Skip to main content

لبنان: الحرب في أوكرانيا تعني ارتفاع في الأسعار مصحوباً بأزمة مناخية

لن يكون هناك طعام يكفي إفطار الكثير من اللبنانيين في رمضان - لكن الدعم المقدم من برنامج الأغذية العالمي يبعث الأمل على مواجهة الارتفاع الشديد في الأسعار.
, إدمون خوري
With Ramadan just around the corner and as prices continue to rise, Rana expects that more families will break their fast with little to eat. Photo: WFP/Edmond Khoury
يساعد التدريب المقدم من برنامج الأغذية العالمي المزارعين مثل رنا على تحقيق أقصى استفادة من مواردهم المتضائلة. صورة: برنامج الأغذية العالمي/إدمون خوري

تؤدي مجموعة متشابكة من الطرق الموحلة إلى مزرعة رنا التي تقع بين القمم المغطاة بالثلوج في سهل البقاع. ويحذر برنامج الأغذية العالمي من عوامل مختلفة يترتب عليها ارتفاع أسعار الغذاء والوقود في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: وهي تغير المناخ، والصراعات، وجائحة فيروس كورونا، وارتفاع التكاليف.

اعتادت رنا، منذ الطفولة، على الاستيقاظ في الخامسة صباحًا لكسب العيش من عملها المفضل ألا وهو العمل في مزرعة والديها. وتقول رنا: "أنا أحب الزراعة وأشعر بالضيق من البقاء بين أربعة جدران لفترة طويلة."

ومع ذلك، مع بداية شهر رمضان، رنا وغيرها من ملايين اللبنانيين يواجهون اقتصادًا متدهوراً وتكاليف باهظة.

تؤثر الحرب المندلعة في أوكرانيا على أسعار الغذاء والوقود، حيث تحصل لبنان، باعتبارها دولة قائمة على الاستيراد، على 80% من احتياجاتها من القمح من أوكرانيا. وروسيا وأوكرانيا يمدان العالم بنسبة 30% من الحبوب.   

ففي العام الماضي، سجلت تكلفة السلة الغذائية – التي تمثل الحد الأدنى من الاحتياجات الغذائية لكل أسرة شهريًا - زيادة سنوية بنسبة 351 % في لبنان، تليها سوريا بنسبة 97 %، ثم اليمن بنسبة 81 %.

ومن المحزن أن تصل شحنات القمح إلى لبنان على متن سفن صغيرة، بعد أن دمر انفجار بيروت في عام 2020 أكبر صوامع تخزين الحبوب في البلاد.

وفي الوقت نفسه، فإن المزارعين مثل رنا يقفون في الخطوط الأمامية في مواجهة التغير المناخي، حيث تتضرر حقولهم من فترات الجفاف الطويلة.

 

 

كانت صوبات رنا مليئة بأنواع مختلفة من الخضروات. وقد أجبرتها أزمة المناخ على اختيار المحاصيل المقاومة لنقص المياه. تصوير: برنامج الأغذية العالمي/إدمون خوري

قالت رنا: "اعتقدت أن الصيف الماضي لن ينتهي أبدًا". حيث اضطرت إلى بيع ما يقرب من نصف أغنامها وأبقارها لرعاية ما تبقى منها، بسبب ارتفاع أسعار العلف.

وأضافت: "لقد اضطررت أيضًا إلى التخلص من معظم محصول الخضروات العام الماضي بسبب إصابتها بالآفات." فعندما لا تمطر السماء "ترتع تلك الحشرات والآفات في المزارع". وتتوقع أن المزيد والمزيد من محاصيلها "ستقع ضحية لتغير المناخ  "هذا الصيف.

وتضيف: "لست بحاجة إلى تطبيق طقس ليخبرك أن هناك تغير في حالة الجو، بل تستطيع أن تشعر به فعليًا من خلال بشرتك." 

بالإضافة إلى أن الحرارة والرطوبة تزيد من الحاجة للعمالة،  وكذلك تجبر الظروف المناخية غير المنتظمة رنا على زراعة المحاصيل إما في وقت مبكر أو متأخر عن المعتاد لتجنب الأزمة المالية الناتجة عن قلة الحصاد.

وحرائق الغابات تضرب لبنان من كل الجهات، مما يؤدي إلى اندلاع النيران في مساحات من الغابات وإجبار الكثيرين على الفرار من منازلهم. منذ عام 2017 ، كان برنامج الأغذية العالمي في لبنان في طليعة الاستجابة لأزمة المناخ في البلاد. لقد زرعنا أكثر من 1.1 مليون شتلة وحمينا أكثر من 502 هكتارًا من الغابات من الحرائق.

من خلال العمل مع الجامعة الأمريكية في بيروت، ينفذ برنامج الأغذية العالمي حاليًا مشروعًا تجريبيًا يعزز القدرات التكيفية للمجتمعات الريفية من خلال دعم المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة في مناطق تشمل عكار والبقاع وبعلبك وحاصبيا.

 

Rana had to sell some of her sheep so she could afford feeding and taking care of the remaining ones. Photo: WFP/Edmond Khoury
اضطرت رنا إلى بيع بعضًا من أغنامها حتى تتمكن من إطعام ورعاية ما تبقى. تصوير: برنامج الأغذية العالمي / إدمون خوري

إن تنمية الأعمال التجارية ومهارات التسويق وإدارة الثروة الحيوانية تمكن المزارعين من تخفيف آثار تغير المناخ.

يبحث برنامج الأغذية العالمي حاليًا في تكرار هذا العمل وعمل مشاريع مماثلة لكسب الرزق. إلا أن نقص التمويل يعيق دعمنا الكامل للطبقات المحتاجة - بمن فيهم المزارعين - وهم يقتربون من حافة الهاوية. فالتمويل أمر ضروري لتحقيق النجاحات ودعم المزيد من الأشخاص المحتاجين.

كانت رنا تمتلك صوبات مليئة بأنواع مختلفة من الخضروات، إلا أن الأزمة المناخية أجبرتها على اختيار المحاصيل المقاومة لقلة المياه كزراعة الأعشاب العطرية مثل النعناع وإكليل الجبل بدلاً من الطماطم والفلفل الأخضر والكوسا المعتاد زراعتها والأكثر ربحًا.

Climate change is not coming soon. It is already here and farmers like Rana are on the frontline. Photo: WFP/Edmond Khoury
إن ظاهرة التغير المناخي لم تحدث مؤخرا، بل هي ظاهرة موجودة بالفعل هنا والمزارعون مثل رنا يواجهونها. التصوير: برنامج الأغذية العالمي - إدمون خوري

قالت رنا "ما تعلمته في هذا المشروع أمر لافت للنظر، وهو أنني أنتج أسمدة عضوية غير مكلفة من الأشياء التي اعتدت التخلص منها"، مضيفة أن هذا عوضها عن بعض خسائرها من خلال تصنيع الأسمدة من الأشياء التي اعتادت التخلص منها بدلاً من شراء الأسمدة.

مع استمرار ارتفاع الأسعار خلال شهر رمضان، تتوقع رنا أن يكون لدى الكثير من العائلات قليل من الطعام متاح لإفطارهم. 

ولا يزال برنامج الأغذية العالمي في طليعة من يقدم المساعدات الإنسانية لأزمات لبنان، حيث يساعد حاليًا واحدًا من كل ثلاثة أشخاص في جميع أنحاء البلاد التي تعاني الآن من تأثير الأزمات المحلية والعالمية.