دعوة يوم الأغذية العالمي لاتخاذ تدابير أكثر جرأة لتوفير أنظمة غذائية صحية ومستدامة للجميع
ويركز يوم الأغذية العالمي لهذا العام، الذي أطلق تحت شعار "أفعالنا هي مستقبلنا: نظم غذائية صحية من أجل #القضاء_على_الجوع في العالم"، على سياق تزايد الجوع وزيادة الوزن والبدانة أيضاً في العالم. وتؤمن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) وشركاؤها أن هناك حلولاً ميسورة التكلفة للحد من جميع أشكال سوء التغذية، ولكنها تتطلب التزاما وإجراءات عالمية أكبر.
وقال رئيس وزراء إيطاليا جوزيبي كونتي في الاحتفال: "العمل الجماعي هو الطريق السريع لمواجهة التحدي العالمي المتمثل في الجوع حول العالم".
كما أكد رئيس الوزراء على دعم إيطاليا لـ "رؤية الزراعة المتكاملة التي تدعم الكوكب والهوية الثقافية"، وشدد على أهمية تعريف التنمية "على أنها تعاون دولي حقيقي، مثل السياسة بالمعنى النبيل" لأجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ورحب كل من كونتي والمدير العام للفاو، شو دونيو، بإعلان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، عن عقد قمة للأمم المتحدة بشأن النظم الغذائية في عام 2021 وذلك في إطار عقد العمل الرامي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. واقترح كونتي استضافة إيطاليا للفعالية، وشكره شو على هذا العرض.
وفي رسالة فيديو بمناسبة يوم الأغذية العالمي، وصف غوتيريس تزايد معدلات الجوع بأنه أمر "غير مقبول" لأن العالم يهدر أكثر من مليار طن من الأغذية كل عام.
وأكد البابا فرانسيس في رسالة خاصة تم قراءتها خلال الحفل، أن "المعركة ضد الجوع وسوء التغذية لن تنتهي طالما أن منطق السوق والسعي لتحقيق الربح بأي ثمن هو السائد".
وحث قداسته على تعزيز أساليب العيش الهامة كالامتنان والاعتدال والتضامن، وضرورة تعزيز المؤسسات الاقتصادية والمبادرات الاجتماعية التي تدعم الفقراء.
وأضاف قائلاً: "يجب أن ندرك أننا نُراكِم ونهدر خبز الفقراء".
وفي كلمته الافتتاحية، حذر المدير العام للفاو، شو دونيو من أن "الجوع وسوء التغذية سيكونان عائقين رئيسيين أمام تحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 إذا لم نقم بالعمل فوراً".
وشدد على أهمية التعاون والدور الذي يجب على الجميع القيام به- بدءً من الحكومات وشركات الأغذية والقطاع العام والمؤسسات البحثية وصولاً إلى المستهلكين- لإحراز تقدم نحو توفير أنظمة غذائية صحية للجميع ووقف ارتفاع معدلات الجوع والوزن الزائد والبدانة الحالية وعكس اتجاهاتها.
وأضاف: "نحن بحاجة إلى الالتزام والإرادة السياسية القوية. كما أننا بحاجة إلى الاستثمار في التغذية ومن أجل التغذية. نحن بحاجة إلى السير يداً بيد وبناء نظم غذائية صحية ومستدامة".
وأعلن المدير العام للفاو عن موضوع فترة السنتين القادمتين للمنظمة (2020-2021)، وهو "تعزيز الأنظمة الغذائية الصحية ومنع كافة أشكال سوء التغذية"، مؤكداً من جديد على التزام الفاو بالهدف العالمي المتمثل في إنهاء الجوع وسوء التغذية بجميع أشكالها بحلول عام 2030. وفي كلمته قال رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية جيلبر أونغبو: "يمكننا أن نحقق التزامنا بالقضاء على الجوع. لكن نجاحنا يعتمد على إجراء التحول في النظم الغذائية العالمية بحيث تشمل النساء والشباب والشعوب الأصلية وتكون بالتالي مستدامة بيئيًا واجتماعيًا واقتصاديًا وتسهم في توفير أنظمة غذائية صحية للجميع.
