الاستثمار في المستقبل: أفريقيا تحرز تقدماً كبيراً في مجال الوجبات المدرسية

في مدرسة أوليمبيك الثانوية، في مستوطنة كيبيرا غير الرسمية في نيروبي، تتفحص ميرسي ممبوغا البالغة من العمر 17 عامًا بعناية نمو أوراق السبانخ الصغيرة، المرتبة في صفوف من الأنابيب البلاستيكية المعاد تدويرها في فناء المدرسة الخلفي.
تقول عن طريقة الزراعة الخالية من التربة: "لقد تعلمت عن الزراعة المائية في حصة الزراعة. لقد أذهلتني". وتضيف: "يمكنني استخدام قطعة صغيرة من الأرض للزراعة."
تقوم هي وطلاب أوليمبيك الآخرون بحصاد النباتات الصغيرة مرتين في الأسبوع حيث تزيد من القيمة الغذائية لوجبات الغداء التي تقدم لـ 1200 طالب في المدرسة.
منذ وقت ليس ببعيد، كان برنامج الأغذية العالمي هو من يوفر تلك الوجبات. ولكن منذ عام 2018، تدير الحكومة الكينية البرنامج الوطني بالكامل؛ ويقدم برنامج الأغذية العالمي الآن الدعم الفني فقط، مثل تركيب البنية التحتية للزراعة المائية.
تحت قيادة الحكومة، ارتفعت تغطية برنامج الوجبات المدرسية حيث شملت 2.6 مليون طفل العام الماضي، مقارنة بـ 1.8 مليون طفل في عام 2023. وتعد السلطات الكينية بتوسيع نطاق التغطية بشكل أكبر، تماشيًا مع الاستراتيجية الوطنية لتوفير تغطية شاملة للوجبات المدرسية، لتصل إلى 10 ملايين طفل بحلول عام 2030.

تعكس قصة نجاح كينيا توجها أوسع. فعلى مستوى العالم، يتلقى ما لا يقل عن 466 مليون طفل وجبات مدرسية من خلال برامج تقودها الحكومات، بزيادة قدرها 20 بالمائة خلال أربع سنوات. في البلدان متوسطة الدخل، خفض برنامج الأغذية العالمي دعمه المباشر لبرامج الوجبات المدرسية إلى النصف تقريبًا، حيث تتولى السلطات الوطنية المسؤولية بشكل متزايد.
تحقق منطقة أفريقيا جنوب الصحراء بعضًا من أروع الإنجازات؛ حيث يتلقى 20 مليون طفل إضافي وجبات مدرسية من خلال برامج تقودها الحكومات مقارنة بعام 2022. على مستوى القارة، يستفيد 71.5 مليون طالب من الوجبات أو الوجبات الخفيفة اللذيذة، حيث تدرك السلطات بشكل متزايد أنها استثمارات وطنية ضرورية في صحة الأطفال وتعليمهم وتنمية قدراتهم.
تقول كارمن بوربانو، مديرة قسم الوجبات المدرسية في برنامج الأغذية العالمي: "لقد تحسنت حقا الريادة في أفريقيا"، مسلطة الضوء ليس فقط على كينيا، ولكن أيضًا على الدول الأخرى التي حققت إنجازات كبيرة، بما في ذلك رواندا وبنين. وتضيف عن الوجبات المدرسية: "إنها مسألة إرادة سياسية. إنها مسألة برنامج يعرف الجميع الآن أنه يعمل، وأنه سياسة راسخة. وأصبح القادة يولون لها اهتماماً كبيرة من أجل مستقبل الأطفال في تلك البلدان."

