برنامج الأغذية العالمي في غزة: "نحتاج إلى وقف إطلاق نار طويل يؤدي إلى السلام حتى نتمكن من العمل"
تصف كورين فلايشر الوضع في غزة بأنه "مروع ويزداد سوءًا".
على مدار الأسبوعين الماضيين، تم إغلاق 21 نقطة توزيع للمساعدات الغذائية تابعة لبرنامج الأغذية العالمي بموجب أوامر الإخلاء. وتقول فلايشر المديرة الإقليمية لبرنامج الأغذية العالمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا وشرق أوروبا : "تقول الأونروا (وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى) إن 86 في المائة من القطاع يخضع لأمر إخلاء". كانت فلايشر قد زارت القطاع في الأسبوع الأخير من يوليو/تموز.
"يتكدس مليونا شخص في 14 في المائة من مساحة غزة".
مع أوامر الإخلاء المستمرة التي تجبر برنامج الأغذية العالمي على اقتلاع مواقع توزيع الأغذية، يصبح الاستهداف الدقيق للفئات الأكثر ضعفًا أمرًا صعبًا. يقدم البرنامج طعامًا جاهزًا للأكل ووجبات ساخنة ودعمًا غذائيًا للنساء المرضعات والأطفال الصغار.
تقول فلايشر: "نحن ندعم الشركاء في ما يقرب من 80 مطبخًا، حيث يقومون بطهي الوجبات وتعبئتها وتوزيعها على الناس في المخيمات".
تجنب المجاعة
فلايشر كانت قد زارت غزة في ديسمبر/كانون الأول الماضي. وتقول: "كان الأمر حينها يتعلق حقًا بكيفية جلب الطعام - وهذا هو الحال إلى حد كبير. الآن، على الأقل لدينا عملية إغاثة لبرنامج الأغذية العالمي قائمة على الأرض. ما هو إنجازنا الرئيسي؟ لقد ساعدنا على منع حدوث مجاعة واسعة النطاق".
يوجد حاليًا ما يقرب من 500,000 شخص في ظروف كارثية (المرحلة 5 من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي)، وهي أعلى درجة من انعدام الأمن الغذائي وفقًا للمعيار العالمي لقياس انعدام الأمن الغذائي - ويشكل ذلك انخفاضًا عن 1.1 مليون شخص في وقت سابق من هذا العام، مع تعرض أكثر من نصف سكان غزة للخطر.
وتحرص فلايشر على تسليط الضوء على التأثيرات الإيجابية للإمدادات الإنسانية التي تصل إلى غزة.
وتقول: "في الوقت الحاضر، لا نستطيع إدخال ما يكفي من الغذاء إلى غزة. ولا نُدخل ما نخطط له لهذا الشهر؛ لأننا لا نملك نقاط عبور مفتوحة كافية. نحن بحاجة إلى فتح المعابر جميعها بكامل طاقتها."
وتضيف: "العمليات معقدة للغاية. نحن نعمل في منطقة حرب. الطرق مدمرة. نحن ننتظر ساعات عند نقاط التفتيش للحصول على إشارات المرور الخضراء".
تؤكد فلايشر أن برنامج الأغذية العالمي يعمل أيضًا على دعم المجتمع الإنساني الأوسع. "نحن نقود مجموعة اللوجستيات (آلية التنسيق بين المنظمات) وندعم الشركاء لإحضار بضائعهم عبر ممر الأردن. نحن نتلقى بضائعهم في الشمال عند معبر زيكيم ونساعدهم في كرم أبو سالم. لذلك، وبطبيعة الحال، نحن نساعد أيضًا في إمدادات الوقود".
كيف تصفين الأمور على الأرض في غزة الآن؟
كورين: "لا يستطيع سكان غزة الخروج، وهم يطلبون ذلك. إنهم منهكون للغاية. لا يوجد مكان، الخيام المؤقتة متراصة واحدة تلو الأخرى حتى البحر. الشوارع تعج بالناس".
في الوقت نفسه، يعني انهيار أنظمة الصرف الصحي ونقص المياه وإدارة النفايات السماح لأمراض مثل التهاب الكبد الوبائي أ، الذي ينتشر بين الأطفال، بالتفشي.
التنقل
وماذا عن سلامة موظفي برنامج الأغذية العالمي؟
تقول: "نحن محظوظون لأن شيئًا لم يحدث لموظفينا الرائعين، فقد قُتل أكثر من 200 موظف من الأونروا، وهذا أمر غير مقبول".
