Skip to main content

أزمة الجوع في السودان: برنامج الأغذية العالمي يدعو إلى توفير التمويل وإيصال المساعدات الإنسانية لتجنب المجاعة

تقرير جديد للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي يوضح أن 755 ألف شخص يعانون أعلى مستويات انعدام الأمن الغذائي في أكبر أزمة جوع في العالم، حسبما يحذر برنامج الأغذية العالمي.
, WFP Staff
In the photo: Sittna eats her daily ration of MAM-treating supplements while her mother Magedah gets instruction from the nutrition officer at Philippe nutrition centre in Portsudan.
ماجدة آدم وابنتها ستنا تتلقى المساعدات الغذائية والطبية في مركز للنازحين في السودان. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/أبو بكر غاريلنابي

 

في مدينة بورتسودان الشرقية، حيث يبحث عشرات الآلاف من النازحين؛ بسبب الحرب عن مأوى، تعكس صور الأطفال الرضع الضعفاء ذوو الأذرع الرفيعة مدى ارتفاع مستويات سوء التغذية بشكل خطير. يكتظ عدد كبير من الناس يعانون الجوع بالمدارس وغيرها من مراكز الإيواء المؤقتة، ويتشبثون بممتلكاتهم الضئيلة من حياتهم القديمة. في جميع أنحاء السودان، ثالث أكبر دولة في أفريقيا من حيث المساحة، تسمع قصص حزينة لا حصر لها، حيث يكافح الملايين من أجل البقاء.

تجلس فوزية عبد الله آدم، وهي تحمي عينيها من الشمس، بينما تصف كيف فرت من منزلها الذي مزقته الحرب شمال العاصمة السودانية الخرطوم قائلة: "لقد فقدت منزلي، وعائلتي بأكملها. كل ما هو مهم فقدناه".

كانت فوزية محظوظة لبقائها على قيد الحياة. على مدى أكثر من عام، أدى الصراع في السودان إلى مقتل الآلاف وتشريد أكثر من 9 ملايين شخص، مما شكل أكبر أزمة نزوح في العالم. اليوم، يدفع الصراع هذا البلد الواقع في شرق أفريقيا إلى حافة المجاعة.

يواجه الآن أكثر من نصف سكان البلاد، أو حوالي 26 مليون شخص، انعدام الأمن الغذائي الحاد؛ أي ما يزيد بمقدار 14 مليون شخص عما كان عليه قبل الصراع. من بين هذا العدد، يكافح نحو 8.5 مليون شخص عند مستوى "الطوارئ"، وهو المستوى الرابع، وقبل الأخير من التصنيف المرحلي للأمن الغذائي وهو المقياس العالمية للجوع (مبادرة تعاونية تضم أكثر من 20 شريكا، بما في ذلك حكومات ووكالات للأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية). 

يرسم التقرير الأخير، الذي نُشر اليوم (27 يونيو/حزيران)، صورة مثيرة للقلق لعدد يبلغ 755 ألف شخص يعانون "جوع كارثي"، وهو المستوى الخامس والأكثر خطورة لانعدام الأمن الغذائي في التصنيف المرحلي للأمن الغذائي.

Bags of wheat flour taken off truck in Port Sudan
تم تفريغ حمولة دقيق القمح من أوكرانيا في بورتسودان في وقت سابق من هذا العام - ويدعو برنامج الأغذية العالمي إلى الوصول دون قيود لتوزيع المخزون في جميع أنحاء السودان. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/أبو بكر جار النبي

يقول  المدير القطري لبرنامج الأغذية العالمي في السودان، إيدي رو: "لم أشهد قط وضعاً يتدهور فيه وضع الأمن الغذائي تدريجياً إلى مستوى كارثي كل يوم. ومع ذلك، فإن هذا هو ما يحدث، خاصة في المناطق المتضررة من النزاع مثل منطقتي دارفور وكردفان وولاية الجزيرة وجنوب الخرطوم".

