Skip to main content

العراق - حكايات وأكواب شاي من مخيم اشتي

لمحة عن الحياة العائلية في مخيم للنازحين في السليمانية، حيث يوفر برنامج الأغذية العالمي مساعدات في ظل خطر فيروس كوفيد-19.
تعيش خازوريا مع عائلتها الكبيرة في مخيم للنازحين. صورة: برنامج الأغذية العالمي/شارون رابوز
تعيش خازوريا مع عائلتها الكبيرة في مخيم للنازحين. صورة: برنامج الأغذية العالمي/شارون رابوز

جلست خازوريا وابنتها الصغرى هيتاشي لاحتساء بعض الشاي في خيمتهم . كان منزلهم الذي يحتوي على مكان للطهي بالإضافة إلى قسمين آخرين للمعيشة هو خيمة مؤقتة. وعندما كان العديد من أقربائهم يزورونهم. كانوا يخلعون نعالهم، ويدخلون بهدوء للجلوس على الحصيرة في الداخل. قالت خازوريا وهي تشير للجميع  بالجلوس: "إننا عائلة كبيرة".

مخيم اشتي هو مخيم للنازحين في محافظة السليمانية، ويستضيف حوالي 2,000 عائلة. كما أنه يبعد مسافة قصيرة بالسيارة عن مدينة اشتي في محافظة كردستان العراق. أدى الصراع الذي اندلع في في عام 2014 إلى فرار العديد من العوائل من بيوتهم، كما هو الحال مع عائلة خازويا.

وعلى الرغم من استعادة المناطق من قبضة داعش في نهاية عام 2017، إلا أن الاضطرابات الأمنية المستمرة، وانعدام البنى التحتية الأساسية والخدمات وفرص العمل حال دون عودة العديد من العوائل إلى بيوتهم. في حين يستمر برنامج الأغذية العالمي بتوفير رواتب شهرية  للفئات الأضعف في المخيمات، كعائلة خازويا، لتلبية احتياجاتهم الغذائية.

يعمل برنامج الأغذية العالمي الآن على حماية صحة العوائل من فيروس كورونا المسبب لمرض (كوفيد-19)، لذا، يأخذ البرنامج وشركاؤه حذرهم قدر المستطاع أثناء توزيع المساعدات المالية على النازحين واللاجئين في المخيمات، وذلك من خلال الحفاظ على مسافات آمنة حين استلام الناس استحقاقاتهم المالية، واستعمال الكمامات ومطهرات اليدين، والتعقيم لتنظيف المواد التي يتكرر استعمالها، وغسل اليدين بصورة دورية. كما أن جلسات التوعية حول فيروس كورونا مع المقيمين في المخيم والكادر - بما في ذلك أصحاب المحلات الغذئية - تساعد الناس على حماية عوائلهم ومجتمع المخيم.

أكواب الشاي العراقي اللذيذ. صورة: برنامج الأغذية العالمي/شارون رابوز
أكواب الشاي العراقي اللذيذ. صورة: برنامج الأغذية العالمي/شارون رابوز

تصل شقيقة خازوريا وفي يديها صينية تحتوي أكواباً صغيرة، مملوئة بشاي ثقيل وساخن.  ليبدأ الجميع باحتسائه ببطء.

تقول خازوريا : "إننا عائلة من المزارعين من محافظة صلاح الدين". ( جنوب غرب السليمانية.) وأضافت : "كنا نعيش في يثرب. وفي عام 2014، قتل زوجي في الصراع".

وأردفت خازويا قائلة: "كان الرحيل أفضل لنا وأكثر أمناً من البقاء في صلاح الدين. إلا أن رحلتنا نحو بر الأمان لم تكن هيّنة. إذ لم نستطع أن نجلب معنا سوى ما كان بوسعنا حمله ، مع كمية قليلة جداً من الطعام. كما اضطررنا  للنوم في العراء. أذكر أني استيقظت ذات ليلة  وكانت الحشرات تغطينا وتمشي على وجوهنا وفي شعرنا."

"هذا الصغير يحب الأكل." تقول أخت خازوريا. صورة: برنامج الأغذية العالمي/شارون رابوز
"هذا الصغير يحب الأكل." تقول أخت خازوريا. صورة: برنامج الأغذية العالمي/شارون رابوز

وقالت أيضا :"حين وصولنا، بقينا لمدة عشرة أيام عند مركز التسجيل قبل أن نتابع طريقنا نحو اشتي". وحينما نظرت إلى وجوه عائلتها، بدت  علامات الراحة على وجهها مجدداً لوصولهم إلى أمن المخيم. تختلف هذه الحياة تماماً عن حياة المجتمعات الريفية بجانب نهر دجلة، التي  نشأوا عليها. "إننا مسرورون لكوننا ننعم بالأمان هنا، كما بات باستطاعة الأطفال الآن أن يتعلموا." تضيف خازويا. الجدير بالذكر أن هناك مدرسة في المخيم على الجهة المقابلة لخيمة عائلة خازوريا، على الرغم من أن المدارس الآن متوقفة نتيجة الحجر الصحي.

