من أوغندا إلى أنغولا: لاجئو أفريقيا يواجهون الجوع المتزايد وتقليص المساعدات

وقفت أمنية وطفلها الصغير في طابور تحت شمس الظهيرة الحارقة، ينتظران الوجبة الساخنة اليومية للقادمين الجدد في مستوطنة كيريانجوندو للاجئين في أوغندا. بدا الإرهاق واضحاً على وجه هذه الأم العزباء، التي وصلت بالحافلة من السودان الذي مزقته الحرب قبل يوم واحد فقط.
تقول أمنية (تم حجب الألقاب لأسباب تتعلق بالحماية): "أعلم أنني سأكون بأمان حتى تنتهي الحرب وأتمكن من العودة."
لكنها لم تكن تعلم بعد أن المساعدات الإنسانية للاجئين في أوغندا - وفي أنحاء أفريقيا - تنهار تحت وطأة الاحتياجات المتزايدة، والتي تتجاوز بسرعة الموارد المتاحة.
ورغم استمرار الدعم القوي من المانحين، إلا أنه لا يكفي للاستجابة لتزايد أعداد الفارين من النزاعات والجفاف والصدمات الأخرى – مما أجبر برنامج الأغذية العالمي والمنظمات الإنسانية الأخرى على تقليص المساعدات الغذائية للاجئين بشكل كبير، ثم تقليصها مجدداً لتغطية احتياجات الأكثر ضعفاً فقط.

الصورة: برنامج الأغذية العالمي/نعيم جريد.
من دون تدفق سريع وكبير للمساهمات، يواجه ملايين اللاجئين في مختلف أنحاء إفريقيا خطر فقدان مساعدات برنامج الأغذية العالمي بالكامل خلال أسابيع قليلة. ويشمل ذلك أوغندا، التي تستضيف أكبر عدد من اللاجئين في القارة، حيث يبلغ عددهم 1.9 مليون لاجئ. العديد من الوافدين الجدد، مثل أمنية، فرّوا من منازلهم ولا يملكون سوى الملابس التي كانوا يرتدونها، ومعظمهم بلا أي وسيلة أخرى للبقاء على قيد الحياة.
يقول ماركوس بريور، مدير برنامج الأغذية العالمي في أوغندا الذي يدير عمليات دعم اللاجئين التي تحتاج 50 مليون دولار أمريكي حتى ديسمبر/كانون الأول: "على الرغم من الاحتياجات المتزايدة، اضطررنا تدريجياً إلى تقليص مساعداتنا". وأضاف: "من المرجح أن تؤدي التخفيضات في حجم الحصص وعدد اللاجئين الذين تتم مساعدتهم إلى زيادة انعدام الأمن الغذائي ومعدلات سوء التغذية في غضون ستة أشهر أو أقل".
لا يوجد طعام

في مخيم راينو للاجئين شمال غرب أوغندا، كانت جميما، البالغة من العمر 37 عامًا من جنوب السودان، من بين الذين شعروا بآثار التخفيضات. وصلت جميما، أم لـ 12 طفلاً، إلى أوغندا في عام 2016، وكانت تحصل أسرتها على مساعدة نقدية شهرية من برنامج الأغذية العالمي بقيمة 53 دولارًا أمريكيًا للطعام والاحتياجات الأساسية. تراجعت المساعدة إلى 38 دولارًا، ثم توقفت تمامًا في مايو، عندما أجبر نقص التمويل برنامج الأغذية العالمي في أوغندا على تقليص المساعدات الغذائية لنحو مليون شخص من أصل 1.6 مليون لاجئ كان يدعمهم.
تقول جميما: "لا يوجد طعام"، بينما تنظر إلى الذرة نصف الناضجة في أرضها الصغيرة، وهي شهادة على سياسة أوغندا التقدمية في تخصيص الأراضي للاجئين. لكن المحاصيل لا تلبي سوى جزء ضئيل من احتياجاتهم الغذائية.
ومع عدم توفر المال لتلبية الاحتياجات الأخرى، اضطرت جميما إلى إخراج أطفالها من المدرسة. وعاد زوجها إلى جنوب السودان بحثًا عن أرض يزرعها، رغم الجوع المتزايد وانعدام الأمن في وطنهم.

يستضيف جنوب السودان مئات الآلاف من اللاجئين، ومن بينهم عبد الله البالغ من العمر 84 عامًا، الذي جاء من السودان المجاور، حيث شرد الصراع الدائر منذ أكثر من عامين الملايين. عندما انفجرت قنبلة بالقرب من منزله في ولاية النيل الأبيض بالسودان، فرّ المزارع عبد الله وأسرته سيرًا على الأقدام، في رحلة استغرقت أيامًا حتى وصلوا إلى الحدود.
يقول عبد الله من مركز عبور رنك: "كلنا مرضى بالملاريا. هناك انعدام للأمن في الشرق، وهناك انعدام للأمن في الشرق. ليس لدينا طعام أو ماء". وصلت أسرته إلى المركز بحقيبة صغيرة تحتوي على الضروريات للأطفال.

