Skip to main content

عشرات الآلاف الفارين من الصراع في لبنان يواجهون مستقبلاً غامضاً في سوريا

على الرغم من المساعدات التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي وغيره من العاملين في المجال الإنساني ، فإن الجوع والخوف منتشران بين النازحين.
, حسام الصالح، غزوان جباصيني، وديمة نجار
Salma and her family are back in their native Syria, the country they fled a decade ago, after escaping the bombings in Lebanon. Photo: WFP/Hussam Al Saleh
عادت سلمى وعائلتها إلى بلدهم الأصلي سوريا، البلد الذي فروا منه قبل عقد من الزمن، بعد هروبهم من التفجيرات في لبنان. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/حسام الصالح

عندما بدأت القنابل تتساقط بالقرب من منزلهم في جنوب لبنان في أوائل أكتوبر/تشرين الأول، أدركت سلمى وزوجها أن الوقت قد حان للمغادرة - والعودة إلى موطنهما سوريا، البلد الذي مزقته الحرب والذي كانوا قد فرّوا منه قبل عقد من الزمان.

واليوم، تعيش هي وعائلتها في شقة أختها الصغيرة في بلدة تل كلخ غربي سوريا، بعد وصولهم  إليها من لبنان المجاور ،لا يحملون سوى الملابس التي يرتدونها.

تقول سلمى، وهي تجلس على الأرضية الجرداء والدموع تنهمر على وجهها: "اعتقدنا أن المجيء إلى هنا سيمنحنا بعض الراحة من الغارات الجوية والقصف. ولكن بدلاً من ذلك، نحن محاصرون في مزيد من المعاناة".

من بين أكثر من مليون شخص نزحوا بسبب الغارات الإسرائيلية على لبنان منذ أواخر سبتمبر/أيلول، لجأ عشرات الآلاف إلى سوريا المجاورة. ومثل سلمى وعائلتها، كثيرون منهم سوريون - يعودون إلى ديارهم في بلد لا يزال يعاني من سنوات من الاضطرابات، حيث يعاني ما يقرب من نصف السكان انعدام الأمن الغذائي.
 

WFP staff hand out nutritious date bars to people escaping Lebanon's conflict, at a Syrian border crossing near Damascus. Photo: WFP/Hussam Al Saleh
موظفو برنامج الأغذية العالمي يوزعون ألواح التمر المغذية على الأشخاص الفارين من الصراع في لبنان عند معبر حدودي سوري بالقرب من دمشق. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/حسام الصالح

يقول كينيث كروسلي، الممثل والمدير القطري لبرنامج الأغذية العالمي في سوريا، والذي زار مؤخراً القرى السوريّة التي تستضيف النازحين الجدد: "إن المحتاجين يستضيفون ويستقبلون أشخاصاً آخرين محتاجين، ويعدون وجبات الطعام ويوفرون المأوى والنقل. إننا نشهد أزمة تتراكم فوق أزمة أخرى".

وعلى المعابر الحدودية السورية الرئيسية مع لبنان، يقدم برنامج الأغذية العالمي وغيره من المنظّمات الإنسانية المساعدة لآلاف الأشخاص المنكوبين، بما في ذلك ألواح التمر المعززة بالفيتامينات والوجبات الساخنة والحصص الغذائية الجاهزة للأكل. وفي غضون أسابيع قليلة، تمكنّا من الوصول إلى ما يقرب من 170,000 نازح داخل سوريا من خلال هذا الدعم.

إذا طال أمد الصراع في لبنان، يخطط برنامج الأغذية العالمي لتوسيع نطاق عمله لتقديم المساعدات الغذائية والنقدية لنحو 400,000 شخص في سوريا على مدار الأشهر الستة المقبلة، سواء من النازحين أو المجتمعات المضيفة. ويأتي هذا الدعم بالإضافة إلى مساعداتنا الغذائية المقدّمة داخل لبنان، والتي تهدف إلى الوصول إلى ما يصل إلى مليون شخص متضرر من الأزمة.

يقول كروسلي: "نحن بحاجة  لتدخّل العالم بأجمعه لمساعدة الأشخاص القادمين إلى هنا من لبنان. ولكننا بحاجة أيضًا إلى مساعدة سكان سوريا المستضيفين، الذين يعانون  بالأصل من انعدام الأمن الغذائي".

A woman crosses into Syria from Lebanon, where the escalating conflict has displaced more than a million people. Photo: Hussam Al Saleh
امرأة تعبر الحدود إلى سوريا من لبنان، حيث أدى الصراع المتصاعد إلى نزوح أكثر من مليون شخص. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/ حسام الصالح

حصلت سلمى وعائلتها على حصص غذائية من برنامج الأغذية العالمي عند عودتهم إلى سوريا. وكانوا يتلقون دعمنا سابقًا كلاجئين في لبنان. حيث منعتهم الأمراض الصحية المختلفة على مر السنين من العمل وكانت المساعدات أمرًا حيويًا بالنسبة لهم. زوجها البالغ من العمر 68 عامًا صحته ضعيفة؛ ووالده مصاب بالشلل. كما تعاني سلمى نفسها من التهاب المفاصل الروماتويدي.