في بلدان مثل بوركينا فاسو وليسوتو ورواندا، يتم تمويل برامج الوجبات المدرسية اليوم بشكل رئيسي من خلال الميزانيات الوطنية. وقد ضاعفت دول أخرى، بما في ذلك إثيوبيا وبوروندي، استثماراتها في الوجبات المدرسية مرتين أو ثلاث مرات منذ عام 2022، بينما لا تزال تتلقى بعض التمويل الخارجي.
تقول إدنا كالالوكا، رئيسة قسم التغذية المدرسية في المكتب الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي لشرق وجنوب أفريقيا: "تولي الحكومة للمسؤولية هو قصة نجاح. هذا يعني أننا نحقق أهدافنا. الملكية الحكومية تعزز الاستدامة."
أكثر من مجرد وجبة
في كينيا، لا تقتصر الاستراتيجية على توسيع نطاق برامج الوجبات المدرسية بل تهدف الحكومة أيضًا إلى دمج الممارسات الصديقة للبيئة - مثل الزراعة المائية - في البرامج، وتعزيز الأنظمة الغذائية المحلية. يدعم برنامج الأغذية العالمي هذه المبادرات، حيث يتم زراعة الطعام في المدرسة، أو يتم الحصول عليه من المزارعين المحليين. وتظهر النتائج أن هذه الاستراتيجية يمكن أن تولد ما بين 7 دولارات و35 دولارًا أمريكيًا في العوائد الاقتصادية مقابل كل دولار أمريكي يتم استثماره في الوجبات المدرسية. في العام الماضي، حصلت شرق أفريقيا وحدها على أكثر من 32,000 طن متري من الغذاء من أكثر من 18,000 مزارع، مما ضخ ما يقرب من 16 مليون دولار أمريكي في الاقتصادات المحلية.

في مدرسة أوليمبيك في كيبيرا - إحدى أكبر المستوطنات العشوائية في أفريقيا، حيث ترتفع معدلات سوء تغذية الأطفال - يسمح نظام الزراعة المائية المدعوم من برنامج الأغذية العالمي للطلاب بزراعة الخضروات بسرعة أكبر مما لو كانت بالزراعة التقليدية. تتطلب الزراعة المائية أيضًا كمية أقل بكثير من المياه، وهذا يناسب ظروف البلد الذي يعاني من موجات جفاف متكررة. يرغب بعض طلاب أوليمبيك، مثل ميرسي، الآن في أن يصبحوا مزارعين عندما يكبرون.
تقول ميرسي عن الخضروات المزروعة في أوعية الزبادي القديمة: "هذه الخضروات تساعدنا في الحصول على العناصر الغذائية للتركيز في الفصل والتعلم. يمكنني إعادة تدوير البلاستيك. إنه جيد للبيئة."
في أماكن أخرى في أفريقيا، تكتسب الوجبات المدرسية محلية المصدر أيضًا زخمًا، مما يعد دافعاً قوياً لتعزيز الوجبات المدرسية في البلدان التي تعتمد زراعتها على صغار المزارعين. هذا هو الحال في رواندا، حيث يتلقى جميع التلاميذ البالغ عددهم 4.5 مليون تلميذ في البلاد وجبات مدرسية.

المزارعون مثل كليمنتين موكانديسينغا، في منطقة كايونزا الشرقية في رواندا، هم محور هذه الاستراتيجية. وهي عضو في تعاونية مزارعين يدعمها برنامج الأغذية العالمي وتورد الفواكه والخضروات لمدرسة أطفالها، وقد قامت للتو بحصاد دفعة جديدة من القطيفة، وهو نبات مغذٍ.
تقول موكانديسينغا: "حقيقة أن أطفالي يأكلون في المدرسة كانت مفيدة جدًا لهم. أرى ذلك من بطاقات تقاريرهم المدرسية. من خلال البيع للمدارس والأسواق، تمكنت أنا وزوجي من توفير المال اللازم وقمنا بشراء قطعة أرض."
في بوروندي المجاورة، عززت الوجبات المدرسية محلية المصدر دخل المزارعين بنسبة 50 بالمائة في عام 2024 ووفرت فرص عمل في عشرات التعاونيات.
في بنين، حيث تولت الحكومة أيضًا ملكية برنامج الوجبات المدرسية - وحيث يوفر المزارعون المحليون بالمثل المكونات - تقول شيكينا أهانوتو إن الطعام يساعدها على التعلم. تقول الفتاة البالغة من العمر تسع سنوات، والتي ترغب في أن تصبح قاضية: "أعلم أنه عندما أتناول وجبة المقصف، سأكون بصحة جيدة وسأتمكن من متابعة الدراسة في الفصل."

