Skip to main content

تخفيض حاد في الحصص الغذائية لأهالي دارفور

على الرغم من المعاناة الشديدة لملايين المتضررين في السودان، إلا أن برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة أعلن اليوم أن العجز الكبير في التمويل سيضطره إلى تقليل الحصص الغذائية بشكل حاد بدءاً من الشهر المقبل...

الخرطوم– 28 أبريل 2006 - رغم المعاناة الشديدة لملايين المتضررين في السودان، إلا أن برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة أعلن اليوم أن العجز الكبير في التمويل سيضطره إلى تقليل الحصص الغذائية بشكل حاد بدءاً من الشهر المقبل.

ومن خلال تقليل الحصص الغذائية اليومية إلى أقل من 1050 سعر حراري – أي نصف الحد الأدنى من السعرات التي يحتاجها كل فرد يوميا وهي 2100 سعر حراري- سوف يتمكن البرنامج من الحفاظ على المخزون الغذائي المحدود لديه بحيث يتمكن من توزيعه خلال "موسم الجوع" السنوي (من يوليو حتى سبتمبر) عندما تصل الحاجة إلى الغذاء إلى ذروتها قبل موسم الحصاد.

أحد أصعب القرارات

وقال جيمس موريس، المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي: "إنه واحد من أصعب القرارات التي اتخذتها. لقد عانى أهالي دارفور بما فيه الكفاية ونحن الآن نجعل الأوضاع أكثر صعوبة.

ومن الصعب فهم سبب هذا العجز في التمويل لأن مساعدات التنمية الرسمية الدولية قفزت في العام الماضي إلى 107 مليار دولار أمريكي – أي ضعف ما كانت عليه في الأعوام القليلة الماضية. وعلى الرغم من أن المانحين يتميزون بالسخاء الشديد، إلا أنهم لا يعطون ضحايا أزمة دارفور الأولوية في قائمتهم."

ما يزعجنا حقا هو أن هذا العجز في التمويل يهدد المكاسب التي حققتها وكالات الإغاثة الإنسانية العام الماضي في دارفور حيث انخفضت معدلات سوء التغذية بمقدار النصفجيمس موريس، المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي

وأضاف موريس: "يجب أن يأتي الغذاء أولا. لا يمكننا وضع الأسر التي فقدت منازلها وأحبائها تحت نظام غذائي يحتوي على 1000 سعر حراري يومياً. لقد اضطررنا إلى خفض الحصص الغذائية في السودان حتى نتمكن من توفير بعض الغذاء للأشخاص الأشد احتياجاً أثناء موسم الجوع. وما كان ينبغي من الأصل أن نضطر إلى اتخاذ مثل هذا الإجراء. لقد قدم المانحون يد العون لنا كثيرا في العام الماضي 2005، ولا ينبغى لهذا الدعم أن يتراجع في العام الحالى."

مناشدات متكررة

وبالرغم من المناشدات المتكررة للمانحين، فقد تلقى برنامج الأغذية العالمي 238 مليون دولار أمريكي فقط - أي نحو 32 بالمائة من 746 مليون دولار أمريكي يحتاجها من أجل تمويل جهوده لتوفير المساعدات الغذائية لقرابة 6.1 مليون شخص في السودان خلال العام الحالي، تحديدا في دارفور والجنوب والوسط والشرق والمناطق الثلاث (المناطق الانتقالية سابقاً: أبيي وجنوب كردفان والنيل الأزرق).

ويخشى البرنامج على وجه الخصوص من تأثير خفض الحصص الغذائية في دارفور حيث يتسبب الوضع الأمني المتدهور في زيادة معاناة الأهالي هناك.

ومن المقرر أن يحصل أهالي دارفور على نصف الكمية المعتادة من الحبوب والأغذية المخلوطة المقواة والزيوت النباتية، وربع الكمية من البقوليات والسكر والملح. وبذلك ستنخفض نسبة الطاقة في هذه الحصة الغذائية من الحد الأدنى لاحتياجات الفرد اليومية من السعرات الحرارية التي تبلغ 2,100 إلى 1,050 سعر حراري لكل فرد يوميا.

