مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP27): كيف يستجيب برنامج الأغذية العالمي لأزمة المناخ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
أدى انتشار الجائحة العالمية على مدار عامين وما أحدثته من اضطراب للمزارعين الصغار والكبار على حد سواء إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية في عام 2022.
لقد مر عامان على انتشار الجائحة العالمية التي أدت إلى حدوث اضطراب كبير لصغار وكبار المزارعين على حد سواء وترتب على ذلك الارتفاع المتواصل في أسعار المواد الغذائية الذي بلغ أعلى مستوياته في عام 2022.
وتراجعت المكاسب التي تحققت في حالات كثيرة لتحقيق "القضاء التام على الجوع" في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بحلول عام 2030؛ حيث يستمر الجوع والفقر في الارتفاع. وأحد الأسباب الرئيسية لذلك هي النزاعات - فقد انعكس التأثير غير المباشر للحرب الأوكرانية على الجميع وقد أدت دون شك إلى القضاء على الأخضر واليابس برغم تدفق المساعدات الإنسانية.
فالكثير من بلدان المنطقة - مثل اليمن - تعتمد اعتمادًا كبيرًا على واردات المواد الغذائية مثل الحبوب والزيت القادمة من منطقة البحر الأسود. كما أدى الارتفاع الهائل في الأسعار، الذي امتد تأثيره إلى الأسمدة أيضًا، إلى جعل التغذية الأساسية بعيدة عن متناول الملايين. ويجتمع قادة العالم في شرم الشيخ لحضور مؤتمر المناخ (COP27) من أجل التصدي لأزمة المناخ التي تعد المحرك الرئيسي المؤجج للجوع.
ومع استمرار ظاهرة الاحترار العالمي، فإنه بحلول عام 2030 يتوقع أن تزيد واردات الحبوب في بلدان مثل مصر والعراق والأردن بنسبة 20 في المائة أو أكثر. فهل يمكن لمثل هذه الاقتصادات أن تصمد أمام الضغوط التي تضطرها إلى استيراد أغذية أساسية مدعومة؟ وهل سيكون الغذاء في متناول الأشخاص الذين يكافحون حاليًا لتغطية نفقاتهم؟ على الأرجح لا، ما لم يتم وضع حلول طويلة الأجل لتغيير الممارسات الزراعية التقليدية.
وطالما كان برنامج الأغذية العالمي في مقدمة المبادرين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمساعدة المجتمعات الريفية على التكيف مع تداعيات تغير المناخ، حيث يقدم حلولًا ذكية مناخيًا لأكثر من مليون شخص في عشرة بلدان.
فهل سيتحقق المستقبل الذي سيتمكن الناس فيه من إنتاج الأغذية التي يحتاجونها – مما سيخفف عن الحكومات عبء الاضطرار إلى التصدي لنقص الإنتاج في داخل البلاد؟ وفي منطقة ترتفع فيها درجة حرارة الأرض ضعفي مقدار ارتفاعها في بقية مناطق العالم، لن يكون ذلك ممكنًا إلا من خلال التكيف المناسب مع تغير المناخ.
وفي مصر، يكافح صغار المزارعين بالفعل بسبب حصولهم على كميات من المياه أقل مما اعتادوا الحصول عليه. ولم يعد بإمكانهم غمر أراضيهم بالمياه واستخدام أساليب الري التي كانت تستخدم في الواقع قديمًا في عالمٍ كان يعيش فيه عدد أقل من الناس، وتتوفر فيه المزيد من الموارد الطبيعية، وكان المناخ فيه غير مضطرب.
إن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تغطي الصحراء غالبية مساحتها هي واحدة من أكثر مناطق العالم ندرة في موارد المياه.
وانتقالًا عبر نهر النيل إلى الأقصر في صعيد مصر - حيث تعتمد 90 في المائة من الزراعة على قطع مجزأة من الأرض، كل منها أقل من فدان واحد - تمكن برنامج الأغذية العالمي من تغيير حياة أكثر من 350 ألف مزارع في أكثر من 60 قرية من خلال تنفيذ حزمة تنموية استهدفت الأسرة بأكملها.
وعلى مدار سنوات، كافح صغار المزارعين لأنهم يفتقرون إلى المعرفة والخبرة للتعامل مع الواقع الجديد الذي فرضته أزمة المناخ التي تتحدى أساليب الزراعة التي سبق تجربتها واختبارها، وأصبحوا يلجؤون إلى تجميع أراضيهم.
