لقاء صحفي: رئيسة قسم الطوارئ في برنامج الأغذية العالمي تدعو إلى ضرورة توفر التمويل لتفادي حدوث مجاعة
تبدو كلمة المجاعة قاسية ومؤلمة - وهي نتيجة لا يريد أي شخص يعمل على إنهاء الجوع الوصول إليها، ولو بأقل قدر- هذا ما افتتحت به مارجو فان دير فيلدين، رئيسة قسم الطوارئ في برنامج الأغذية العالمي، حديثها.
إنها قلقة للغاية بشأن تزايد أعداد من يعانون الجوع في العالم اليوم.
ووفقًا للأرقام الصادرة في شهر ديسمبر، يوجد حاليًا نحو 151 مليون شخص يواجهون الجوع الحاد، بما في ذلك 31 مليون شخص معرضين لخطر شديد في 40 بلدًا.
تقول فان دير فيلدين: "من المتوقع أن تزداد هذه الأعداد في عام 2021. فأنا لا أرى أي سبب يوقف هذه الزيادة."
وتضيف أنه في العام المقبل: "سنرى أن معظم حالات انعدام الأمن الغذائي الشديدة مستمرة في المناطق التي تتواصل فيها النزاعات - إلى جانب القيود المفروضة على إمكانية الوصول."
وهذا سيجعل "البقاء وتقديم الخدمات في بيئات أكثر تعقيدًا وغير آمنة" تحديًا كبيرًا - ولهذا السبب يدعو برنامج الأغذية العالمي إلى تخصيص 5 مليارات دولار أمريكي لإنشاء صندوق للاستجابة السريعة ويبذل قصارى جهده لضمان الحيلولة دون وقوع المجاعة.
اليمن، حيث يساعد برنامج الأغذية العالمي 13 مليون شخص في أكبر عملياته، وجنوب السودان وبوركينا فاسو ونيجيريا على حافة الهاوية، بينما سجلت أفغانستان وجمهورية وسط إفريقيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا وهايتي والسودان وأوغندا وفنزويلا وزيمبابوي نتائج تثير القلق بشكل خاص على مقياس التصنيف المرحلي المتكامل لانعدام الأمن الغذائي.
وكما هي الحال دائمًا، فإن المتهم الرئيسي هو النزاع - فالقتال الدائر بين الأطراف المتحاربة يقطع وصول المساعدات الإنسانية إلى المجتمعات التي تعاني بالفعل من تداعيات تغير المناخ، والقيود المفروضة جراء جائحة فيروس كورونا، ناهيك عن الاضطرابات الاجتماعية والسياسية.
والنتيجة الحتمية هي انخفاض الحصص الغذائية وارتفاع معدلات سوء التغذية الحاد.
وكما تقول فان دير فيلدين فإنه بالنظر إلى المستقبل، فإن تعزيز قدرة برنامج الأغذية العالمي على توقع الأزمات أمر بالغ الأهمية - ولا سيما في البلدان التي "لا تتصدر عناوين الصحف ولا تحظى باهتمام وسائل الإعلام" مثل الكاميرون، حيث نزح أكثر من مليون شخص في منطقتي الشمال الغربي والجنوب الغربي. وتقول: "نحن بالكاد نصل إلى ما يزيد قليلاً عن 270000 شخص هناك".
وتضيف أن الصدمات الخفيفة التي يتلقاها النظام الإنساني تشكل تهديدًا مستمرًا، ولكن يمكن تخفيفها عن طريق الإعداد المسبق.
وتقول: "إذا ما تأملنا بصدق جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19)، لا أعتقد أن أي شخص يمكنه أن يقول،" لقد كنا مستعدين لهذه الأزمة". ليس فقط في برنامج الأغذية العالمي ولكن نحن كمجتمع [عالمي]."
وتضيف: "علينا أن نتأكد من أننا نتوقع الأفضل... ومع وجود عدم الاستقرار السياسي، والأزمات المتعلقة بالمناخ أو الأزمات الاقتصادية…. علينا أن نعزز بشكل مطلق الإنذارات المبكرة - فالتوقع والتأهب والقدرة على التصدي أمور بالغة الأهمية."
وتقول إن أحد الدروس الرئيسية المستفادة من الجائحة التي نعيشها في الوقت الحالي هو أن "مجموعات سكانية مثل اللاجئين تخرج أحياناً عن دائرة اهتمامنا ...لذلك نحن بحاجة إلى إيلاء اهتمام خاص بهذه الفئات".
