برنامج الأغذية العالمي وشركاء الأمم المتحدة يقدمون للنساء الأدوات اللازمة لبناء القدرة على الصمود في منطقة سيجو المضطربة في مالي
بعد ظهيرة يوم أربعاء حار ترحب أتوماتا نيماجا مبتسمة بالنساء اللاتي يصلن إلى مركز صحي محلي في قرية دوتيمبوغو بوسط مالي حاملين أطفالهن الرضع بشكل آمن على ظهورهن،
منذ وقت ليس ببعيد، واجهت أتوماتا وهي أم لثلاثة أطفال في العشرينيات من عمرها جوعًا شديدًا عرض جنينها للخطر. ولكن وصول المساعدات الغذائية لبرنامج الأغذية العالمي مكنها من تناول الأطعمة المغذية أثناء حملها.
تقول أتوماتا عن طفلتها الرضيعة التي تواصل إرضاعها: "إن رؤية ابنتي تبدو أكثر صحة يمنحني السلام. أريد أن يعرف الآخرون هذا الشعور نفسه".
أصبحت أتوماتا الآن متطوعة محلية تقوم بتعليم نساء القرية الأخريات الممارسات الغذائية الصحية، كجزء من برنامج مشترك ينفذه برنامج الأغذية العالمي مع وكالات الأمم المتحدة الأخرى، مثل منظمة الامم المتحدة للطفولة (اليونيسف) ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، لمساعدة الأسر على تعويض الآثار الضارة. من الصدمات المناخية والكوارث الإنسانية.
بينما تقوم أتوماتا بشرح التوصيات حول التغذية والنظافة، توضح أمهات أخريات كيفية طهي عصيدة من الدخن المحلي المدعم بعناصر مغذﱢية. تنتشر الرائحة المشهية في الهواء ويتم توزيع أكواب العصيدة على الأمهات الجالسات على مقاعد تحت السقف الصفيحى للمركز الصحي.
من خلال دمج الجهود الرامية إلى تحسين النظافة والتغذية والزراعة، تم إطلاق مشروع الأمم المتحدة المشترك في منطقتي باندياجارا وسيجو اللتين مزقتهما الصراعات في مالي. يهدف البرنامج إلى وضع أكثر من 38 ألف امرأة في قلب عملية التنمية، وتزويدهن بالمعرفة والأدوات اللازمة لمواجهة التحديات التي يواجهها الكثيرون.
يقول ممثل برنامج الأغذية العالمي في مالي ومديره القطري إريك بيرديسون: "هذا المشروع يُقر بالنساء كقوة، كمزارعات ورائدات أعمال وعضوات في التعاونيات واللجان الإدارية والفئات الاجتماعية الأخرى".
ارتفاع معدلات سوء التغذية لدى الأطفال
مثل أجزاء أخرى من مالي، عانت سيجو من العنف الطائفي الذي خلف سلسلة من الحقول المحترقة وأجبر مئات الآلاف من الأشخاص على الفرار من قراهم.
كما أدى تغير المناخ إلى تقويض مجتمعات الزراعة والرعي المحلية، مع تزايد حدة الجفاف وكذلك غزارة الأمطار. بسبب هذين العاملين المحركين للجوع، لا تستطيع نصف الأسر في مالي الحصول على طعام مغذ.
في جميع أنحاء البلاد، يعاني أكثر من 11% من الأطفال دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد، وهو مستوى يتجاوز حد الطوارئ الذي حددته منظمة الصحة العالمية. أما في سيجو وفقًا لدراسة نُشرت هذا العام يتعرض 15% من الأطفال دون سن الخامسة، إلى جانب الأمهات الحوامل والمرضعات، لخطر سوء التغذية. يمكن لأقل من نصف السكان الوصول إلى نقاط المياه الضرورية للناس والماشية والمحاصيل في هذا البلد شبه القاحل في منطقة الساحل الافريقي.