في الواقع، يمكن أن تتفاقم حالة الجوع بشكل حاد مع احتدام القتال وهطول الأمطار - حيث يبدأ "موسم الجوع" في شهر يونيو/حزيران، عندما تفقد مجتمعات واسعة النطاق إمكانية الوصول إلى الطرق والأسواق. إن تناقص ​​التمويل ومحدودية وصول المساعدات الإنسانية يجعل المنظمات الإنسانية مثل برنامج الأغذية العالمي غير قادرة على الوصول إليهم.

والنتيجة هي "النزوح الجماعي المنتظم"، حيث يسافر الناس إلى مراكز متناثرة في جميع أنحاء البلاد، حيث يعرفون أنهم سيتمكنون من تلقي المساعدة.

A food distribution at a school in Sudan earlier this year
توزيع المواد الغذائية في مدرسة في بورتسودان في وقت سابق من هذا العام - يسافر الناس بأعداد كبيرة للوصول إلى هذه المراكز من جميع أنحاء السودان. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/أبو بكر جار النبي

يقول رو: "هذا أمر مخيف للغاية؛ لأنه بينما نبذل قصارى جهدنا للوصول إلى المواقع التي يصعب الوصول إليها، فإن صعوبة الوصول بسبب تغير خطوط الصراع على نحو دائم يمنعنا من مساعدة الناس".

يضيف: "نحن نعمل على توسيع نطاق استجابتنا لحالات الطوارئ لتجنب حدوث مجاعة كاملة وإنقاذ الأرواح قبل فوات الأوان. إنه سباق مع الزمن. نحن بحاجة إلى الوصول بدون قيود. لو توفر لدينا إمكانية الوصول والتمويل، فسنكون قادرين على تجنب المجاعة الكاملة".

يشعر رو بالارتياح من تأثير عمل برنامج الأغذية العالمي خلال العام الماضي، فالأرقام الجديدة للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي كانت مرشحة لأن تكون أعلى بكثير لو لم تصل المساعدات الغذائية التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي إلى العديد من الأماكن التي وصل إليها. يقول رو: "على الرغم من كل التحديات، في ولايات دارفور، على سبيل المثال، تمكنا من الوصول إلى أكثر من مليون شخص بأكثر من 7500 طن متري من الغذاء".

Fawziyaa, a displaced women in Port Sudan
فوزية آدم وعائلتها يتلقون مساعدات غذائية في بورتسودان بعد أن فروا من منزلهم شمال العاصمة الخرطوم. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/أبو بكر جار النبي

تأتي أرقام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي في أعقاب سلسلة من التقارير المقلقة الأخرى. فقد أظهرت النتائج التي تم التوصل إليها في مايو/أيار أن ما يقرب من 3.7 مليون طفل سوداني دون سن الخامسة يعانون سوء التغذية الحاد، وأن 750 ألف طفل يعانون سوء التغذية الشديد.

يعود السبب وراء هذا الارتفاع إلى عدم إمكانية الحصول على الطعام المغذي، ومياه الشرب الآمنة، والصرف الصحي، وزيادة خطر الإصابة بالأمراض. لقد زادت جميع هذه العوامل المسببة لسوء التغذية بشكل حاد منذ اندلاع الصراع في السودان قبل أكثر من عام.

قام برنامج الأغذية العالمي بتوزيع المساعدات الغذائية والنقدية والغذائية على حوالي 6.8 مليون شخص، بما في ذلك أكثر من 3 ملايين دعمناهم هذا العام. الهدف هو الوصول إلى 5 ملايين آخرين بالمساعدات الغذائية بحلول نهاية عام 2024. يقول رو: "إذا كان لدينا إمكانية الوصول والتمويل، فإننا بحاجة إلى كليهما الآن".

بالنسبة لفوزية آدم، تعتبر مساعدة برنامج الأغذية العالمي بمثابة شريان حياة. بعد أن فقدت الاتصال بأسرتها، هربت أولاً إلى ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة بوسط السودان، والتي كانت ذات يوم سلة الخبز في السودان. عندما اجتاح القتال المدينة في ديسمبر/كانون الأول الماضي، فرت مجددا، إلى بورتسودان هذه المرة على بعد مئات الكيلومترات.

