برنامج الأغذية العالمي يبحث تعليق المساعدات في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين في اليمن
روما — يعمل برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة جاهداً في سبيل تلبية احتياجات ملايين الجوعى من الأطفال والنساء والرجال في اليمن الذين تتهددهم مجاعة محتملة جراء الصراع. الاستقلال التشغيلي والحياد والنزاهة في عملنا هي أمور بالغة الأهمية لتحقيق النجاح، كما أننا نحتاج إلى الوصول الفوري ودون قيود إلى الأشخاص الذين يعانون من الجوع حتى يتسنى لنا تقديم المساعدات إلى من هم في أمس الحاجة إليها.
وفي الوقت الذي يبذل فيه البرنامج قصارى جهده من أجل الاضطلاع بمهمته الإنسانية، إلا أننا نواجه تحديات يومية بفعل القتال الدائر وانعدام الأمن في البلاد. ومع ذلك، فإن التحدي الأكبر الذي نواجهه لا يأتي من المدافع، والتي لم تخمد أصواتها بعدُ في هذا الصراع، بل من الدور المعرقل وغير المتعاون من جانب بعض القادة الحوثيين في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.
يتم منع العاملين في المجال الإنساني من الوصول إلى السكان الذين يعانون من الجوع، كما تعرضت قوافل المساعدات الإغاثية للعرقلة، وتدخلت السلطات المحلية في عملية توزيع المساعدات الغذائية. والأهم من ذلك، يتم وضعُ العراقيل، على نحو متكرر، أمام قيامنا بتنفيذ عملية اختيار المستفيدين بشكل مستقل، وكذا أمام الطلب الخاص بتنفيذ نظام التسجيل الآلي البيومتري (نظام البصمة)، والذي من شأنه أن يُتيح للبرنامج تحديد واختيار الأشخاص الأكثر احتياجاً وضمان أنهم هم أنفسهم الذين يحصلون على المساعدات الغذائية.
إن وضع هذه العراقيل يجب أن يتوقف.
في 2019، يهدف البرنامج إلى تقديم المساعدات الغذائية إلى نحو 12 مليون شخص من الأكثر احتياجاً في اليمن – يشكلون قُرابة نصف عدد سكان البلاد، وبتكلفة تقدر بنحو 175 مليون دولار أمريكي في الشهر الواحد يتحملها المجتمع الدولي. ومع ذلك، فإن الكثير من الأشخاص الأكثر احتياجاً لا تصلهم المساعدات بسبب العراقيل التي يتم وضعُها في طريقنا. وبالتالي، إذا لم يتم منحنا إمكانية الوصول وحرية تحديد الأشخاص المستحقين لهذه المساعدات الضرورية، فإنه سيتعين علينا اتخاذ قرار صعب يتمثل في تعليق عملياتنا الإنسانية على مراحل في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.
لقد أسفر الصراع في اليمن عن خلق العديد من التحديات، إلا أن البرنامج عمل حتى اللحظة مع القيادات على إيجاد الحلول التي ضمنت وصول المساعدات الغذائية إلى الأشخاص الذين يعانون من الجوع. ففي عام 2017، تحدث البرنامج وبشكل علني عند قيام التحالف الذي تقوده السعودية بتأخير نقل الرافعات الجديدة إلى ميناء الحديدة، وتشديده الحصار على الميناء، والذي مثل تهديداً على تدفق مواد الإغاثة إلى المحتاجين في البلاد. وعلى إثر ذلك، استجاب قادة التحالف لهذا الأمر في حينه وتم إيصال الرافعات وإعادة فتح الميناء أمام دخول المساعدات.
إن المفاوضات مع القادة الحوثيين حول مسألة الوصول بشكل مستقل إلى الاشخاص المحتاجين لم تُسفر بعد عن أي نتائج ملموسة. وقد أبدى بعض القادة الحوثيين التزامات إيجابية في هذا الأمر، حيث يعملون معنا بشكل وثيق على تهيئة الظروف التي من شأنها السماح بتنفيذ عملية إنسانية مستقلة تماماً لاختيار الأشخاص الأكثر احتياجاً وضمان حصولهم، دون غيرهم، على المساعدات الضرورية. إلا أنه وللأسف، هناك قادة آخرون قد خذلوا هؤلاء القادة ولم يفوا بتعهداتهم بشأن وضع حد للتلاعب بالمساعدات الإغاثية وموافقتهم النهائية على عملية اختيار المستفيدين وتسجيلهم باستخدام النظام البيومتري (نظام البصمة).
وفي مطلع هذا الشهر، أرسل البرنامج مذكرة أخرى إلى قيادات الحوثيين. وقد أكدنا في المذكرة أن البرنامج قد توصل، على مضض، إلى خلاصة مفادها أنه في حال لم يتم إحراز أي تقدم في الاتفاقيات السابقة، فسيتعين علينا تعليق توزيع المساعدات الإغاثية على مراحل.
إن اتخاذ قرار تعليق عمليات البرنامج على مراحل يُعتبر الملاذ الأخير، وسنبذل كل ما بوسعنا لضمان عدم التسبب في معاناة الأشخاص الأكثر ضعفاً واحتياجاً، لا سيما الأطفال. وفي الوقت نفسه، ستستمر الأنشطة التغذوية التي تستهدف بشكل مباشر الأطفال والنساء الذين يعانون من سوء التغذية، وذلك من أجل التخفيف من أي أثر قد يُحدثه التعليق الجزئي للمساعدات على صحتهم وحياتهم، فنحن مدينون بذلك للشعب اليمني وللمانحين الدوليين الذين يدعمون عملياتنا في اليمن.
وفي هذا السياق، يأمل البرنامج في أن يتم تغليب المصلحة العامة وألا يحدث تعليق للمساعدات. وتتحمل القيادة اليمنية بالدرجة الأولى المسؤولية عن رعاية ورفاهية شعبها. وإذا ما أتيح للبرنامج تنفيذ عملياته الإنسانية بما يلبي الحد الأدنى من المعايير الدولية، فإننا سنظل على استعداد للقيام بدورنا وضمان مستقبل أفضل لملايين اليمنيين الذين يكافحون من أجل توفير القوت الأساسي لأسرهم.