيدتها سلوى بصيصاً من الأمل في حياة عائلتها.
"الآن، الوطن هو المكان الذي توجد فيه سلوى" تقول زكية وهي تضع حفيدتها البالغة تسعة أشهر على ركبتيها.
هذا الشهر، امتد القتال العنيف إلي عدرا العمالية، مما اضطر الآلاف من الأسر إلى الفرار مرةً أخرى. كانت زكية من بينهم ولم تكن وجهتها واضحة. الأمل هو أنها تمكنت من العثور على مكان آمن لسلوى، وهو المكان الذي، على الأقل حتى الآن، يمكنها أن تطلق عليه "وطن".