جهود برنامج الأغذية العالمي لمواجهة التغير المناخي تمنح الأمل لملايين الناس في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
بينما تجتمع دول العالم في الإمارات العربية المتحدة لحضور مؤتمر الأمم المتحدة للأطراف (كوب 28) لتقييم أهداف العمل المناخي والتوصل إلى حلول للحد من التلوث بغاز الميثان والوقود الأحفوري ونقص التمويل، يعمل برنامج الأغذية العالمي وشركاؤه بجد لمساعدة ملايين الأشخاص في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للتكيف مع حالة الطوارئ المناخية في المنطقة.
بينما تضاعفت الكوارث المناخية في المنطقة ثلاث مرات تقريبا في العقود الأربعة الماضية، لا تزال منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من بين المناطق الأقل تمويلا فيما يتعلق بمجابهة آثار التغير المناخي. في هذه المنطقة وحدها 40 مليون شخص معرضين لأضرار ارتفاع درجات الحرارة وندرة المياه، وانخفاض إنتاج المحاصيل والفيضانات المفاجئة والجوع، بما في ذلك البلدان المتضررة من الصراعات مثل سوريا واليمن والعراق وليبيا.
من المرجح أن ينخفض إنتاج المحاصيل الأساسية والحبوب بنسبة 20 إلى 50 في المائة مع ارتفاع مستويات سطح البحر ودرجات الحرارة، في منطقة تستورد أكثر من 50 في المائة من غذائها، ولهذا فإن العمل المناخي يمكن أن يصنع الفرق بين الأمن الغذائي والجوع.
حلول تمنح الأمل
يقدم برنامج الأغذية العالمي حلولاً عملية ومستدامة تدعم الناس في إدارة الكوارث المرتبطة بالمناخ والتعافي منها، لمساعدة المجتمعات في التغلب على الانهيار المناخي. يمكن أن تصبح الحلول المبتكرة بمثابة طوق نجاة للأشخاص العالقين بين أزمة المناخ والصراع المستمر، مما يمكنهم من التأقلم والتكيف والتعافي. تظهر أبحاث برنامج الأغذية العالمي أن كل دولار أمريكي يُسْتَثْمَر في برامج القدرة على الصمود يوفر 3 دولارات أمريكية من المساعدات الإنسانية.
مصر: خطوة إلى الأمام
في مصر، دعم برنامج الأغذية العالمي المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة في 100 قرية من القرى الأكثر فقرا، حتى يتمكنوا من تحسين إدارة أراضيهم ومواردهم المائية. وقد استفاد من هذه المبادرة أكثر من مليوني شخص بشكل مباشر وغير مباشر.
بالنسبة لبسطاوي ناصر محمد، وهو مزارع من أصحاب الحيازات الصغيرة في أسوان بصعيد مصر، كان التعرف على الأساليب الفنية والموارد اللازمة لزيادة إنتاجه الزراعي بمثابة خطوة جديدة إلى الأمام.
يقول بسطاوي: "لم نكن نعرف ما البذور التي يجب استخدامها أو الوقت الأنسب لبدء الزراعة، كنا نستخدم الأساليب التي ورثناها عن أجدادنا فحسب".
يضيف زميله المزارع محمد كمال من الأقصر، الواقعة أيضًا في صعيد مصر: "لطالما ألحقت الحرارة أضرارًا بأرضنا، وكانت الإنتاجية دائمًا منخفضة للغاية. لقد ساعدنا استخدام أصناف جديدة من البذور على تحسين جودة محاصيلنا، مما ساعد على تحسين ظروف عائلاتنا وزيادة جودة الأرض".
لبنان: مليون شجرة
أظهر تحليل صور الأقمار الصناعية للأصول الزراعية في لبنان، أن قنوات الري والطرق الزراعية التابعة للبرنامج ساهمت في تحسين الغطاء النباتي وظروف التربة. على مدار خمس سنوات، دعم برنامج الأغذية العالمي مئات المزارعين اللبنانيين واللاجئين السوريين في زراعة أكثر من مليون شجرة في 550 موقعًا تمتد على مساحة 600 هكتار في جميع أنحاء لبنان، وقد حافظت هذه الجهود على ست محميات طبيعية.
