Skip to main content

لا يزال بوسعنا تغيير مسار الأمور بعيدا عن الجوع والمجاعة في السودان

برنامج الأغذية العالمي قادر على إيصال المساعدات إلى ملايين الأشخاص إذا تم حصل على التمويل المطلوب، وتم وقف إطلاق النار
, جوناثان دومونت، أبو بكر جار النبي وإليزابيث بريانت
WFP food assistance being loaded on to trucks in Port Sudan bound for hunger hotspots elsewhere in the country. Photo: WFP/Abubakar Garelnebei
مساعدات غذائية من برنامج الأغذية العالمي يتم تحميلها على شاحنات في بورتسودان متجهة إلى مناطق الجوع في أماكن أخرى من البلاد. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/أبو بكر جار النبي

تتسارع مئات الشاحنات المحملة بمساعدات برنامج الأغذية العالمي هذا الشهر إلى المناطق الأكثر جوعاً في السودان، كجزء من استجابة واسعة النطاق بعد تأكيد المجاعة في مخيم للنازحين في منطقة دارفور.


يستهدف برنامج الأغذية العالمي في البداية 3 ملايين شخص هذا الشهر، بهدف منع المزيد من الناس من الوقوع في براثن الجوع الكارثي، وهو أحد أكثر أسوأ تداعيات الصراع في السودان.


في الخرطوم التي مزقتها الحرب، قمنا مؤخراً بتوزيع مساعدات غذائية وتغذوية على السكان الجائعين لأول مرة منذ شهور. كما يدعم برنامج الأغذية العالمي المطابخ المجتمعية، وهي مجموعات تطوعية في الأحياء أصبحت شريان حياة غذائي حيوياً للسودانيين في مختلف أنحاء البلاد، وخاصة في العاصمة.

Fifteen-month-old Aisha shows signs of severe acute malnutrition during this test at a WFP-supported nutrition center in Port Sudan. Photo: WFP/Abubakar Garelnabei
تظهر على عائشة، التي تبلغ من العمر 15 شهرًا، علامات سوء التغذية الحاد أثناء هذا الاختبار في مركز التغذية الذي يدعمه برنامج الأغذية العالمي في بورتسودان. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/أبو بكر جار النبي

يقول منسق الطوارئ في برنامج الأغذية العالمي في السودان، ماركو كالفاكانتي: "لا يزال بوسعنا تغيير مسار الأمور ضد الجوع والمجاعة في السودان، لا يزال بوسعنا تحقيق ذلك".


لكن الوصول إلى ملايين الأشخاص ممن انقطعت بهم السبل يتطلب وصولاً إنسانياً غير مقيد، وممراً آمناً، وتدفقاً هائلاً للتمويل. في المجمل، يحتاج برنامج الأغذية العالمي إلى 459 مليون دولار أميركي لاستجابته الطارئة لدعم ما يصل إلى 8.4 مليون شخص جائع في السودان بحلول نهاية هذا العام.


يقول كالفاكانتي "نحن بحاجة إلى إنهاء هذا الصراع، ونحن بحاجة إلى الوصول دون عوائق إلى أولئك الأكثر احتياجًا. ونحن بحاجة إلى تركيز انتباه العالم على السودان".

المجاعة مؤكدة
Women at Zamzam camp in North Darfur in 2022, where famine has now been confirmed. They once received WFP food assistance -- but fighting has cut off humanitarian access here and elsewhere in Sudan. Photo: WFP/Leni Kinzli
نساء في مخيم زمزم في شمال دارفور في عام 2022، حيث تأكدت المجاعة الآن. لقد حصلن ذات يوم على مساعدات غذائية من برنامج الأغذية العالمي - لكن القتال قطع الوصول الإنساني هنا وفي أماكن أخرى في السودان. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/ليني كينزلي

في أواخر يوليو/تموز، أكد المعيار العالمي لقياس انعدام الأمن الغذائي ــ التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي IPC ــ وجود المجاعة في مخيم زمزم، الذي يأوي أكثر من 400 ألف نازح خارج مدينة الفاشر المحاصرة في شمال دارفور.


كانت هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك في السودان، وهي ثالث حالة تأكيد للمجاعة على مستوى العالم منذ تطبيق التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي لأول مرة قبل عشرين عاماً، وما زالت 13 منطقة أخرى في البلاد معرضة لخطر المجاعة في الأشهر المقبلة.


يقول مدير برنامج الأغذية العالمي في السودان، إدي رو: "إن التحدي الأكبر الذي نواجهه هو استمرار هذا الصراع الذي يعوق حركتنا، ويعوق كذلك توصيل الإمدادات الإنسانية على نحو آمن. ندعو الأطراف المتحاربة إلى وقف فوري للقتال".