وبحلول شهر ديسمبر، على سبيل المثال، فر 280000 شخص من ديارهم بسبب النزاع الدائر في منطقة تيغراي الإثيوبية بينما في شمال موزمبيق، نزح ما يقرب من 565000 شخص هربًا من العنف في كابو ديلجادو.
وتقول فان دير فيلدين: "إن هؤلاء الفئات لا يندرجون ضمن خطط الاستجابة الوطنية أو خطط الحماية الاجتماعية". وهي تخشى أن تتطور المشكلات المحلية إلى مشكلات إقليمية إذا لم تتم معالجتها.
وتضيف: "نرى أشياء صغيرة تحدث ويمكن أن تصبح كبيرة جدًا."
في بلدان مثل زمبابوي، توجد مشاكل تتعلق بالتمدن. وتقول فان دير فيلدين: "انظروا إلى تغير المناخ، انظروا إلى ما هو متوقع من حيث المياه والموارد التي قد لا تكون متاحة، وكيف سيؤثر ذلك على الملايين والملايين من الناس."
ويعتبر جمع البيانات عن بُعد ومراقبتها أمرًا بالغ الأهمية للإجابة على الأسئلة التوجيهية مثل: هل نستهدف الأشخاص المناسبين؟ هل نصل إلى الأشخاص المناسبين؟ ما هي العقبات التي يجب علينا التغلب عليها؟"
وتضيف أن برنامج الأغذية العالمي يعمل مع الحكومات للتأكد من أنه "يتمتع بالقدرة على الاستجابة بأي شكل وبأي أسلوب قد يستجد، سواء كان ذلك على صعيد الدعم الفني أو من خلال التدريب."
وكما تقول فان دير فيلدين، إن هذا ما يميز عمليات البرنامج في أمريكا اللاتينية إلى حد كبير - فعلى الرغم من تضرر جواتيمالا وهندوراس بشدة جراء جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19)، إلا أن المنطقة لم تنتكس مرة أخرى على النحو الذي كان برنامج الأغذية العالمي يخشى حدوثه في شهر مارس. ولكن مع تزايد العنف والفقر يومًا بعد يوم، فنحن لا زلنا لم نتجاوز مرحلة الخطر.
ومنذ بداية الجائحة، تمكن برنامج الأغذية العالمي من تقديم برامج لإنقاذ الأرواح وتغيير الحياة رغم المصاعب - ولم يتحقق ما توقعه مقياس التصنيف المرحلي المتكامل لانعدام الأمن الغذائي وهو أن عدد 135 مليون شخص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في هذا الوقت من العام الماضي سيرتفع إلى 270 مليون بحلول شهر ديسمبر.
ويعود الفضل في جزء كبير من ذلك إلى تدخل الخدمات المشتركة لبرنامج الأغذية العالمي لخدمة المجتمع الإنساني الأوسع.
عندما تم إيقاف رحلات شركات الطيران التجارية، قام البرنامج بتعبئة الطائرات لنقل كل من الموظفين والبضائع الطبية الهامة بما في ذلك معدات الوقاية الشخصية إلى المواقع المعرضة للخطر، وقام بإنشاء مراكز للاستجابة الإنسانية في المواقع الرئيسية، وعمل عن كثب مع الشركاء، بما في ذلك منظمة الصحة العالمية. وكما تقول فإن البناء على هذا العمل والموارد المشتركة ينقلنا "بلا شك إلى حيث نحتاج إلى التحرك خلال عام 2021".
لم تضيع جهود العاملين في برنامج الأغذية العالمي البالغ عددهم 20 ألف موظف في 88 بلدًا عندما منحت لجنة نوبل، في شهر أكتوبر، أكبر منظمة إنسانية في العالم جائزة السلام لعام 2020.
ويحتاج برنامج الأغذية العالمي الآن إلى تدخل الجهات المانحة للمساعدة على التغلب على الجوع خلال عام 2021 - وتفادي وقوع المجاعة.
وتقول فان دير فيلدين: "إن حقيقة الأمر تكمن في أن لدينا مجموعات متزايدة باستمرار من الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد ولم يتبق لهم إلا القليل حتى يسقطوا في براثن المجاعة."
وأضافت: "أعتقد أنه خلال عام 2021، نحن بحاجة إلى أن نتوخ الحذر الشديد وأن نتأكد من ألا نخفق في موضع لا يمكننا ببساطة أن نخفق فيه."
تعرفوا على المزيد عن حالات الطوارئ التي يتصدها لها برنامج الأغذية العالمي