يوفر برنامج الأغذية العالمي المساعدات النقدية من خلال الحوالات عبر الهاتف النقال، ما يعني أن بوسع العوائل- كعائلة خازوريا على سبيل المثال- أن يستلموا مستحقاتهم النقدية كل شهر من خلال ادخال رمز على هواتفهم وينفقونه كما يشاؤون في المحلات الغذائية.

سألتهم عما يطبخون ويأكلون. فأجابت بأن سلعهم الأساسية هي: "الأرز، والعدس، والفاصوليا البيضاء، والحمص". وأضافت، "تتيح لنا المستحقات النقدية أن نختار احتياجنا من الغذاء. إنني أعي أهمية التغذية، وإننا نفعل ما بوسعنا في ظل هذه الوقت العصيب مع وجود فيروس كورونا. نحن نركز الآن على الأغذية الأساسية فقط من أجل البقاء. نحن نملك كفايتنا من الغذاء الآن، أتذكر كيف كان الوضع قبل وصولنا إلى هنا."

وتضيف خازويا: " كنا نعتمد على الدخل القادم من عمل ولدي اليومي، إلا أنه بات غير قادر على العمل بسبب الحجر الصحي وحظر التجوال. ولولا المساعدات النقدية الشهرية، لاضطررنا إلى شراء الغذاء من المحلات الغذائية في المخيم بالدين. نحن نحترم جميع الإجراءات التي يتخذها   (العاملون) هنا لأجل سلامتنا صحتنا ونقدرها. لا سيما في مواقع التوزيع لتجنب حدوث الإزدحامات."

كانت السيطرة على الحشود في المخيمات عنصراً أساسياً خلال الأزمة، ويشمل ذلك وضع حدود قصوى على عدد الأشخاص المسموح  بتواجدهم في المحلات الغذائية في وقت واحد، والمحافظة على نظافة كل شيء قدر المستطاع. توزع الملصقات حول الإجراءات الوقائية في جميع المخيمات حيث يعمل برنامج الأغذية العالمي.

تطهو خازوريا وجبة الغداء في مطبخ العائلة. صورة: برنامج الأغذية العالمي/شارون رابوز
تطهو خازوريا وجبة الغداء في مطبخ العائلة. صورة: برنامج الأغذية العالمي/شارون رابوز

تبدأ خازويا بإعداد الغداء الآن ، وهو شوربة العدس لجميع أفراد العائلة. إن رائحتها زكية للغاية. كما أنها صحية. تقول خازوريا: "إننا قلقون الآن على اختي، إذ إنها تعاني من مشكلة في الغدة الدرقية وارتفاع ضغط الدم."

إن وجود المزيد من الحالات الصحية المعقدة يعني ببالغ الأسف أن المستشفى عاجز عن تغطية كافة احتياجاتهم ، لذا فعلى شقيقة خازوريا أن تزور مستشفى  خارج المخيم. وفي ظل جائحة كورونا ، بات كل شيء متعلق بالعلاج في المستشفى أكثر تعقيداً، إذ ينتظر الجميع تحسن الوضع بصبر.

تبدأ خازوريا بإعداد طبق آخر، وتعرض علينا أن نشاركها به.

تقول خازوريا : "في حين أنني وعائلتي ممتنون لكوننا ننعم بالأمان ونتمتع بوسائل الراحة الأساسية، إلا أنني لن أنسى النوم في حفرة إلى جانب الطريق. لكننا نودّ العودة إلى ديارنا، حينما يصبح الوضع أكثر أمناً لعائلتي وأطفالي. وذلك لكي نعيد بناء منازلنا، ونعود إلى الزراعة مجدداً."

مع جزيل الشكر إلى مكتب الغذاء من أجل السلام التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ووزارة الخارجية الألمانية (GFFO)، واليابان، وكندا، وبلجيكا، وايطاليا، وجمهورية كوريا، والسويد لدعمهم المتواصل إلى الأشخاص الذين يقدم برنامج الأغذية العالمي في العراق المساعدة لهم، بما في ذلك خلال أزمة جائحة كورونا.