وقف إطلاق النار في غزة: تدفق المساعدات يبقي السكان بعيداً عن شبح المجاعة

بفضل اتفاق وقف إطلاق النار في 19 يناير/كانون الثاني والتدفق الكبير للمساعدات الذي سمح به الاتفاق، تم تفادي خطر حدوث المجاعة في غزة. ولكن إذا انهار الاتفاق، فقد يعود خطر المجاعة مجدداً.
وقام برنامج الأغذية العالمي بتوسيع نطاق دعمه للفلسطينيين من خلال تقديم مساعدات غذائية منقذة للحياة، بينما يعيد تزويد المخابز ويوفر النقد لمساعدتهم على بدء إعادة بناء حياتهم مع إحياء الاقتصاد المحلي. واعتبارًا من يوم الخميس (13 فبراير)، قام البرنامج الأغذية العالمي وشركاؤه بإيصال ما يقرب من 47,000 طن متري من المساعدات الغذائية.

وقال أنطوان رينارد، مدير برنامج الأغذية العالمي في فلسطين: "يمثل هذا ما يقرب من ثلاثة أضعاف ما تمكنا من إدخاله في ديسمبر/كانون الأول وما يقرب من خمسة أضعاف مما أدخلناه في أكتوبر/تشرين الأول.
وأضاف: "في الأسابيع القليلة الماضية، وصل البرنامج إلى ما يقرب من 862,400 شخص بمساعدات طارئة - طرود غذائية، ووجبات ساخنة، ودقيق القمح وحزم الخبز، وتوفير الإمدادات الأساسية للأمهات المرضعات والأطفال دون سن الخامسة.


الاحتياجات في غزة هائلة. وتتطلب استجابة برنامج الأغذية العالمي الطارئة توفير 219 مليون دولار أمريكي على مدى الأشهر الستة المقبلة، لدعم ما يصل إلى 1.5 مليون شخص شهريًا. فالحصول على التمويل الإضافي من المانحين ضروري لدعم العمليات الطارئة واستعادة الأسواق في غزة والضفة الغربية خلال عام 2025. والبرنامج مستعد لإرسال ما يصل إلى 30,000 طن من الطعام كل شهر، بما في ذلك الطرود الغذائية.
ملايين الوجبات
تم استئناف توزيع الوجبات الساخنة في الشمال، حيث نقدم 20,000 وجبة يوميًا في بيت لاهيا، بينما في رفح، يقدم مركز آخر 1,500 وجبة يوميًا. وفي مختلف أنحاء غزة، تم تقديم 7 ملايين وجبة ساخنة منذ وقف إطلاق النار، من خلال 60 مطبخًا في المناطق الوسطى والجنوبية. وقد تم نقل بعض هذه المطابخ تماشيًا مع احتياجات مئات الآلاف من الأشخاص الذين انتقلوا.
ويدعم برنامج الأغذية العالمي 22 مخبزًا من خلال تزويدهم بالوقود ودقيق القمح لجعل الخبز في متناول الناس، خاصة عندما تظل العديد من المنتجات الغذائية الأساسية بعيدة المنال.

تتشكل أسعار المنتجات الغذائية في انخفاض، ولكن بشكل تدريجي؛ فعلى سبيل المثال، انخفضت أسعار البيض بنسبة 50 بالمئة مقارنة بأسعار ديسمبر/كانون الأول، لكنها لا تزال أعلى بنسبة تصل إلى 1,200 بالمئة عما كانت عليه قبل الحرب. وبالمثل، ارتفعت أسعار دقيق القمح بما يصل إلى 400 بالمئة على الرغم من الانخفاض الحاد الذي شهده الشهر الماضي.
وقال رينارد: "لهذا السبب من المهم جدًا أن يعود القطاع التجاري وتدفق السيولة النقدية إلى غزة بشكل صحيح". وأضاف أن للمساعدات النقدية دورًا رئيسيًا، حيث تساعد برنامج الأغذية العالمي على "الانتقال تدريجيًا من توزيع الغذاء إلى دعم الأسواق من خلال إعادة إدخال منتجات غذائية طازجة ومغذية إلى الرفوف، وتنشيط اقتصاد غزة".

قام برنامج الأغذية العالمي بتوسيع نطاق تقديم المساعدات النقدية لتصل إلى 14,800 أسرة، حتى تتمكن العائلات من تلبية احتياجاتها الأساسية – التي تتجاوز الغذاء – أثناء سعيها للاستقرار وبدء رحلة إعادة بناء حياتها. ونهدف إلى الوصول إلى 150,000 شخص خلال شهر واحد. وللمرة الأولى منذ اندلاع الحرب، نساعد الناس على إنشاء "محافظ إلكترونية" – بالتحول من بطاقات القسائم التابعة للبرنامج إلى محافظ هاتفية يمتلكها الأشخاص مباشرة، مما يمكّنهم من الوصول إلى الأسواق بسهولة أكبر.
وقال ستيوارت كينت، مسئول البرامج لدى برنامج الأغذية العالمي في غزة: "هدفنا هو الانتقال إلى المساعدات النقدية مع تحسن ظروف السوق، مما يمكّن الناس من تحديد احتياجاتهم بأنفسهم. نريد أن ننتقل من الإغاثة الطارئة إلى شبكة أمان منتظمة على المدى المتوسط، مع التركيز على استعادة الإنتاج الغذائي المحلي والأنظمة الاقتصادية الداعمة له." وأضاف أن ذلك سيتطلب حلاً سياسيًا، نظرًا لعزلة غزة الحالية وانعدام الوصول التجاري إليها.

وأضاف كينت: "إن إعادة بناء غزة تتجاوز قدرات الجهات الإنسانية. فهذا يتطلب تمويلًا ضخمًا، وحوكمة، وإرادة سياسية، وتدفقًا حرًا للبضائع. وهناك حاجة إلى مليارات الدولارات وقروض على مستوى حكومي، وتخفيف الديون، وجهود إعادة بناء طويلة الأمد. فعملنا يتمحور حول إبقاء الناس على قيد الحياة."

وقال المدير القطري رينارد: "إن استمرار وقف إطلاق النار أمر بالغ الأهمية – ليس فقط لتوفير الغذاء بل لضمان تقديم مساعدات أوسع تتجاوز الإغاثة الفورية." وأضاف أن المواد مثل الخيام، ودعم المياه والصرف الصحي، والإمدادات الطبية، وتقنيات الاتصالات يجب أن يُسمح بدخولها على نطاق واسع.
وفي حين أن الاستجابة للاحتياجات الفورية للناس تُعتبر أولوية، أشار رينارد إلى أن العالم يجب ألا يغفل الهدف المتمثل في تعزيز الأمن الغذائي على المدى الطويل: "قبل الحرب، كان يُنتج البيض والفواكه والخضروات على نطاق واسع – يجب أن نعيد تشغيل مصانع الدواجن والبذور والصوبات الزراعية لإحياء الإنتاج الغذائي المحلي ومساعدة المجتمعات في استعادة سبل عيشها."