تقول سلمى: "جيراننا في لبنان كانوا يعرفون معاناتنا ويدعموننا". ولكن مع وجود الكثير من المحتاجين في سوريا، لن يعود ذلك ممكنًا .حيث يعيش أكثر من اثني عشر فردًا من العائلة في غرفتين فقط في شقة شقيقتها.

وتعرب سلمى عن امتنانها للمساعدات المقدّمة من قبل برنامج الأغذية العالمي وغيره من المساعدات الإنسانية التي تتلقاها.   وبالرغم من أن هذه المساعدات تغطي جزءًا كبيرا من احتياجات  أفراد العائلة بأجمعها ، لكنها لا تكفي. وتكمل قائلة إن الأسرة لا تأكل سوى الخبز في الصباح، وتشرب مياه الصنبور غير النظيفة.

وتتساءل سلمى: “عنف في سوريا، وعنف في لبنان، أين نذهب؟ يجب أن نساعد بعضنا البعض للنجاة من هذا الظرف". 

محظوظون لأننا نجونا
Bushra (L) and her family at a Syrian border crossing. They have no idea where they'll shelter in Syria. Photo: WFP/Ghazwan Jabasini
بشرى (يسار) وعائلتها عند معبر حدودي سوري. ليس لديهم أدنى فكرة عن المكان الذي سيلجأون إليه في سوريا. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/غزوان جباصيني

خارج العاصمة السورية دمشق، تلقت بشرى وعائلتها أيضًا مساعدات من برنامج الأغذية العالمي ومساعدات إنسانية أخرى. فروا من منزلهم في لبنان بالسيارة وسط دخان متصاعد من الغارات الجوية. لم يكن لديهم الوقت لجمع حتى وثائق الهوية الأساسية. عبرت العائلة إلى سوريا سيراً على الأقدام بعد أن تسببت غارة جوية في إحداث فجوة في الطريق بالقرب من الحدود.

وتقول بشرى: "بمجرد خروجنا، تم قصف منزلنا، والحمد لله كنا محظوظين ونجونا".

أثارت رحلة العودة ذكريات مؤلمة للأم الشابة وزوجها. غادرا محافظة دير الزور التي مزقتها الحرب في سوريا قبل خمس سنوات، بحثًا عن ملجأ في لبنان. وجدت بشرى عملاً هناك كمدبرة منزل، وزوجها كبنّاء حجارة. ومثلها كمثل سلمى وعائلتها، كان الزوجان وأبناءهما الصغيران يتلقون مساعدات إنسانية في لبنان كلاجئين.

In Syria, WFP's assistance is reaching tens of thousands of conflict-displaced people - like this family - but we need more funds to scale up our support. Photo: WFP/Hussam Al Saleh
تصل مساعدات برنامج الأغذية العالمي إلى عشرات الآلاف من النازحين بسبب النزاع في سوريا مثل هذه العائلة. ولكننا بحاجة إلى المزيد من الأموال لتوسيع نطاق دعمنا. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/حسام الصالح

 أرسل الجيران في لبنان لبشرى صورًا لمنزلهم. تقول بشرى: "لقد هُدم المنزل بالكامل. لقد انكسر قلبي عندما غادرنا، لكن لم يكن لدينا خيار آخر".

تحدثت بشرى وعائلتها إلى برنامج الأغذية العالمي عند معبر جديدة يابوس الحدودي بالقرب من العاصمة السوريّة، وهم غير متأكدين من المكان الذي سيذهبون إليه بعد ذلك. لم يعد لدى عمّهم الذي آواهم ذات يوم في سوريا  متّسع لاستضافتهم.

تقول بشرى: "نحن نمرّ بنفس التجربة مرّة أخرى. أوّلاً في سوريا، والآن في لبنان. هذا الشعور لا يوصف. هذا كثير جدًا. عزائي الوحيد هو أنّ أطفالي آمنين".

Many of those displaced by conflict in Lebanon are women and children, who arrive in Syria with little more than the clothes on their backs. Photo: WFP/Hussam Al Saleh
العديد من النازحين بسبب الصراع في لبنان هم من النساء والأطفال، الذين يصلون إلى سوريا وليس معهم سوى الملابس التي يرتدونها. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/حسام الصالح

 ويظلّ ابنها الأكبر البالغ من العمر خمس سنوات يتساءل عن سبب فرارهم، وما إذا كانوا سيعودون إلى لبنان. يتساءل عما إذا كان أصدقاؤه لا يزالون على قيد الحياة.

تقول بشرى والدموع تملأ عينيها: "يقول لي أمي أريد الذهاب إلى المدرسة، ويسألني متى ستأتي حافلة المدرسة لتأخذه، ويطلب مني أن أحضر له حقيبة ظهر".

تعرف على المزيد حول عمل برنامج الأغذية العالمي في سوريا ولبنان

الآن هو الوقت المناسب
لاتخاذ خطوة

يعتمد برنامج الأغذية العالمي على المساهمات الطوعية بالكامل لذا فإن لكل تبرع قيمته
تبرّع الآن