Skip to main content

مصر: كيف تمكنت الأسر في إحدى القرى النائية من بناء مدرسة مجتمعية

دروس حول ضمان حصول الفتيات والفتيان على التعليم على حد سواء ضمن مبادرة يدعمها برنامج الأغذية العالمي
, كتبت: أمينة القريعي
Five of Mahmoud's children sit in the back of a pickup truck on their way to the town centre.
أبناء محمود على متن شاحنة نصف نقل يستأجرونها للذهاب في رحلة التسوق الأسبوعية إلى المدينة. الصورة: برنامج الأغذية العالمي / مصر

محمود إبراهيم هو واحد من 300 شخص يعيشون في قرية مجمع إبراهيم الصحراوية - وهي تمثل مجتمعًا نائيًا في محافظة مرسى مطروح الساحلية التي تقع في شمال غرب البلاد. والقرية، التي لا يسكنها إلا أفراد أسرة إبراهيم، تفتقر إلى الكهرباء والمياه الجارية. ويعتمد السكان على مياه الأمطار المجمعة لتلبية احتياجاتهم اليومية.



ولا توجد طرق معبدة لربط القرية بوسط المدينة الرئيسي. والطريقة الوحيدة للوصول إلى هناك هي من خلال الطرق الطينية. وتعيش الأسر التي تسكن بلدة مجمع إبراهيم على رعي الأغنام والإبل وعلى رواتبهم من أعمال عشوائية يؤدونها من آن لآخر.

وكل يوم جمعة، يتشارك السكان في توفير تكلفة استئجار شاحنة نصف نقل تقلهم جميعًا إلى السوق لشراء ما يكفيهم لمدة أسبوع من المواد الغذائية والإمدادات الأخرى.



ولأن هذا المجتمع هو مجتمع بدوي محافظ، رفض سكان قرية مجمع إبراهيم إرسال بناتهم إلى مدارس بعيدة - حيث تقع أقرب مدرسة عامة على بعد 7 كيلومترات من القرية - وأبقوهن في المنزل بدلاً من ذلك.



كانت هدى، ابنة محمود الأولى، من بين الفتيات اللواتي لم يذهبن إلى المدرسة قط. لكن لم تكن الفتيات وحدهن من حُرمن من حقهن في التعليم. فقد كافحت العديد من الأسر من أجل العثور على الموارد اللازمة لدفع أجرة الشاحنة النصف نقل المستأجرة لنقل أولادهم الفتيان إلى المدرسة، ونتيجة لذلك لم يتعلم الكثير منهم أيضًا.



ويقول محمود: "كنت أرغب في تعليم ابنتي ولكنني لم أستطع، وهذا ما جعلني أبدأ في التفكير في حل لمشكلة لا تهمني أنا وحدي، بل تهم العديد من الأسر الأخرى من سكان القرية."

وقبل ثمان سنوات، شمر محمود عن ساعديه وبدأ في بناء مدرسة مجتمعية في بلدته معتمدًا على يديه دون أدوات أو معدات.

Mahmoud Ibrahim stands in front of the school he built himself and now bears his family name
محمود يقف خارج مبنى الفصل الدراسي الواحد الذي بناه في بلدة مجمع إبراهيم. الصورة: برنامج الأغذية العالمي / مصر

على الرغم من أن تعليم الفتيات لم يكن أبدًا يمثل أولوية بالنسبة لأسر قرية مجمع إبراهيم، إلا أن محمود تمكن من إقناع جده بالتبرع بقطعة أرض يملكها لبناء مدرسة من فصل واحد لخدمة بلدته ومسقط رأسه.

وهكذا، وبمساعدة الجيران، تم إنشاء "مدرسة أولاد إبراهيم المجتمعية" في قلب المجتمع.



والمدرسة المجتمعية هي عبارة عن مكان متعدد الصفوف مكون من فصل دراسي واحد يقع في مناطق ريفية للغاية حيث لا تتوفر مدارس حكومية في نطاق 2 كيلو متر. وتوفر هذه المدارس فرصة تعليمية نادرة للأطفال الذين تسربوا من التعليم أو فاتهم سن الالتحاق بالمدارس العامة، بالإضافة إلى خدمة العديد من الأطفال الآخرين الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف الذهاب إلى المدارس البعيدة.



واليوم، يذهب أربعة من أطفال محمود - فتاتان وولدان - إلى المدرسة المجتمعية حيث ينفذ برنامج الأغذية العالمي مبادرة التغذية المدرسية. وفي كل يوم يحضره الأطفال، يحصلون على وجبة خفيفة من البسكويت بالعجوة المعزز بالفيتامينات. وتغطي هذه الوجبة الخفيفة نحو 25 بالمائة من احتياجاتهم الغذائية اليومية.



ومن الجدير بالذكر أن برنامج الأغذية العالمي يساعد 26000 طفل من خلال برنامج التغذية المدرسية في مصر، كما يساعد عدد يبلغ إجمالًا 400000 شخص على الصعيد الوطني من أصل عدد السكان البالغ 101.5 مليون نسمه، ومن بينهم ما يقرب من 16 بالمائة يعانون من صعوبة في الحصول على الغذاء.

Mahmoud surrounded by six of his children, two girls and four boys.
محمود يقف وسط ستة من أبنائه التسعة. الصورة: برنامج الأغذية العالمي / مصر

يحصل محمود على مساعدة نقدية شهرية قيمتها 46 دولار أمريكي مشروطة بأن يحافظ أطفاله على نسبة حضور مدرسي تبلغ 80 في المائة - وهذا يساعده على توفير الغذاء لأسرته.



ومنذ بداية جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19)، كان الاكتفاء بالحد الأدنى من الدخل الذي يجلبه محمود يعني توفير قدر أقل من الغذاء لأسرته والاستمرار في الشراء بالدين من متجر المواد الغذائية المحلي. والآن أصبح محمود يستخدم المساعدة النقدية لشراء ما يكفيه لمدة شهر من المواد الغذائية الأساسية مثل المكرونة والأرز والدقيق وصلصة الطماطم والزيت.



وتجدر الإشارة إلى أن مدرسة أولاد إبراهيم المجتمعية، التي تضم حاليًا أكثر من 20 طالب مسجل، كانت قد خضعت مؤخرًا لأعمال ترميمية نفذها برنامج الأغذية العالمي - وتتمثل في تركيب سقف جديد ليحل محل السقف القديم الذي كانت تتسرب منه المياه.

ويقول محمود: "إن التعليم عنصر أساسي في حياتنا، فهو مثل الهواء الذي نتنفسه، ولدي أحلام كبيرة لأولادي في أن يصبحوا يومًا ما أطباء ومهندسين ومعلمين."



تعرف على المزيد حول عمل برنامج الأغذية العالمي في مصر وحول التغذية المدرسية