وتضيف: "لدينا ضباط أمن رائعين يقدمون المشورة للإدارة بشأن المخاطر التي يجب تجنبها، حتى نتمكن من البقاء وأداء عملنا بأمان وتتمكن العائلات من الوصول إلى مساعدتنا بأمان.
"ولكن المخاطر عالية، عالية للغاية. الرصاص قريب من قوافلنا. نحن هناك لإصلاح الطرق، نحن هناك للتحرك بشاحناتنا، نحن هناك للوصول إلى الناس، وهذا أمر خطير للغاية".
تقول فلايشر إن القطاع الخاص يلعب دورا في مسار التعافي، مثل دوره في إعادة فتح المتاجر على سبيل المثال.
وتقول عن المخابز التي أعادت فتح أبوابها بدعم من برنامج الأغذية العالمي: "إذا كنت تفكر في شريان حياة، أو أمل، أو شعور بالعودة إلى الحياة الطبيعية، فمن المؤكد أن ذلك سيحدث عندما يعود الخبز اليومي إلى السوق. تحتاج المخابز إلى دقيق القمح، وتحتاج إلى الخميرة، والديزل أيضا وهنا يأتي دورنا".
تناول أطعمة أفضل
في جنوب غزة "تعود المواد الغذائية الأساسية إلى الظهور ببطء في أسواق المواد الغذائية. يمكنك في الواقع العثور على الخضروات والفواكه في الأسواق، ولكن بسبب ارتفاع الأسعار، تظل بعيدة عن متناول معظم الناس".
"في كل الأحوال، لا يملك الناس المال. ولا توجد وظائف. حتى موظفونا يقولون لنا: لدينا راتب، ولكننا لا نستطيع الوصول إلى المال".
تؤكد فلايشر على أن الجهود الإنسانية يجب أن تصل إلى مرحلة حيث يتوقف الناس عن تناول الأشياء التي كانوا يتناولونها خلال الأشهر التسعة الماضية، لتنويع الأنظمة الغذائية التي تعتمد بشكل كبير على الأغذية المعلبة (التي يوفرها برنامج الأغذية العالمي) وأي شيء يمكن للناس الحصول عليه.
تقول إن الهدف هو سد الفجوة بين "ما يحتاجه الناس لنظام غذائي متنوع، وما نوفره، وما يوجد في السوق، من خلال وضع القوة الشرائية في أيدي الأسر".
يقوم برنامج الأغذية العالمي بتفويض المتاجر التي عملت على تبديل قسائمه قبل الحرب، بالعمل كنقطة توزيع للمساعدات العينية.
"إن الرسوم التي يتلقاها أصحاب المتاجر تمكنهم من دفع أجور عمالهم، وخلق فرص العمل أو الحفاظ عليها، وإبقاء أبوابهم مفتوحة".
ما أكبر مخاوفها بشأن غزة؟
تقول فلايشر: "أنه لا يبدو أن هناك نهاية لهذه (الحرب)، ونخشى أيضا أن نستمر في توفير مساحة أقل للأشخاص الذين ليس لديهم مكان للعودة إليه. وحتى لو عادوا إلى الشمال، فإلى أين يمكنهم الذهاب؟"
"لقد تم تدمير كل شيء. لم يعد هناك منازل، لقد تم تدمير كل شيء. نحن بحاجة إلى وقف إطلاق نار طويل الأمد يؤدي إلى السلام حتى نتمكن من العمل".
تضيف فلايشر، التي عملت مع برنامج الأغذية العالمي في دارفور وسوريا: "لم أشهد قط مثل هذا المستوى من الدمار. لقد دُمرت المستشفيات والعيادات، ودُمرت مصانع تجهيز الأغذية. لقد دُمر كل شيء".
"إن موظفينا في غزة، بطبيعة الحال، في نفس الوضع الذي يعيشه الأشخاص الذين ليس لديهم مكان يذهبون إليه، لا يوجد مكان في غزة، ولا مكان آمن".
هل لاحظت فلايشر أي شيء خلال زيارتها يوحي بالبهجة؟ تقول: "هناك هذا السلوك الرافض للاستسلام لدى الناس، ولدى الأسر التي نخدمها".
"لا أصدق أن الأطفال ما زالوا يركضون نحوك ويضحكون معك. ربما يرون فينا الأمل في أن تنتهي كل هذه الأحداث ــ وهي علامة على أنهم لم يُنسوا."