Skip to main content

"كيف حول قرض بسيط ودورة تدريبية الكشك الخاص بي إلى متجر مكتظ"

بمساعدةٍ من برنامج الأغذية العالمي، استطاعت أم لثلاثة أبناء في صعيد مصر، أن تحوِّل نشاطها التجاري من حلمٍ إلى حقيقة.
عندما بدأت سيدة القناوي مشروعها الصغير قبل سنواتٍ قليلة، لم تكن لديها أدنى فكرة عن كيفية إدارته. فقد كان أمل هذه السيدة، البالغة من العمر أربعين عاماً والتي تسكن في الأقصر في صعيد مصر، أن ينتهي بها الأمر إلى توفير ما يلزمها وزوجها من مالٍ لتربية أطفالهما الثلاثة.
, ريم ندى
وجدت سيدة في تعلُّم فصل أموال الأسرة عن دخل المتجر خطوةً لا تُقدّر بثمن. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/ ريم ندا
وجدت سيدة في تعلُّم فصل أموال الأسرة عن دخل المتجر خطوةً لا تُقدّر بثمن. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/ ريم ندا

فعلى الرغم من أن مدينة الأقصر، وهي عاصمة المحافظة التي تحمل الاسم نفسه والتي كثيراً ما يُطلق عليها أكبر متحف مفتوح في العالم، تُعدّ مدينة غنية بتراثها التاريخي والأثري، إلا أنّ سيدة وأسرتها يعيشون واقعاً قاسياً.

فبالرغم من انتعاش السياحة، إلا أن الكساد الذي حدث في السنوات القليلة الماضية قد ترك 55 بالمائة من سكان المحافظة يعانون الفقر. ولم تستطع أسرة سيدة، شأنها شأن العديد من الأسر غيرها، أن تنعم بأدنى قدرٍ من الراحة وهي تعيش على مصدر واحد للدخل.

تقول سيدة: ”كان لدينا أنا وزوجي القليل من المال، وكان كلما كبر أبناؤنا، ازدادت احتياجاتنا.“ وتضيف: ”استطعنا بالكاد توفير الأساسيات، وكنا نعيش في أغلب الأحيان على الاستدانة. وعندما كان أطفالي يحتاجون إلى الملابس، كانت أمي تتدخل لمساعدتنا، وكان هذا يكسر قلبي. وكنت أسأل نفسي: ’هل أطفالي يتامى حتى تعتني بهم أمي!“

جمعت سيدة بعض الحلويات والوجبات الخفيفة، وقامت برص قفصين من الخوص، وبدأت كشك بسيط أمام منزلها، وكسبت المال من خلال البيع لجيرانها وأطفالهم والمارة.

الأمور تتغير قليلاً

في مجتمع الأقصر المحافظ، لا يتيسر دائماً للمرأة الخروج للعمل. تقول سيدة: ”عارض إخوة زوجي الفكرة في بادئ الأمر.“ وتتذكر كلامهم: ”هل ستجلس في الطريق تبيع السلع!“ وتضيف: ”أرادوا أن يعطوني إعانة شهرية، ولكنني رفضت وقررت أن أبدأ شيئاً أفضل من انتظاري الحصول على أموال من شخصٍ آخر، وأخبرتهم بأن الأموال التي يريدون إعطائي إياها هي حق لأسرهم وأولادهم.“

ومع ذلك، لم تسر الأمور على ما يرام في عملها.

سيدة مع ابنها الأصغر عبد الله. صورة: برنامج الأغذية العالمي/محمد جمال
سيدة مع ابنها الأصغر عبد الله. صورة: برنامج الأغذية العالمي/محمد جمال

لم تتحسن الأحوال إلا عندما دخل ابن سيدة الأصغر عبد الله مدرسة مجتمعية، وعندئذ ساعدها برنامج الأغذية العالمي على تغيير حياتها. تقول سيدة: ”طلبتني مؤسسة مفتاح الحياة، وهي من الشركاء التنفيذيين للبرنامج من المنظمات غير الحكومية، وسألتني إذا كنت مهتمة بالحصول على تدريب ودعم لعملي.“ وتضيف: ”لم أفهم في بادئ الأمر، ولكنني وافقت.“

وتضيف: ”عانى مشروعي الصغير من الكساد، فلم يكن ينمو على الإطلاق، ولم تكن لدي أدنى فكرة عن سبب ذلك.“

تقول سيدة أنها كانت تشعر بأنها ترتكب خطأ ما لكنها لم تكن تعلم ما هو.