في دوتيمبوجو والقرى الأخرى، ومن خلال العمل مع السلطات المحلية، يدعم برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة المزارعات في الحصول على فرص متساوية للحصول على الأراضي والبذور والمدخلات الزراعية مثل الأسمدة. ويعمل برنامج الأغذية العالمي مع المجتمعات المحلية لإنشاء مدارس ميدانية، لتعليم المزارعين أفضل الممارسات الزراعية والرعوية، في حين توفر منظمة الأغذية والزراعة البذور.
يعمل برنامج الأغذية العالمي واليونيسف أيضًا مع مجموعات تطوعية من النساء المحليات لتنظيم جلسات توعية أسبوعية في مجتمعاتهن حول فوائد التغذية الجيدة والرضاعة الطبيعية وممارسات النظافة الشخصية مثل غسل اليدين. وتقوم المنظمتان بالإضافة إلى ذلك بتزويد المرافق الصحية المحلية بالمعدات والأدوية والتدريب للكشف عن سوء التغذية وعلاجه.
تقول خبيرة التغذية في برنامج الأغذية العالمي عائشة مورجاي: "إننا نعطي الأولوية للتدخلات التي تدمج التغذية والنظافة والصحة والأمن الغذائي لمساعدة المجتمعات الضعيفة على تحسين حالتهم التغذوية والحصول على الخدمات الصحية الكافية وتحسين لدعم سبل كسب العيش".
في دوتيمبوجو، تتنقل قائدة الصحة المتطوعة أتوماتا من بيت إلى بيت للتأكد من أن النساء يتبعن الممارسات الجيدة التي تشرحها لهن. تقول أتوماتا: "هذا يحفزني على مواصلة إحداث فرق في مجتمعي".
بذور للمستقبل
في المركز الصحي لبلدية بويدي في سيجو، يقول الدكتور أليو ساماكي إن النهج التكميلي المتمثل في النظافة الجيدة والتغذية والدعم الزراعي يؤتي ثماره. وقد تعافى جميع أطفال المنطقة تقريباً الذين عولجوا من سوء التغذية المعتدل والحاد في إطار برنامج الأمم المتحدة المشترك بشكل كامل. كما تحسنت نسبة حضور النساء لاستشارات ما قبل الولادة.
يقول الدكتور ساماكي: "إن الجمع بين هذه الأنشطة ومنتجات التغذية المحلية أمر ضروري لمكافحة سوء التغذية".
وفي كامبا، وهي قرية أخرى في منطقة سيجو، شهدت أكوماتا ساكو أطفالها الأربعة وهم ينمون بقوة، ويرجع ذلك جزئياً إلى ممارسات التغذية الجيدة والمساعدات التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي.
قبل بضع سنوات غادر زوجها للبحث عن عمل في بلد مجاور بينما كانت أكوماتا حاملاً، وكانت الأسرة فقيرة للغاية لدرجة أنها لم تتمكن حتى من شراء البذور للزراعة،.
تقول أكوماتا عن الدعم الذي كان جزءاً من برنامج بناء القدرة على الصمود: "جاءت المساعدات الغذائية التي قدمها برنامج الأغذية العالمي في الوقت المناسب".
حصلت أكوماتا على حصة من الدقيق المدعم بالمغذيات الدقيقة لمدة ثلاثة أشهر لابنيها الأصغر سناً، وكلاهما دون العامين. كما تلقت أيضًا مساعدة نقدية من برنامج الأغذية العالمي تبلغ قيمتها حوالي 160 دولارًا أمريكيًا استخدمتها لشراء بذور لزراعة الفاصوليا، والتي تصنع منها الفطائر لبيعها.
تقول أكوماتا مبتسمة: "أستطيع إطعام أطفالي بواسطة ما أكسبه من دخل".
الآن عاد زوجها واجتمع شمل الأسرة. ومن كشك خشبي بجوار منزلهم تقوم ببيع العصيدة المغذية. ويعم الهدوء الفناء الواسع بينما يستمتع أطفالها بالأكل.
أصبح برنامج الأمم المتحدة المشترك ممكنًا بفضل التمويل المقدم من كندا.
نُشرت هذه المقالة لأول مرة في 28 نوفمبر 2023 وتم تحديثها في 3 يناير 2024.