ومن خلال السياسات الصحيحة والاستثمارات الصحيحة في التنمية الزراعية والريفية، يمكننا أن نخلق عالماً آمنًا غذائيًا تتقلص فيه معدلات الجوع والفقر بشكل كبير".
ومن جانبه، كرر ديفيد بيزلي، المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، الدعوة لإنهاء هدر الغذاء وحث الأفراد في جميع أنحاء العالم على الانضمام إلى حملة برنامج الأغذية العالمي #وقف_الهدر. وقال: "كمية الأغذية المهدرة عالمياً تكفي لإطعام 2 مليار شخص، وهذا أمر غير مقبول على الإطلاق في عالم يموت فيه طفل كل خمس ثوانٍ لأسباب يمكن الوقاية منها مثل الجوع وسوء التغذية. لدينا حل لمشكلة الجوع، وهو فقط أن نكون حريصين على الطعام الذي بين أيدينا. إذا اتفقنا وعملنا معاً، يمكننا القضاء على الجوع، لكن يجب ألا نرتاح قبل أن ينام كل طفل، في كل مكان، ومعدته غير خاوية".
وبعث الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا رسالة دعم أكد فيها أن "انعدام الأمن الغذائي هو بالتأكيد أحد أسوأ عواقب تغير المناخ".
كما تحدث وزراء من عدة دول خلال الفعالية، وهو ما مثّل شهادة على أهمية جعل الأنظمة الغذائية الصحية في متناول الجميع وبأسعار معقولة.
وكان من بين هؤلاء الوزراء إدوارد فرانسيسكو سينتينو جاديا وزير الزراعة في نيكاراغوا، وقصوم دينون، الوزير المفوض لشؤون الأمن الغذائي في مالي، وإيلينا كالكو، نائبة الوزير لشؤون تطوير سياسات التنمية بوزارة الشؤون الخارجية في فنلندا، ومريم بنت سعيد المهيري، وزيرة الدولة للأمن الغذائي في دولة الإمارات العربية المتحدة. كما بعث يواكيم جوزيه غوسماو دوس ريس مارتينز، وزير الزراعة والثروة السمكية في تيمور الشرقية، رسالة دعم.
التأكيد على أهمية الأنظمة الغذائية الصحية والمستدامة
أكد المدير العام للفاو خلال كلمته أن هناك أكثر من 820 مليون شخص جائع في العالم، مشيراً إلى أنه في حين أن العدد الإجمالي لأولئك الذين يعانون من نقص التغذية المزمن قد تزايد في السنوات الأخيرة، إلا أن هذا المعدل يتناقص عند مقارنته مع العدد الإجمالي لسكان الأرض.
وشدد شو كذلك على أن أكثر من ملياري شخص بالغ، ونحو 380 مليون طفل ومراهق، يعانون من زيادة الوزن أو البدانة، لأن نظمنا الغذائية الحالية تعجز عن ضمان الأمن الغذائي للجميع وتوفير أنظمة غذائية صحية كما أنها في الوقت نفسه تساهم في التدهور البيئي.
وابتداءً من الإنتاج الزراعي وصولاً إلى المعالجة والبيع بالتجزئة، هناك مساحة صغيرة للأغذية الطازجة المنتجة محلياً لأن المحاصيل المربحة وذات المردود العالي تحظى بالأولوية.
وعلى الرغم من أنه يتم إنتاج ما يكفي من الأغذية على مستوى العالم، إلا أن ذلك لا يتم حيث تكون هناك حاجة ماسة إليها.
وتشير التقديرات الأخيرة الصادرة عن الفاو ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أنه من المتوقع أن ترتفع الإنتاجية الزراعية على الصعيد العالمي بوتيرة أسرع من الزيادة على طلب المنتجات الزراعية، والتي تبلغ 15 في المائة، خلال العقد المقبل، مع تباطؤ في انبعاثات غازات الدفيئة ودون التوسع الكبير في استخدام الأراضي.
