أسرة تسير على الأقدام لمدة 30 ساعة من سوريا حتى منطقة كردستان العراق

عائشة، شابة كردية سورية، تتطلع إلينا بخجل من وراء خمسة أطفال صغار. عادة ما يكونون هم الذين يختبئون وراءها، لكن ربما تكون هذه هي المرة الأولى التي يستقبلون فيها زوار في منزلهم الجديد. فقد وصلت العائلة قبل أسبوع إلى محافظة دهوك في إقليم كردستان العراق.
قد تكون كلمة "منزل" وصف مبالغ فيه للمكان الذي يعيشون فيه. فمنزلهم لا يتعدى خيمة من القماش، نظيفة وجديدة، ولكنها صغيرة بالنسبة لستة أشخاص: فهي تضم في مكان واحد غرفة المعيشة وغرفة النوم وغرفة الأطفال وغرفة اللعب. عائشة تبتسم وتعطيني وسادة أتكئ عليها وتصر أن أخذها، وهناك رضيع يتحرك في سريره.
"تحتم علينا أن نختار بين أن نغادر وطننا أو أن نخاطر بحياة أطفالنا ومستقبلهم."
هذا ما قالته عائشة ثم أشارت إلى أطفالها وأطفال شقيق زوجها. عندما جلست أخيرًا على حصيرة، جلسنا أمامها أنا وزميلي الاثنين. رفعت فتاة صغيرة أخرى باب الخيمة الأمامي واندفعت لتنضم إلينا، وقد سمح فتح غطاء الخيمة بدخول أشعة الشمس الذهبية في وقت العصاري.
قدمت لنا عائشة الشاي، لكننا نفضل تجنب مضايقتها لأن الأطفال يتنافسون على اهتمامها. علينا أن نغادر فسرعان ما سيزور فريقنا، قبل غروب الشمس، مخيم بردراش للقاء المزيد من الأسر التي وصلت حديثًا. إن أسرتها مثال للأسرة المترابطة التي تمر بأوقات عصيبة.

تقول عائشة: "زوجي أحمد يعمل سائقاً. لم يكن لدينا الكثير، لكنه كان كافياً. كنا نستأجر شقة صغيرة في القامشلي" - مسقط رأسهم وهي عاصمة محافظة الحسكة في شمال شرق سوريا - عبر الحدود من دهوك في إقليم كردستان العراق.
ثم اندلعت أعمال العنف في شمال شرق سوريا. ففكرنا في الفرار إلى العراق. وتقول: "لقد انتظرنا فترة أطول من الأسر الأخرى التي غادرت، معتقدين أن توقف العمليات العسكرية قد يحسن الأمور. لكن بعد أسابيع، لم تكن هناك علامات على نهايتها. كان علينا أن نختار بين أن نغادر أو نخاطر بحياة أطفالنا ومستقبلهم. وقد قررت عائلة شقيق أحمد المغادرة وكذلك فعلنا نحن، ثم غادرنا سيرا على الأقدام."
تقول: "لقد كانت رحلة مرهقة لمدة 30 ساعة ولكن "تمكنا من الركوب خلال جزء من الطريق." وأثناء استماعي إليها، لم أستطع أن أفهم كيف تسير على أقدامها مع أطفال صغار بينهم طفل رضيع لكيلومترات طويلة.
وصل أحمد مع ابن أخيه وجلس معنا. عندما شرحت له عائشة من نكون، شكرنا بهدوء. وقال: أشكرهم على قضاء وقتهم معنا.
عندما وصلوا إلى مخيم كويلان بعد الرحلة الطويلة، تولت منظمة وورلد فيجن الدولية، شريك برنامج الأغذية العالمي، والمنظمات الأخرى، توفير الغذاء والمأوى لهم. صرف برنامج الأغذية العالمي لجميع الوافدين الجدد إلى كويلان وبردراش وجبات جاهزة للأكل، وصرفت لهم بعد يومين حصص إعاشة مدتها شهر.

عائشة تريني موقد الكيروسين الصغير في الزاوية خارج الخيمة، حيث تطبخ لعائلتها التي غالبيتها من الأطفال. وتقول: "إنه موقد بسيط، لكنه يمكننا من تناول وجبات ساخنة".
تستطرد عائشة قائلة: "عند الحدود، حصلنا على القليل من الماء والطعام، ثم انتظرنا دورنا في مركز التسجيل. كان قد نفد كل ما معنا، لذلك كنا بحاجة إلى المساعدة عندما وصلنا ".
اتضح أن أسرة عائشة وأحمد قد دفعت أموالاً للمهربين لعبور الحدود. وعندما سمعت ذلك، شعرت بالارتياح لأن رحلتهم التي استمرت 30 ساعة قد انتهت هنا. يقول أحمد "أريد أن أعمل الآن، لكننا ننتظر الحصول على التصاريح والإقامة".
سألتهم: هل ستقيمون جميعًا في المخيم؟ تقول عائشة: "نريد العودة إلى وطننا. ولكن فقط عندما يسود الأمن." فر الآن حوالي 20 ألف لاجئ من شمال شرق سوريا من العنف الدائر في أوطانهم، واختاروا إعطاء الأولوية لأمن أسرهم، حتى لو كانت الرحلة إلى الأمان طويلة ومحفوفة بالمخاطر.

أتساءل عما إذا كان عائشة وأحمد يعرفان أي شخص آخر في إقليم كردستان. تقول عائشة ووجهها يشرق بالفرح: "لدينا أقارب في مخيم دوميز في دهوك. وإنني أتطلع إلى رؤيتهم مرة أخرى."
ويضيف أحمد "وغير ذلك، أسرة أخي تعيش في الخيمة المجاورة. ربما تكون حتى قريبة للغاية!"
ضحكنا جميعنا. وأشعر بالارتياح لأنهم لا يشعرون بالوحدة كما كنت أخشى.
تمنينا لعائشة وأحمد والأطفال كل خير ونحن نغادر إلى مخيم بردراش. وقد وقفت الأسرة تلوح لنا من خارج خيمتهم تحت أشعة الشمس، وهم يبتسمون لنا ابتسامات دافئة. يلعب الأطفال من الأسرتين كما لو أنهم من أسرة واحدة، ما يجمعهم هو أنهم عاشوا الأزمة التي مروا بها معاً، وأهم ما يجمع بينهم هو الحب.
ونتقدم بالشكر لكل من وزارة الخارجية الألمانية الاتحادية، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وسويسرا، واليابان، وكندا، وبلجيكا، وإيطاليا على دعمهم المتواصل لمن يساعدهم برنامج الأغذية العالمي في العراق.