تقول فوزية: "لقد قدموا لنا دقيق القمح والزيت والوجبات المغذية للأطفال"، مضيفة أن الأمهات حصلن أيضًا على هذا الطعام المدعم بالعناصر الغذائية الضرورية.

تلقت ابنة ماجدة آدم (لا علاقة لها بفوزية) العلاج قبل فوات الأوان. وقالت ماجدة لبرنامج الأغذية العالمي، وهي تحتضن طفلتها الصغيرة التي كانت ترتدي ثوباً أبيض مكشكشاً في مخيم للنازحين في بورتسودان: "لا أعرف ما الذي حدث لها، سواء كانت عدوى أو ملاريا أو حمى". لا تزال المدينة المطلة على البحر الأحمر واحة آمنة نسبية بعيدا عن القتال الدائر في أماكن أخرى من البلاد.

سافرت ماجدة وعائلتها مسافة 800 كيلومتر للوصول إلى هنا بعد سقوط قنبلة بالقرب من منزلهم في الخرطوم. بمجرد استقرارها، أخذت ماجدة ابنتها إلى مركز صحي يدعمه برنامج الأغذية العالمي. حيث كانت الفتاة مريضة جدًا لدرجة أنها لم تتمكن من المشي.

In the photo: Sittna (two years old) daughter of Magedah while getting her MUAC measurements taking by the nutrition officer at the WFP-Supported nutrition centre of Philippe in Portsudan.
تم إجراء اختبار محيط الجزء العلوي من الذراع لابنة ماجدة، سيتنا. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/أبو بكر جار النبي

تقول: "لقد أخذوا قياساتها وأعطوها الفيتامينات وأخبروني أنها ضعيفة للغاية".

استعادت ابنة ماجدة عافيتها، وبدأت تمشي من جديد بفضل الرعاية والمكملات الغذائية الخاصة التي تلقتها. تقول ماجدة: "الحمد لله".

لكن الأطفال الآخرين قد ينتظرون تبعات أسوأ لهذا الصراع. سوء التغذية الحاد يهدد الحياة، إن احتمال وفاة الطفل الذي يعاني سوء التغذية يصل إلى 11 مرة أكثر من الطفل الذي يتمتع بتغذية جيدة. حتى الأطفال الذين يتعافون يواجهون آثارًا محتملة مدى الحياة على نموهم البدني والمعرفي، ومع حدوث انتكاسات أكثر شدة، فإن سوء التغذية يستمر لفترة أطول دون علاج.

شاهد الفيديو: برنامج الأغذية العالمي يستجيب لأزمة السودان

كما تظهر على العديد من النساء الحوامل والمرضعات مستويات مثيرة للقلق من سوء التغذية. يقول إيدي رو، من برنامج الأغذية العالمي: "نحن على أعتاب فقدان جيل قادم بسبب سوء التغذية".

بينما يناشد رو الأطراف المتحاربة منح حق الوصول، مع التأكيد على مبادئ الحياد وعدم التحيز التي يسترشد بها عمل الجهات الإنسانية الفاعلة مثل برنامج الأغذية العالمي، فإنه يدعو الجهات المانحة إلى مواصلة العطاء بكرم. يقول: "اسمحوا لي بالتحفظ على عنصر التمويل. يجب أن يكون هناك تمويل "مرن" للسماح لنا بالتكيف مع أكثر طرق المساعدة فعالية وكفاءة، سواء كانت عينية أو نقدية، أو قدرتنا على الشراء محليًا، أو إجراء تحويلات نقدية في المناطق التي تعمل فيها الأسواق".

يضيف رو: "يشهد السودان أكبر أزمة جوع في العالم، وعلينا أن نتحرك الآن للوقوف إلى جانب الشعب السوداني في أصعب أوقاته".

 

الآن هو الوقت المناسب
لاتخاذ خطوة

يعتمد برنامج الأغذية العالمي على المساهمات الطوعية بالكامل لذا فإن لكل تبرع قيمته
تبرّع الآن