العائلات على الخطوط الأمامية تجد قوت يومها بينما يسيطر الشتاء والحرب على أوكرانيا
في يوم بارد وكئيب في قرية فيسيليانكا، في منطقة زابوريجيا بجنوب شرق أوكرانيا، تجمع بضع عشرات من الأشخاص عند نقطة لتوزيع الغذاء حيث يقدم برنامج الأغذية العالمي مساعدات غذائية شهرية. يضعون أياديهم في جيوبهم بحثًا عن الدفء بينما يتبادلون الأحاديث والنكات. أصواتهم تملأ الهواء الساكن حولهم، لتغطي على صوت القذائف التي تتساقط بعيدا عنهم.
منذ وقت ليس ببعيد، كانت فيسيليانكا موطنًا لحوالي 1000 شخص، كثير منهم يحصدون عباد الشمس أو القمح أو بذور اللفت الزيتية من أراضيهم الخصبة. لكن بعد وصول القتال إلى أطراف القرية في مارس/آذار 2022، وتصاعد أصوات الحرب أكثر فأكثر، فر ما يقرب من نصف سكان القرية.
في أوكرانيا، لا يزال الكثيرون يعيشون بالقرب من مناطق القتال العنيف. ومع هذا "لا يوجد مكان مثل المنزل" كما تقول آلا، التي تعيش في فيسيليانكا مع زوجها.
سواء كانوا مرتبطين بأرضهم وبيوتهم، أو خائفين من النزوح لفترة طويلة، فإنهم باقون على الرغم من المخاطر الهائلة. يضطر آخرون إلى العودة إلى مزارعهم وسبل عيشهم بعد نفاد الخيارات المتاحة لهم لتغطية نفقاتهم في أثناء التنقل.
بدعم من الاتحاد الأوروبي والمانحين الآخرين، يعمل برنامج الأغذية العالمي على تكثيف مساعداته لهذه الأسر وغيرها في جميع أنحاء أوكرانيا، للوصول إلى 2.4 مليون شخص كل شهر هذا الشتاء من خلال المنح الغذائية أو النقدية. ومع ذلك، فإن عمليات برنامج الأغذية العالمي في أوكرانيا ممولة بنسبة 54% فقط، وتتطلب مبلغًا إضافيًا قدره 180 مليون دولار أمريكي للأشهر الستة المقبلة.
تركز عمليات توزيع المواد الغذائية على المناطق القريبة من خطوط المواجهة، مثل فيسيليانكا، سواء كانت عبارة عن صناديق غذائية تحتوي على مواد غذائية أساسية تكفي لمدة 30 يومًا، أو الخبز الطازج والمعلبات. وقد تلقى أكثر من نصف مليون شخص هذه الحصص في شهر يناير/كانون الثاني.
هناك حاجة ماسة للمساعدة. تستمر الحرب في تعطيل سلاسل الإنتاج والإمداد في أوكرانيا، مما يجعل الوصول إلى الغذاء أمراً غير مضمون في العديد من المناطق الشرقية والجنوبية. يعاني حوالي واحد من كل خمسة أوكرانيين من انعدام الأمن الغذائي، ويواجه أولئك القريبون من الخطوط الأمامية ظروفاً قاسية على نحو خاص.
تقول المديرة القُطرية المؤقتة لبرنامج الأغذية العالمي في أوكرانيا ماريان وورد: "لم تصبح الحياة أفضل أو أسهل بالنسبة للأوكرانيين هذا العام، فالحرب مستمرة بلا هوادة، مع تكثيف الضربات على المناطق المدنية في الأسابيع الأخيرة، واستمرار الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية، وتزايد عدد الضحايا المدنيين".
تضيف وورد: "لقد واجه الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من الخطوط الأمامية الأوضاع الأسوأ، وهم يعتمدون على الدعم المستمر الذي تقدمه المنظمات الإنسانية لتدبير أمور معيشتهم".
منزل على الخطوط الأمامية
في وقت مبكر من الحرب، فكرت آلا وزوجها كذلك في الانضمام إلى النازحين جماعيًا من فيسيليانكا، بعد أن أرادوا البقاء في البداية. لقد بات قرارهم أكثر إلحاحا بعد سقوط صاروخ في فناء منزلهم، والذي دمر نوافذ وسقف المنزل مما أجبرهم على الخروج.
تتذكر آلا والدموع في عينيها: "كنا يائسين. كانت أرضنا جاهزة للزراعة، ولكن لم يعد بإمكاننا البقاء. كان المنزل غير محمي تمامًا من الرياح والبرد".
استضافتهم ابنتهما لفترة من الوقت، قبل أن يعودا بعد بضعة أسابيع. تقول آلا: "لم نتمكن من تحمل البقاء بعيدًا لفترة طويلة".
مع اقتراب الصراع من عامه الثالث، أصبحت الانفجارات بمثابة ضجيج في الخلفية بالنسبة إلى آلا وجيرانها. لقد تكيفوا مع الحياة على الخطوط الأمامية، وخزنوا المياه والوجبات الخفيفة والملابس الدافئة في الملاجئ المؤقتة.
كان الشتاء الماضي قاسياً على نحو خاص، مع درجات حرارة دون الصفر، وانقطاع التيار الكهربائي، وارتفاع تكاليف التدفئة. كانت معظم المتاجر القريبة تحتوي على أرفف فارغة. لقد بذل سكان فيسيليانكا قصارى جهدهم للاستعداد والصمود.
تتذكر آلا قائلة: "في إحدى المرات مكثنا بدون كهرباء لمدة ثلاثة إلى أربعة أيام. كان من الممكن سماع القصف باستمرار. لم أفكر إلا في أبنائي وأحفادي. كنت أتصل بابنتي طوال الوقت للتأكد من سلامتها”.
شتاء قاسٍ آخر
في هذا الشتاء الثالث من الحرب ومع استمرار ارتفاع الأسعار، تكافح عائلات مثل عائلة آلا مرة أخرى من أجل توفير الغذاء والتدفئة وإصلاح منازلهم. تعمل المساعدات الإنسانية التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي وغيره على سد الفجوات المعيشية.
“
تقول آلا: "ترتفع الأسعار طوال الوقت. دخلنا الوحيد هو معاش التقاعد الذي يحصل عليه كل منا. كيف يمكننا أن نتحمل كل هذا؟"
بالنسبة لها والكثيرون غيرها على الخطوط الأمامية، فإن صندوق الغذاء الذي يقدمه برنامج الأغذية العالمي، والذي يتكون من الأطعمة الأساسية مثل الفاصوليا المعلبة أو اللحوم والمعكرونة ودقيق القمح وزيت عباد الشمس والحنطة السوداء والسكر والملح يعد منقذًا للحياة، خاصة بالنسبة لكبار السن الذين يعيشون بمفردهم.
تقول آلا: "اللحوم المعلبة والحبوب أساسية بالنسبة لنا، على الأقل لا داعي للقلق بشأن الطعام".
في الصباح، تعد آلا الفطائر التقليدية، المعروفة باسم ملينتسي، باستخدام الدقيق الذي يوفره برنامج الأغذية العالمي.
تقول آلا مبتسمة: "في المساء، نحتسي الشاي ونخطط للمستقبل. يجب أن يكون لدى المرء خطط مهما كانت الظروف".
بفضل الاتحاد الأوروبي والشركاء الآخرين، يواصل برنامج الأغذية العالمي تقديم المساعدات الغذائية والنقدية المنقذة للحياة للأوكرانيين الأكثر ضعفًا، فضلا عن دعم الاستجابة الإنسانية من خلال الخدمات اللوجستية وخدمات الاتصالات المشتركة.