تقول: ”كان لدي صندوق في المنزل أحتفظ فيه بالنقود التي أكسبها من البيع، وكنت أستخدم هذه الأموال في الانتقالات أحيانا وفي تلبية احتياجات أطفالي، وإذا ما مر علي بائع وأردت أن أشتري أي شيء...في بعض الأحيان، كان ينتهي بي الأمر أنني لا يتبقى معي أي  أموال أتمكن بها من تعويض النقص في مخزون السلع.“

حضرت سيدة تدريباً لمدة ثلاثة أيام كجزء من المساعدات التي يقدمها البرنامج للأسر في أفقر المجتمعات في محافظات جنوب مصر. كان يحصل أولياء أمور الأطفال، الذين يواظبون على الحضور بالمدارس التي ينفذ فيها البرنامج التغذية المدرسية، على مساعدات نقدية شهرية، والتي كانت تدعمهم وتكون بمثابة حافز لهم. وتحصل الأمهات على فرصة للتدريب وقروض صغيرة لبدء مشروعات صغيرة أو تنمية المشروعات القائمة.

اختيار الموقع هو نصيحة بسيطة كانت سببًا في تحويل حياة سيدة. صورة: برنامج الأغذية العالمي/محمد جمال
اختيار الموقع هو نصيحة بسيطة كانت سببًا في تحويل حياة سيدة. صورة: برنامج الأغذية العالمي/محمد جمال

بفضل منحة الاتحاد الأوروبي، التي بلغت قيمتها 66 مليون دولار أمريكي، تمكن البرنامج من توفير مجموعة شاملة من التدخلات للمساعدة على التصدي للأسباب الجذرية لعمالة الأطفال، وذلك من خلال تنفيذ أنشطة تدعم التغذية الصحية والأمن الغذائي وجودة التعليم في 16 محافظة في جميع أنحاء مصر. وقد تم الانتهاء من المشروع الذي امتد إلى خمس سنواتٍ خلال فصل الصيف، واستفاد منه 2.3 مليون شخص إجمالًا.

دعم المشروع

تقول سيدة: ”علمني التدريب أن أفصل بين محفظة الأسرة ومحفظة المتجر، حتى لو كان هذا الفصل ضئيلًا. كما تعلمت أهمية اختيار الموقع الصحيح في تنمية عملي وإدرار المزيد منا المال.“

وقد استهدف البرنامج، من خلال تدريب (صاحبات المشروعات الصغيرة يمضين قدمًا) الذي يقدَّمه،  النساء -على وجه التحديد- في تصميم الأنشطة المدرة للدخل، وتنفيذها، وإدارتها. وقد بلغ عدد أمهات أطفال المدارس المجتمعية اللاتي تلقين التدريب إلى 25 ألف أم. وسيدة هي واحدة من بين 13 ألف أم، بمن فيهن سيدة، تلقين قروضًا صغيرة وتمكنن من إدارة مشرعاتهن الصغيرة.

سيدة ترص فطائر الخبز أمام متجرها. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/محمد جمال
سيدة ترص الخبز أمام متجرها. صورة: برنامج الأغذية العالمي/محمد جمال<br />



لدى سيدة الآن متجر قد استأجرته بالقرب من الطريق الرئيسي بجوار مدرستين وكنيسة ومكتب البريد ومركز اجتماعي. تقول سيدة مبتهجةً: ”لدي أفضل موقع، وأطبق كل شيء تعلمته في التدريب، حتى إنني أستطيع  الآن أن أبيع الخبز الطازج الذي أشتريه وأعبئه هنا، وعادة ما يُباع قبل أن يصل إلى المتجر، وينتظرني جميع الجيران وأطفال المدارس حتى أفتح المتجر في الصباح. وإذا تأخرت أو كان المتجر مغلقًا، فإنهم يتصلون بي ليسألوني متى سأفتحه.“ وتضيف: ”وعندما أكون في حاجة إلى المال، فإنني لا أقترب من خزانة المتجر أبدًا!.“

وها هي سيدة الآن تستطيع توفير أكثر بكثير مما كانت تأمل، فلم يعد عليها ديون، ولم يعد أحد سواها يتكفل باحتياجات أطفالها شيماء ومحمد وعبد الله.

تقول: "أستطيع الآن أن أشتري لهم ملابس جديدة في الصيف وفي الشتاء أيضاً."

 تعرف على المزيد عن عمل برنامج الأغذية العالمي في مصر