اليمن: حقول مزدهرة
تعد اليمن أحد أكثر البلدان التي تعاني ندرة المياه في العالم، يقدم برنامج الأغذية العالمي حلولاً مستدامة ومراعية للمناخ لمساعدة المجتمعات هناك على إدارة المياه بشكل أفضل. يشمل ذلك محطات المياه التي تعمل بالطاقة الشمسية، وتركيب المضخات، وبناء السدود وإعادة تأهيلها، ويستفيد من هذه المشاريع حوالي 60 ألف يمني.
يقول ناصر سعيد المزارع من منطقة المكلا: “قبل تنفيذ هذه المشاريع، كنا نعاني مشكلة نقص المياه، فاعتمدنا على المضخات، وتحملنا تكاليف باهظة في الوقود والصيانة. بعد تنفيذ المشروع زرعنا مساحات واسعة تجاوزت الستة أفدنة، وكانت النتائج ممتازة".
العراق: أشجار المانجروف تحمي المحاصيل الثمينة
في العراق، ساعد برنامج الأغذية العالمي أكثر من 2000 من صغار المزارعين على زيادة إنتاجيتهم من خلال توفير البذور والدفيئات الزراعية والماشية وتربية النحل. من خلال هذا البرنامج، الذي جمع بين الحكومة العراقية والشركاء، قام المزارعون ببناء مشتل لأشجار المانجروف في منطقة مسطحات المد والجزر في البصرة لإنتاج ما يصل إلى مليون شتلة مانجروف سنويا. وساعدت تلك الأشجار على زيادة عدد أنواع الأسماك في المنطقة، من خلال توفير الغذاء والمأوى، وحماية المحاصيل الثمينة من التآكل والتلوث.
فلسطين: مضاعفة الدخل قبل تجدد النزاع
أدى الصراع الحالي في غزة إلى تدمير جميع النظم الغذائية، مما يجعل الجوع والجفاف والمرض خطراً وشيكاً على 2.3 مليون شخص محاصرين داخل القطاع. لقد توقفت حاليا مشاريع القدرة على الصمود التي كان يديرها برنامج الأغذية العالمي بسبب الصراع الدائر، مما أدى إلى تفاقم الظروف الاجتماعية والاقتصادية.
قبل هذا النزاع، دعم برنامج الأغذية العالمي المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة من خلال 22 مؤسسة ساعدت النساء ذوات الدخل المنخفض والشباب والأيتام والأشخاص ذوي الإعاقة، وزودتهم بـ 543 من الأصول الزراعية المقاومة للمناخ مثل الألواح الشمسية والصوبات الزراعية، وساعدتهم على تسويق منتجاتهم. ساعد ذلك البعض على مضاعفة دخلهم وخفض نفقات الطاقة.
إن الاستثمار في العمل المناخي أمر بديهي. وبدون تمويل فوري لكبح جماح الكوارث المناخية، والدمار الذي تلحقه بكوكبنا، والخسائر التي تكبدها لملايين الأشخاص على مستوى العالم، فإن البديل سيكون مشكلة أكبر بكثير وأكثر تكلفة وقد لا يمكن إصلاحها، مع تصاعد ظاهرة الاحتباس الحراري التي تخرج عن السيطرة.
تؤدي أزمة المناخ إلى انتشار الجوع في جميع أنحاء العالم. في عام 2022، تعرض 57 مليون شخص لانعدام الأمن الغذائي الحاد؛ بسبب الظواهر المناخية المتطرفة. ما ورد أعلاه مجرد لمحة سريعة عما يمكن القيام به لتدارك آثار هذه الظواهر المتطرفة، وهي الإجراءات التي يجب تكرارها في بلدان عديدة متأثرة بشدة بحالة الطوارئ المناخية. سوف تتضاءل الاحتياجات الإنسانية الحالية إن نجحنا في هذا الأمر، مقارنة بالزيادة الهائلة التي ستحدث حتما إذا فشلت الحكومات في إيجاد الحلول وتنفيذها فورا.