"لقد فقدنا كل شيئ" وصول اللاجئين السودانيين إلى تشاد بينما يخيم شبح أيام عصيبة في الأفق
هربت عائشة مادار البالغة 50 عاماً مع ابنتها فاطمة عندما وصل المقاتلون إلى قريتها في السودان. لتنضما إلى الآلاف من الأفواج الهاربة عبر الحدود إلى شرق تشاد.
تقول عائشة الجالسة مع مجموعة من اللاجئين محتضنة ابنتها ذات العام الواحد: "قامت الجماعات المسلحة بحرق كل شيئ. لا نملك أي شيئ فقد خسرنا كل شيئ هناك."
عائشة هي واحدة من عشرات الآلاف من اللاجئين السودانيين الذين هربوا من العنف المتصاعد في بلدهم الأم وتقدر الأعداد بحوالي 270،000 أو أكثر كما تحذر الأمم المتحدة.
يتجه الأغلبية إلى جنوب السودان وتشاد وهي بلدان تصارع بدورها أعلى نسب الجوع عالمياً ما ينذر بزيادة هذه النسب إذ يهدد الصراع في السودان بإعاقة التجارة الحيوية عبر الحدود و زيادة أسعار الأغذية بشكل كبير.
ليست هذه إشارات الإنذار الوحيدة ففي تشاد تأتي موجة اللجوء تلك قبل أسابيع قليلة من موسم الجفاف الذي يُتوقع أن يُخلف حوالي 1.9 مليون شخص في حالة انعدام شديد للأمن الغذائي.
بالإضافة إلى وصول الأمطار الغزيرة في نفس الوقت ما يهدد مناطق شاسعة من الصحراء بالتحول إلى أنهار قد تعيق إيصال المساعدات الأساسية للاجئين ومجموعات مستضعفة غيرها.
قال بيير هونورات المدير القطري وممثل برنامج الأغذية العالمي في تشاد: "إنها عاصفة كاملة! موسم الجفاف قادم في يونيو/حزيران إضافة إلى موسم الأمطار الذي سيؤدي إلى عزل كل تلك المناطق."
و يضيف أنه في ذات الوقت قد يجبر شح التمويل برنامج الأغذية العالمي على وقف المساعدات الغذائية لجميع اللاجئين في تشاد بحلول الشهر القادم. يضيف هونورات وهذا يشمل 450،000 من اللاجئين الموجودين منذ مدة طويلة ومعظمهم من السودان. وقد اضطر برنامج الأغذية العالمي هذا الشهر لتخفيض المساعدات إلى نصف عدد اللاجئين و النازحين داخلياً الذين كان من المخطط أن تستهدفهم المساعدات.
و يختتم هونورات: "ليس هناك ما يكفي من المال لهم."
أسعارفي ارتفاع و تمويل في انخفاض
إن أغلب طالبي اللجوء السودانيين في الموجة الأخيرة ومعظمهم من النساء والأطفال كعائشة وطفلتها قد جاؤوا من مناطق حدودية لكن الكثير غيرهم قد يأتي لاحقًا من مناطق أبعد وقد جلب العديد منهم القليل من الأغذية التي سرعان ما نفذت.
و رغم أن تشاد قد أغلقت حدودها مع السودان بعد اندلاع القتال سابقًا هذا الشهر إلا أنه بإمكان اللاجئين مثل عائشة الوصول من خلال عدة نقاط للعبور ويبقون قرب الحدود التشادية مع السودان فيجلسون وينامون تحت الأشجار التي بالكاد تحميهم من الحرارة الحارقة والشمس.
يقول علي آدم ابراهيم الذي غادر بلده السودان بعد وصول أنباء عن اشتباكات في العاصمة السودانية الخرطوم: "نحن نفضل البقاء هنا في الوقت الحالي حتى يتبين كيف ستتطور الأوضاع."
يقوم برنامج الأغذية العالمي بإيصال مساعدات غذائية تكفي لإطعام 20،000 شخص من الواصلين حديثًا وهي حصص غذائية تكفي لمدة شهر واحد وتشمل الذرة الرفيعة والبقول وزيت وملح الطعام. لكن مع غياب التمويل في واحتمال وصول عشرات الآلاف الآخرين قد تزداد الأوضاع سوءاً.
تشير تقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن حوالي 100،000 سودانيًا قد يصلون إلى تشاد في الأسابيع القادمة وحوالي 170،000 في جنوب السودان.
في هذه الأثناء ساهم إغلاق الحدود بإعاقة وصول صادرات الغذاء الأساسية من السودان إلى البلدان المجاورة مما أدى الى ارتفاع أسعار الأغذية المحلية فمثلاً قفز سعر الكيلو الواحد من الذرة الرفيعة بنسبة 50% خلال أسبوع واحد حسب ممثل برنامج الأغذية العالمي هونورات. الذي أضاف: "لن يؤثر ذلك فقط على الحدود بل على شرقي تشاد بشكل عام. الكثير من المواد كانت تصل من السودان كالسكر والحبوب."
ويقول هونورات أن تدفق المزيد من اللاجئين في الأسابيع القادمة وهطول الأمطار وكذلك ضعف التمويل المتاح لمساعدات برنامج الأغذية العالمي سيؤدي الى نفاذ الأغذية – الشحيحة بالفعل – في الأسواق المحلية. مضيفًا: "إنه سباق حقيقي علينا اليوم تخزين الأغذية فوراً لأننا نعلم أنه سيكون الوضع مريعًا لكننا لا نعلم عدد الأشخاص القادمين."
تبرع الآن لحالة الطوارئ في السودان
يحتاج برنامج الأغذية العالمي بشكل عاجل إلى ما لايقل عن 145.6 مليون دولار أمريكي لمواصلة دعم اللاجئين في تشاد الوافدين حديثًا والموجودين سابقًا إلى جانب المجتمعات المضيفة وإلا فإن أمنهم الغذائي وستدهور سلامتهم في الحال.