Skip to main content

سوريا: "كل ما أصلحناه، لن يتحطم مرة أخرى."

مع دخول الأزمة السورية عامها العاشر، هناك قصص وأشخاص تُذَكِرنا بأن سوريا يعاد بنائها بفضل العمل الجاد، والإصرار، وأحلام الكثيرين. عبد القادر عكام أحد هؤلاء الأشخاص.
, كتبت: جيسيكا لوسون
ساعد عبد القادر في دعم إعادة تأهيل المخابز التي تعتبر شريان الحياة للأسر السورية. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/حسام الصالح
ساعد عبد القادر في دعم إعادة تأهيل المخابز التي تعتبر شريان الحياة للأسر السورية. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/حسام الصالح

على مدار الثلاث سنوات الماضية، عمل عبد القادر عكام مع برنامج الأغذية العالمي لإعادة تأهيل ثلاثة من أربعة مخابز في إحدى المناطق الأكثر فقرًا في مدينة حلب. واليوم، تقدم تلك المخابز حِزَم الخبز الطازج بالمجان لحوالي 90 ألف شخص.

" هنا في حلب، الخبز والماء هما الشيئان الأساسيان اللذان يحتاج إليهما الناس، أي شيء آخر يعتبر ميزة إضافية."

قال عبد القادر: "لقد أصبحت هذه المخابز جزءًا هامًا جدًا من الحياة اليومية. وقد أحدثت فارقاً كبيرًا للأسر هنا. بعض الأشخاص هنا لا يمتلكون مالاً لشراء الخبز. وفي الماضي، كانوا يضطرون إلى السير لمدة ساعتين في الصباح الباكر للوصول إلى أقرب مخبز. والبعض الآخر كان يخرج من المنزل في منتصف الليل ليتسنى لهم الوصول قبل أن تفتح المخابز في الساعة السادسة صباحًا. أما الآن لم تعد هناك مشكلة في الحصول على الخبز."

المخابز تدعم 90000 من الأشخاص الأكثر ضعفًا في حلب. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/حسام الصالح
المخابز تدعم 90000 من الأشخاص الأكثر ضعفًا في حلب. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/حسام الصالح

إذا دخلت مخبزًا في حلب، تتضح لك بضعة أمور على الفور؛ دفئها، ورائحتها الرائعة، فالجميع هنا يستيقظ مبكرا جدا. وبين أكياس الدقيق، تجد آلات ومئات الأرغفة من الخبز. يرى عبد القادر أن صناعة الخبز يمكن أن يكون إحدى الطرق التي تساعد حلب على التعافي من سنوات العنف.

يقول عبد القادر: "للخبز أهمية كبيرة جدًا عند السوريين. الخبز يلغي الفجوات الطبقية بين الناس. الخبز يؤكل مع كل وجبة. إذا لم يكن لديك بعض الخبز، يمكن أن تطلبه من جيرانك. إنه الشيء الوحيد المشترك بيننا نحن السوريين. فكلنا نحتاج إلى الخبز."

استمرار الصراع في الشمال الغربي يؤدي إلى انتشار الجوع فقد أًجبر حوالي مليون شخص على ترك منازلهم - وهو ما يمثل أكبر موجة للنزوح منذ بدء الأزمة، يستمر الوضع الإنساني العام في سوريا في التدهور، فمازال الكثير من الأشخاص يدفعون ثمن تسع سنوات من الصراع.

تواجه جميع الأسر السورية ضغوطا اقتصادية متزايدة في ظل الارتفاع المتسارع في أسعار الغذاء في البلاد، حيث شهدت أسعار بعض الأغذية الأساسية ارتفاعا حادا وسريعا يصل إلى 60 في المائة خلال عام واحد. ولم يعد باستطاعة الكثيرين اتباع نظام غذائي مناسب وصحي.

الخبز من الأغذية الأساسية للسوريين. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/ حسام الصالح
الخبز من الأغذية الأساسية للسوريين. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/ حسام الصالح

إن هذا الأمر ليس غريبًا في حلب. فمنذ ثلاث سنوات مضت، كان سكان حلب يواجهون أزمة إنسانية تعد الأسوأ من أي شيء شهدته سوريا منذ بدء الحرب.

الأحياء المحيطة بالمخابز تحكي قصة ما حدث في حلب. هناك أمور كثيرة تُذَكِّر بالماضي ويستحيل تجاهلها. ولكن، عبد القادر ينظر إلى المستقبل. بدأت الأسر تعود. فأينما وجد الغذاء، وجدت الحياة.

"إن الشيء الأساسي الذي يشجع الناس على العودة إلى منازلهم هو توفر الخبز. الخبز يساعد مستهلكيه ويساعد أيضًا الأشخاص الذين يعملون هنا، الذين أعادوا تأهيل المخابز، والذين أصلحوها، والذين خططوا لها. إن هذا الأمر يساعد على إيجاد فرص عمل ويعود بالنفع على الاقتصاد المحلي."

"أحد المخابز يبدأ في توزيع الخبز في الساعة السادسة صباحًا وينتهي في الساعة التاسعة صباحًا. يتم خَبز 3000 ربطة خُبز يوميًا. أشعر بالفخر لأنني بدأت مشروعًا من العدم ومازلت جزءًا منه إلى اليوم. هذا الأمر هو مصدر سعادة بالغة لي. المشاعر التي تبدو على وجوه الناس بعد الحصول على الخبز كما لو كانوا قد فازوا بجائزة. هذه هي حقاً المكافأة الكبرى".

"المسلمون يؤمنون بأن فعل الخير يدوم إلى الأبد. أعتقد أن أجيالا وأجيالا ستستفيد مما يقوم به برنامج الأغذية العالمي. دون جهود برنامج الأغذية العالمي، ما تمكننا من البدء. لقد عاد الأمر بالنفع على الحي بالكامل. كل شيء قد أصلحناه لن يتحطم مرة أخرى".

بدأ برنامج الأغذية العالمي إعادة تأهيل المخابز في الأجزاء التي تم الوصول إليها مؤخرًا في حلب في عام 2007. الكثير من المقيمين الذين عادوا إلى منازلهم كانوا قد نزحوا لمدة أربع سنوات وكانوا في حاجة ملحة إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الغذاء، والمدارس، والرعاية الصحية. أحد المخابز تحطم أيضًا، وكان 90 في المائة منه بحاجة إلى إعادة بناء.

على مدار التسع سنوات الماضية، رفع برنامج الأغذية العالمي حجم مساعداته شهريًا لتزويد أربعة ونصف مليون شخص بمساعدات غذائية لإنقاذ حياتهم، وذلك في كل محافظة في سوريا.

اقرأ المزيد عن عمل برنامج الأغذية العالمي في سوريا.