لقد أصبحت أزمة النزوح في السودان الآن هي الأكبر في العالم. فمنذ أن بدأت قبل 16 شهرًا، تسببت الحرب في دوامة من الجوع تجتاح عشرات الملايين من الناس في جميع أنحاء البلاد. وقد أدى القتال إلى تدمير إنتاج الغذاء السوداني، وتدمير الأسواق الأساسية، وقطع المساعدات الحيوية عن المجتمعات الكبيرة والصغيرة.


بالإضافة إلى القتال العنيف، يشكل موسم الأمطار انتكاسة كبيرة أخرى في تقديم المساعدات، حيث تسببت الفيضانات في توقف عشرات الشاحنات التابعة لبرنامج الأغذية العالمي عن العمل.

WFP and other UN agencies navigate muddy roads during a recent humanitarian assessment mission in North Darfur. Photo: WFP/Khalid Hamdnalla
برنامج الأغذية العالمي ووكالات الأمم المتحدة الأخرى يتنقلون على طرق موحلة خلال مهمة تقييم إنسانية حديثة في شمال دارفور. تصوير: برنامج الأغذية العالمي/خالد حمدنا الله

بحسب أرقام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي لشهر يونيو/حزيران، يواجه نحو 26 مليون سوداني انعدام الأمن الغذائي الحاد. ويواجه نحو 750 ألف شخص في مختلف أنحاء البلاد انعدام الأمن الغذائي الكارثي، وهو أعلى مستوى للجوع. من المتوقع أن يعاني نحو 730 ألف طفل سوء التغذية الحاد الشديد الذي قد يهدد حياتهم هذا العام.


في منطقة دارفور، يصف خالد حمدنا الله، ضابط الأمن في برنامج الأغذية العالمي، لقاءاته مع عشرات الأشخاص الجوعى والنازحين خلال مهمة مشتركة بين منظمات الأمم المتحدة مؤخراً لتقييم الاحتياجات الإنسانية.


قال حمدنا الله عن الأشخاص الذين التقاهم، والذين يعيش بعضهم في مدارس مهجورة ومباني حكومية أخرى: "لقد رأينا أسرًا بأكملها، بما في ذلك الأطفال وكبار السن، ليس لديهم ما يكفي من الطعام. وقد نزح بعضهم أكثر من ثلاث مرات". وأضاف: "كانت طلباتهم الرئيسية هي الغذاء والتعليم والصرف الصحي والخدمات الصحية".


يضيف قائلاً: "المجتمعات المضيفة تشعر بالجوع أيضًا، لأنها تقاسمت ما لديها مع النازحين".

UN humanitarian vehicles trying to cross a rushing wadi, or seasonal river, during the August rainy season. Photo: WFP
مركبات إنسانية تابعة للأمم المتحدة تحاول عبور وادي متدفق، أو نهر موسمي، خلال موسم الأمطار في أغسطس/آب. الصورة: برنامج الأغذية العالمي

يضيف قائلاً: "المجتمعات المضيفة تشعر بالجوع أيضًا، لأنها تقاسمت ما لديها مع النازحين".


لقد عبرت بعثة الأمم المتحدة العديد من نقاط التفتيش المسلحة، لكن الأمطار الغزيرة أثبتت أنها التحدي الأكبر، حيث جعلت بعض الأودية (الأنهار الموسمية) غير قابلة للعبور. يقول حمدنا الله: "لا يمكنك أن تتخيل حالة الطرق مع هطول الأمطار. هناك أودية كبيرة، والتيار سريع جدًا، إنه أمر خطير للغاية".
 

خيارات آمنة قليلة


في أواخر يوليو/تموز، تمكن برنامج الأغذية العالمي من الوصول إلى العاصمة السودانية الخرطوم لأول مرة منذ مارس/آذار، مما سمح لنا بتسليم الناس حصص غذائية تكفي لمدة شهرين من الذرة الرفيعة والعدس والزيت والملح.

 كان العديد من الأشخاص الذين وصلنا إليهم من كبار السن أو غير القادرين على الفرار من خطوط المواجهة في الصراع. وقد أدى القتال إلى تدمير مساحات شاسعة من المدينة، بما في ذلك سوق أم درمان الشهير والمهم للغاية في الخرطوم، مما وجه ضربة لإمدادات الغذاء والاقتصاد في البلاد.