ولكن بدلاً من تقديم الحوافز للمزارعين لإنتاج أغذية أكثر غنى بالمغذيات، فإن العديد من الدول تواصل دعم المنتجات ذات القيمة الغذائية المنخفضة، وتفضل الأطعمة الأساسية، مثل القمح والأرز والذرة، على الفواكه والخضروات، مما يؤثر سلباً على التغذية والتنوع الغذائي.
وقد تكون أسعار الأغذية الغنية بالعناصر الغذائية، مثل البيض والحليب والفواكه والخضروات، مرتفعة جداً، لا سيما في البلدان الفقيرة، مما يجعل من الصعب على السكان التوجه بعيداً عن المواد الغذائية الأساسية. وفي البلدان الأكثر غنى، وفي عدد متزايد من البلدان ذات الدخل المنخفض، تكون الأغذية غير الصحية أرخص سعراً، ومتاحة بسهولة، وأكثر ملاءمة.
وفي الوقت نفسه، تقلّص الوقت المخصص لإعداد وجبات الطعام في المنزل، وأصبح المستهلكون يعتمدون بشكل متزايد على محلات السوبر ماركت ومنافذ الوجبات السريعة وبائعي الأغذية في الشوارع والمطاعم السريعة، خاصة في المناطق الحضرية.
وانتقل السكان من الأطباق الموسمية، التي تعتمد أساساً على النباتات الغنية بالألياف إلى الأنظمة الغذائية ذات السعرات الحرارية العالية، والتي تحتوي على نسبة عالية من النشويات المكررة والسكر والدهون والملح والأطعمة المصنعة واللحوم وغيرها من المنتجات حيوانية المصدر.
تعتبر الأنظمة الغذائية غير الصحّية عامل الخطر الرئيسي للوفيات الناجمة عن الأمراض غير السارية، بما في ذلك أمراض القلب والشرايين ومرض السكري وبعض أنواع السرطان، وهي تُثقل بأعبائها الميزانيات الصحية الوطنية. ومن المتوقع أن تسفر البدانة عن خسائر تبلغ 2 تريليون دولار سنوياً في الإنتاجية الاقتصادية وتكاليف الرعاية الصحية المباشرة حول العالم.
كيفية توفير الأنظمة الغذائية الصحية وإتاحتها للجميع
لمعالجة هذا الموقف، تدعو الفاو إلى توفير حوافز أفضل للمنتجين الزراعيين في العالم، واستخدام وسوم (ملصقات) غذائية أكثر شمولية وسهولة في الفهم واختيار إعلانات مسؤولة لمساعدة المستهلكين على اختيار أنظمة غذائية أكثر صحة، واعتماد تجارة أكثر استدامة مع قوانين واضحة، والدفع للتفكير في التغذية كجزء من سلامة الأغذية.
ويجب على القطاع الخاص أيضاً إعادة صياغة المنتجات لجعلها مغذية أكثر، فيما يمكن أن تقدم شركات الأغذية المنتجة للأغذية المغذية حوافز لتسهيل الحصول على منتجاتها بتكلفة معقولة.
كما يجب تطبيق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على نطاق أوسع على طول سلاسل القيمة الزراعية لإنشاء منصات جديدة، وخفض التباينات بين المناطق الحضرية والريفية، وإمكانية استخدام الهواتف الذكية كأداة زراعية جديدة لتحقيق إنتاجية أعلى.
وتعمل الفاو مع الشركاء والمجتمعات حول العالم لتكثيف الجهود لتحقيق الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة المتمثل في القضاء على الجوع وتوفير الأنظمة الغذائية الصحية.
ويشمل ذلك تطوير مبادئ توجيهية مع منظمة الصحة العالمية بشأن "الأنظمة الغذائية الصحية المستدامة"، ودعم تنفيذ عقد عمل الأمم المتحدة بشأن التغذية 2016-2025، وتوفير الدعم لبرامج وسياسات واستراتيجيات الأمن الغذائي والتغذية على كافة الأصعدة الوطنية والإقليمية والعالمية.
ملاحظة: تحتفل الفاو بيوم الأغذية العالمي في 16 أكتوبر من كل عام والذي يصادف ذكرى تأسيسها في عام 1945، حيث يتم تنظيم الفعاليات في حوالي 150 دولة في جميع أنحاء العالم.