الصورة: برنامج الأغذية العالمي/بيتر لويس.
في مدينة الرنك، يقدم برنامج الأغذية العالمي لعبد الله والوافدين الجدد البسكويت المدعم بالفيتامينات والمعادن عند الوصول، وتوزيعًا نقديًا لمرة واحدة لتلبية احتياجات الغذاء الفورية حتى يصلوا إلى أحد مخيمات اللاجئين في جنوب السودان. ولكن بسبب الفجوة التمويلية البالغة 34.6 مليون دولار أمريكي، لا يقدم البرنامج حاليًا سوى 50 بالمائة من الحصص الغذائية المقررة للاجئين.
تقول روز إيجورو، مسؤولة برنامج الأغذية العالمي في جنوب السودان: "هناك أزمة إنسانية خطيرة. ولكن لدعم هذه الأزمة الجديدة، يحتاج البرنامج إلى مزيد من التمويل".
تخفيضات إضافية قادمة
يُعد الصراع في السودان وشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية من المحركات الرئيسية لأزمة اللاجئين الأوسع في أفريقيا، مع تداعيات ملموسة في البلدان المجاورة. ففي مصر، على سبيل المثال، تستضيف البلاد 1.5 مليون لاجئ سوداني فروا من الحرب. ولكن حتى هنا، لم يواكب التمويل الخاص ببرامج اللاجئين التابعة لبرنامج الأغذية العالمي الاحتياجات المتزايدة على نحو هائل. ولا يختلف الوضع كثيرا عن أماكن أخرى بأفريقيا، فقد شهد العديد من طالبي اللجوء في مصر تخفيضات كبيرة في المساعدات، بينما توقفت بالكامل بالنسبة لمئات الآلاف الآخرين، مثل تيريزا، وهي أم سودانية لسبعة أطفال.
تعيش تيريزا الآن في القاهرة، وتعتمد أسرتها على الدخل الضئيل الذي يجنيه أحد أبنائها من عمله. وتقول: "لا أعلم كيف سنستمر هكذا."

في شرق الكاميرون، على بعد آلاف الأميال جنوبًا، تقوم فطومة، وهي أم لاجئة من جمهورية أفريقيا الوسطى، بتقليب آنية الطعام بينما يراقبها ابنها الصغير بهدوء. تُعد فطومة من بين ما يقرب من ربع مليون لاجئ من جمهورية أفريقيا الوسطى في المنطقة ممن يعتمدون إلى حد كبير على الدعم الإنساني. لكنهم أيضًا تعرضوا لتخفيضات في الحصص الغذائية بسبب فجوة تمويلية تبلغ 63 مليون دولار أمريكي في استجابة برنامج الأغذية العالمي للاجئين في الكاميرون هذا العام.
تقول فطومة: "نأكل مرة واحدة فقط في اليوم الآن. الطعام غير كافٍ، وأشعر بالقلق على طفلي".

كما تأثرت المبادرات طويلة الأجل الرامية إلى بناء قدرة اللاجئين على الصمود واستقلالهم عن المساعدات الغذائية.
وفي مقاطعة لوندا نورت في أنغولا، على الحدود مع جمهورية الكونغو الديمقراطية، تعاون برنامج الأغذية العالمي مع الحكومة وشركاء إنسانيين لإطلاق مشاريع مثل الزراعة وتربية النحل وزراعة أشجار الفاكهة، والتي تعود بالفائدة على اللاجئين الكونغوليين والمجتمعات المحلية المضيفة لهم. وهناك خطط لتوسيع هذه الأنشطة المدرة للدخل وإضافة أنشطة أخرى مثل تربية الأسماك. لكن نقص المساهمات أوقف تلك الخطط وأجبر برنامج الأغذية العالمي على تقليص المساعدات الغذائية للاجئين.الأمر الذي لم يكن يتمناه الكثيرون هنا.

وتقول أنطوانيت، اللاجئة الكونغولية المعروفة بلقب «ماما أنتو»، والتي تقود مبادرة بناء القدرة على الصمود: "علينا زراعة الأرض حتى يرى أطفالنا آباءهم يعملون ليعيشوا". وتضيف: "لا نريد الاعتماد على المساعدات الإنسانية. لقد انتهى وقت الطوارئ. الآن هو وقت التنمية."
كتب هذه القصة: ديداس كيسيمبو، وميريامو ماداكي، ومريم زاكي، وكريستين حنا، وإنارة غلام حسين، وجابرييلا فيفاكوا.
البنك الأفريقي للتنمية/الكاميرون، وكندا، والاتحاد الأوروبي، وفرنسا، وألمانيا، وإيرلندا، واليابان، والجهات المانحة متعددة الأطراف، وإسبانيا، والسويد، وسويسرا، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة المتحدة، وصندوق الأمم المتحدة للإغاثة في حالات الطوارئ (CERF)، والولايات المتحدة الأمريكية من بين المانحين الذين يدعمون عمليات برنامج الأغذية العالمي الخاصة باللاجئين في مختلف أنحاء أفريقيا.