Khartoum's war-destroyed Omdurman market, once a vital economic and social hub. Photo: WFP/Jonathan Dumont
سوق أم درمان الذي دمرته الحرب في الخرطوم، والذي كان في السابق مركزًا اقتصاديًا واجتماعيًا حيويًا. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/جوناثان دومونت

إن أكثر من 90 ألف شخص في منطقة الخرطوم الكبرى على شفا المجاعة؛ وأكثر من مليون شخص يعانون مستويات الجوع الطارئة. مع ذلك، فإن الناس يتقاطرون إلى العاصمة، ليس لأنها أكثر أمانا، ولكن لأن الخيارات الآمنة قليلة بعد أشهر من الفرار.


يقول خالد محمد الباقر، وهو متطوع في أحد المطابخ المجتمعية في الخرطوم: "بدأوا في العودة إلى منازلهم، ولكن للأسف ليس لديهم أي شيء داخلها، وهم بلا عمل أيضًا بسبب الحرب، لذا بدأنا في تزويدهم بالطعام لتسهيل إقامتهم في هذا الحي".

Volunteers at a WFP-supported community kitchen in Khartoum serve up soup to hungry residents. Photo: WFP/Jonathan Dumont
متطوعون في مطبخ مجتمعي يدعمه برنامج الأغذية العالمي في الخرطوم يقدمون الحساء للسكان الجائعين. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/جوناثان دومونت

يدعم برنامج الأغذية العالمي مطابخ الأحياء مثل مطبخ الباقر، والتي توفر الحساء وغيره من المواد الغذائية الأساسية لسكان المدينة. الهدف العام هو توزيع ما يصل إلى 140 ألف وجبة ساخنة يوميًا. وبالنسبة للعديد من كبار السن وغيرهم من الأشخاص المعرضين للخطر في العاصمة، فإن هذه هي وجبتهم الوحيدة في اليوم.


تقول مايا، بائعة الشاي السابقة في الخرطوم: "كنا في كثير من الأحيان نقضي يومين أو ثلاثة أيام، دون أن نتمكن من الخروج والحصول على الطعام، وفي بعض الأحيان كنا نعلق في منازلنا لمدة أسبوع، وإذا حاولنا المغادرة، كنا نتعرض للضرب في الشارع، ويُسرق منا المال والطعام".

Amna Yousif and her family have pitched a tent in an abandoned lot in Port Sudan. She misses her village and better times without hunger. Photo: WFP/Jonathan Dumont
أقامت آمنة يوسف وعائلتها خيمة في أرض مهجورة في بورتسودان. إنها تفتقد قريتها والأوقات الجميلة التي كانت تعيشها دون جوع. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/جوناثان دومونت

يسعى سودانيون آخرون إلى الأمان في أماكن أخرى من البلاد. فقد فرت أسرة آمنة يوسف من منزلها في ولاية سنار التي مزقتها الحرب، وساروا على الأقدام، وركبوا شاحنات لمدة ثمانية أيام قبل أن يصلوا إلى مدينة بورتسودان الساحلية الآمنة نسبيا. تتذكر آمنة رحلتهم قائلة: "استيقظنا في الثانية صباحا في ليلة ممطرة، وحملنا الأطفال بين أذرعنا وسرنا طوال الليل في الوحل".


تعيش العائلة اليوم في خيمة في أرض مهجورة في بورتسودان.


"عندما غادرت منزلي تركت البامية مزدهرة والملوخية جاهزة للحصاد"، هكذا تتذكر آمنة الخضراوات المحلية التي زرعتها والأوقات الأفضل عندما كانت أسرتها تعيش بلا جوع. "أحد الأشياء الجيدة في قريتنا هو أنه عندما تزرع بيديك، فإنك تأكل وتشرب".


تتاح الاستجابة الطارئة لبرنامج الأغذية العالمي في السودان بفضل المساهمات المقدمة من الجهات المانحة بما في ذلك البنك الأفريقي للتنمية، وبلجيكا، وكندا، وقبرص، وجمهورية التشيك، والمفوضية الأوروبية، وفرنسا، وألمانيا، والمجر، وأيرلندا، وإيطاليا، واليابان، ومؤسسة KS Relief، والكويت، ولوكسمبورج، ومالطا، ومبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، وهولندا، والنرويج، وكوريا الجنوبية، وسلوفينيا، وإسبانيا، والسويد، وسويسرا، وأوكرانيا، والإمارات العربية المتحدة، والصندوق المركزي للاستجابة في حالات الطوارئ في الأمم المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية.

اعرف المزيد عن عمل برنامج الأغذية العالمي في السودان

الآن هو الوقت المناسب
لاتخاذ خطوة

يعتمد برنامج الأغذية العالمي على المساهمات الطوعية بالكامل لذا فإن لكل تبرع قيمته
تبرّع الآن