كما ستنخفض بالمثل الحصص الغذائية في شرق البلاد حيث يساعد برنامج الأغذية العالمي اللاجئين النازحين من إريتريا والأسر المهجرة.

ارتفاع معدلات سوء التغذية

وأردف موريس: " ما يزعجنا حقا هو أن هذا العجز في التمويل يهدد المكاسب التي حققتها وكالات الإغاثة الإنسانية العام الماضي في دارفور حيث انخفضت معدلات سوء التغذية بمقدار النصف. لقد حققنا تقدما كبيرا في هذا الشأن.

وأوضح مسح غذائي أجرى في سبتمبر الماضي أن أربع من خمس أسر مازالت معتمدة على المعونات الغذائية. و نحن قلقون للغاية لأن تقارير اليونيسف بدأت فى الاشارة فعلا الى ارتفاع فى معدلات سوء التغذية هذا العام."

وكان برنامج الأغذية العالمي قد أعلن في شهر مارس الماضي عن أول تقليل للحصص الغذائية من البقوليات والسكر والملح بمقدار النصف (من حيث الوزن) لأكثر من 3.5 مليون شخص في السودان وذلك بسبب بطء استجابة المانحين.

بطء استجابة المانحين

إنه واحد من أصعب القرارات التي اتخذتها. لقد عانى أهالي دارفور بما فيه الكفاية ونحن الآن نجعل الأوضاع أكثر صعوبةجيمس موريس، المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي

وحتى نهاية شهر فبراير الماضي كان لدى البرنامج أربعة بالمائة فقط من قيمة التبرعات التي يحتاجها لدعم عملياته في السودان خلال عام 2006. وعلى الرغم من أن برنامج الأغذية قد حصل على بعض التبرعات منذ ذلك الحين، إلا أنها كانت قليلة ومتأخرة للغاية حتى إن البرنامج لم يستطع تفادي تقليل الحصص الغذائية للمرة الثانية.

وكان من المستحيل أيضا أن يقوم البرنامج بشراء وتخزين معونات تكفي لتوزيع حصص غذائية كاملة على مئات الآلاف من سكان المناطق التي سوف يتعذر الوصول إليها براً خلال موسم الأمطار (والذي يبدأ من يونيو وينتهي في سبتمبر). وقد تمر أربعة أشهر أو أكثر حتى تتحول التعهدات إلى مساعدات غذائية فعلية على أرض السودان.

ولن يتأثر الجنوب – الذي يتعافى حاليا بعد عقدين من الحرب الأهلية- بهذه الاستقطاعات من الحصص الغذائية حيث أن معظم السكان هناك يحصلون على 50 إلى 75 بالمائة من الحصة الغذائية الكاملة في عمليات توزيع الأغذية العامة. ويضع البرنامج في الحسبان أن سكان الجنوب يمكنهم الحصول على جزء من احتياجاتهم الغذائية من خلال الزراعة.

فترة حرجة

أما بالنسبة للعائدين والنازحين واللاجئين فسيستمرون فى الحصول على الحصص الكاملة في الجنوب ومثلهم أطفال المدارس والأطفال والأمهات الذين يعانون من سوء التغذية حيث يتلقون التغذية التكميلية والعلاجية. وستتأثر مناطق أبيي وجنوب كردفان والنيل الأزرق بالاستقطاعات ولكن أقل من دارفور وشرق البلاد.

ويحتاج مئات الآلاف من العائدين والمجتمعات المستضيفة المتضررة في الجنوب وهذه المناطق الثلاث إلى المعونات الغذائية حتى يتسنى لهم تخطى الأشهر الأولى الصعبة قبل أن يصبحوا قادرين على الاعتماد على أنفسهم.

وقال موريس: "على مدار هذا العام الحرج بالنسبة للسودان – حيث يجب إرساء السلام في البلاد – يحتاج برنامج الأغذية العالمي بشكل عاجل إلى تبرع الجهات المانحة حتى يتمكن من تأمين المساعدات الغذائية لملايين السودانيين الذين هم في حاجة ماسة إلى هذا العون."