في جنوب مالاوي، وهو بلد تشير فيه الدراسات إلى أن كل دولار أمريكي ينفق على الوجبات المدرسية يكون له عائد بقيمة 8 دولارات أمريكية. ويقول المدير فيليكس ماليندا إن الطلاب كانوا يتسربون من المدرسة بسبب الفقر والجوع. الآن، مع الوجبات التي يوفرها المزارعون، يقول: "لقد لاحظنا أن معدل الالتحاق بالمدرسة يتزايد."
التكيف مع الأزمات
على الرغم من هذه الخطوات، لا تزال التحديات قائمة في ضمان حصول طلاب أفريقيا على الوجبات التي يحتاجونها. في بعض البلدان الأفريقية، جراء النزاعات وتقليص التمويل والقيود على إمكانية الوصول للمحتاجين، اضطر برنامج الأغذية العالمي والحكومات إلى تقليص التغطية للطلاب بشكل حاد، وفي بعض الأحيان أغلقت مدارس بالكامل أبوابها.
هذا هو الحال في السودان، حيث أجبرت الحرب الأهلية المستمرة حوالي 16 مليون طفل على ترك المدرسة وعطلت سلاسل الإمداد الغذائي بشكل كبير. ومع ذلك، استفاد أكثر من نصف مليون طالب من الوجبات المدرسية التي تم شراؤها محليًا العام الماضي - حيث اشترى برنامج الأغذية العالمي حبوبًا بقيمة 6 ملايين دولار أمريكي من المزارعين المحليين.
في بلدة الحفاير الصغيرة، في شرق السودان، أغلقت المدارس لكن التعلم لم يتوقف. ولم تتوقف الوجبات المدرسية أيضًا؛ بل يتلقى الأطفال حصص برنامج الأغذية العالمي المنزلية. في يوم فائت، تجمع العشرات من الأطفال ليغنوا في مستشفى مهجور تحول إلى مدرسة مؤقتة. جاء العديد منهم من مخيم قريب يؤوي نازحين سودانيين بسبب النزاع.

قال المعلم حسن: "أعتقد أن الجيل الحالي يحتاج إلى تعليم جيد للتقدم وإفادة بلده ومجتمعه وعائلته". وهو، الذي نزح بسبب القتال، يعد من بين مجموعة من المتطوعين الذين يقومون الآن بتعليم الأطفال. (لا يستخدم برنامج الأغذية العالمي اسمه الأخير لحمايته).
معلمة متطوعة أخرى، هناء، من مدينة سنار - على بعد حوالي 600 كيلومتر - مصممة بالمثل على منح الجيل القادم في السودان تعليمًا. تقول: "من المهم أن يحصل الطلاب على وجبات كافية، لأنه إذا كانوا بصحة جيدة، فسوف يفهمون كل ما يتم تدريسهم إياه."
ساهم في كتابة هذه القصة ليزا موراي، بسمارك سوسا، جوليو دالادامو، وأبو بكر جار النبي.
يتم دعم برامج التغذية المدرسية لبرنامج الأغذية العالمي في أفريقيا من قبل جهات مانحة تشمل بنك التنمية الأفريقي، وبوروندي، ومؤسسة التعليم لا يمكن أن ينتظر، وفرنسا، واليابان، وكينيا، وجمهورية كوريا، وتطبيق ShareTheMeal، ومكتب الصندوق الاستئماني متعدد الشركاء التابع للأمم المتحدة، ووزارة الزراعة الأمريكية.