ويعمل برنامج الأغذية العالمي على تعريف المزارعين في المنطقة التي تتميز بشمسها الساطعة على الطاقة النظيفة التي توفر لهم المال، وتساعدهم على استخدام المياه استخدامًا أكثر كفاءة، مما يزيد من غلاتهم الزراعية بعد معاناتهم لسنوات.
وكما يقول أحد المزارعين في الأقصر موضحًا: "لقد غيرت الطاقة الشمسية من قواعد اللعبة ... نحن نضغط الآن على زر ويتم التشغيل وضخ الكثير من المياه عبر مضخة المياه التي تعمل بالطاقة الشمسية." وعلى بساطتها، غيرت الطاقة الشمسية حياة عشرات الآلاف من المزارعين في جميع أنحاء المنطقة.
وفي العراق ومصر وفلسطين وليبيا، يقوم برنامج الأغذية العالمي بتركيب لوحات الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء للمساعدة في تحسين الوصول إلى المياه والحد من تكاليف الوقود لصالح صغار المزارعين. وفي الوقت الحالي، يوفر المزارعون في مصر ما يصل إلى 60 في المائة من تكاليف الطاقة.
وفي صعيد مصر، إذا كنت ممن يملكون فدانًا واحدًا من الأرض يدر دخلًا أقل من 300 دولار أمريكي سنويًا، فلن تتمكن من تحمل تكاليف المدخلات الزراعية وتجهيز حقلك لموسم الزراعة القادم. ويقول المزارعون إن الدخل الذي تدره الأرض لا يكفي أبدًا لتلبية احتياجات أسرهم، ناهيك عن المدخلات التي يحتاجونها لموسم الزراعة التالي أو حتى لحصاد محاصيلهم، والتي عادة ما تستهلك نصف إمكانات الأرض.
وغالبًا ما يضطرون إلى التخلي عن الإنفاق على تعليم أطفالهم، ويكافحون من أجل وضع الغذاء على موائدهم ويعيشون حياة صعبة بشكل عام، غير قادرين على تحمل نفقات أنفسهم، ناهيك عن التزاماتهم نحو غيرهم.
وفي الوقت الحالي، يرى الكثيرون أن المزارع الكبيرة وتملك المزيد من الأراضي يولد المزيد من الأرباح وينتج المزيد من الغذاء. وبناءً على ذلك، يعمل برنامج الأغذية العالمي مع المزارعين على تجميع أراضيهم المجزأة. وفي حين أن تجميع الأراضي له تأثير مباشر على نفقات المزارعين مما يسمح لهم بتوفير الوقود والمدخلات الزراعية الأخرى، فإنه يوفر أيضًا المياه الثمينة ويقلل من انبعاثات الكربون - وهو جهد مباشر نحو التخفيف من تأثير تغير المناخ. وفي عام 2022، ساعد برنامج الأغذية العالمي أكثر من 3000 مزارع من صغار المزارعين في مصر على تجميع 2400 فدان من الأراضي.
وأدت المشروعات التي ينفذها برنامج الأغذية العالمي للتكيف مع تغير المناخ في مصر إلى تحسين إدارة الأراضي والمياه لأكثر من 10000 فدان. وكذلك زادت إنتاجية الأرض بنسبة 40 في المائة، وانخفضت تكاليف المدخلات بنسبة 25-40 في المائة، وانخفضت خسائر الحصاد بما يقرب من 50 في المائة.
ويلتزم برنامج الأغذية العالمي بضمان أن تركز تدخلاته تركيزًا قويًا على المناخ والقدرة على الصمود - بهدف مضاعفة تمويل العمل المناخي في المنطقة أربع مرات بحلول عام 2025 - وهو ما يعني إنفاق حوالي 150 مليون دولار أمريكي على بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ومنذ عام 2015، زاد عدد الأشخاص الذين يدعمهم برنامج الأغذية العالمي من خلال برامج التكيف مع تغير المناخ والقدرة على الصمود بمقدار خمسة أضعاف. فالاستثمار في صغار المزارعين، وتبني التكنولوجيا الزراعية والطاقة الخضراء الآن، من شأنه أن يدفع إنتاج الغذاء نحو مستقبل غذائي آمن لبلدان المنطقة.