برنامج الأغذية العالمي ومنظمة اليونيسف يكافحان سوء التغذية لدى الأطفال في مناطق الأزمات

أصعب اللحظات بالنسبة لنيانين جاتدور هي عندما يبكي طفلها "تواتش"، البالغ من العمر عامين، بسبب الجوع. تقول الأم البالغة 25 عاماً وأم لثلاثة أطفال: "عندما يبكي الطفل أمامك وليس لديك ما تقدمينه له، تشعرين بألم في قلبك".
تعيش جاتدور وعائلتها في مخيم للنازحين في ولاية الوحدة بجنوب السودان، ضمن الملايين من سكان جنوب السودان الذين نزحوا من ديارهم بسبب العنف أو الكوارث المناخية. ويعتمد بقاؤهم على المساعدات الغذائية وقدرة جاتدور على جني زنابق الماء وبيع الحطب، مما دفع بتواتش إلى صفوف الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية في إفريقيا.
تقول آشال تشاند، رئيسة قسم التغذية في برنامج الأغذية العالمي بجنوب السودان: "يتأثر الأمن الغذائي وسوء التغذية بمجموعة من الظروف السيئة"، مشيرة إلى التقلبات المناخية الحادة والاضطرابات وارتفاع أسعار الغذاء وتداعيات النزاع في السودان، مما أدى إلى تفاقم سوء التغذية بين الأمهات والأطفال.

يُعتبر أكثر من 3 ملايين من الأمهات والأطفال في جنوب السودان معرضين لخطر سوء التغذية هذا العام، أي أكثر من ربع سكان البلاد. وهذا ما جعل جنوب السودان بؤرة لسوء التغذية، وهي إحدى الدول الـ15 المتضررة من الأزمات التي تستهدفها شراكة جديدة بين برنامج الأغذية العالمي ومنظمة اليونيسف للقضاء على هزال الأطفال - وهي الحالة التي يكون فيها الطفل ناقص الوزن بالنسبة لطوله، وتُعد أخطر أشكال سوء التغذية.
تقول المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين: "كل دقيقة يصاب طفل بالهزال. كل دقيقة تكون حياة طفل في خطر داهم. هذه ليست إحصائية - إنها حالة طوارئ".
من بين 45 مليون طفل دون الخامسة الذين يعانون من الهزال حول العالم، يعيش نحو الثلثين (33 مليوناً) في الدول الـ15 الأكثر تأثراً. ويعاني 9 ملايين منهم من الهزال الشديد. ويمكن أن يشكل كل من الهزال المعتدل والشديد تهديداً للحياة بسبب عدم كفاية تناول الأطعمة المغذية والإصابة المتكررة بالأمراض.
الأطفال الذين ينجون من الهزال قد يعانون من آثار مدمرة طويلة الأمد على نموهم وإنجازاتهم - وبشكل أوسع، على الجيل الجديد. والحل الوحيد هو التحرك السريع والمبكر.
التصدي للأزمة قبل تفاقمها

تعني شراكة برنامج الأغذية العالمي واليونيسف أن الوكالتين ستتعاونان بشكل وثيق في الدول الـ15 المتضررة للكشف عن سوء التغذية والوقاية منه وعلاجه. ومن خلال تجميع الموارد، سنعزز التنسيق، ونصل إلى المزيد من النساء والأطفال المعرضين للخطر بالدعم.
وتقول المديرة التنفيذية ماكين: "نركز على التصدي للأزمة قبل تفاقمها، والوقاية من الهزال في المقام الأول".
وتضيف تشاند أنه في جنوب السودان، "لا يمكن الاستهانة بأثر العمل الذي يقوم به برنامج الأغذية العالمي وشركاؤه".
يشمل العمل المشترك تقديم أطعمة مغذية للنساء والأطفال، ونشر رسائل رئيسية حول تنوع النظام الغذائي والنظافة، إلى جانب معالجة الأسباب الجذرية لسوء التغذية.
وتقول تشاند: "نحن نتفادى حدوث وفيات الأطفال. نحن نحاول تجنب تدهور حالة الأطفال إلى المرحلة التي قد يصابون فيها بمرض يؤدي إلى وفاتهم. فالعمل الذي نقوم به هو حقاً عمل منقذ للحياة".

نيانين جاتدور وأطفالها ضمن آلاف الأسر التي نزحت بسبب أسوأ فيضانات تشهدها جنوب السودان منذ عقود، والتي غمرت أجزاءً كبيرة من ولاية الوحدة الشمالية. دمرت مياه الفيضانات سبل العيش القائمة على الزراعة وتربية الماشية، وزادت من الجوع وسوء التغذية وخطر الإصابة بالأمراض المنقولة بالمياه.
تعيش عائلة جاتدور الآن في مخيم للنازحين في بنتيو، عاصمة ولاية الوحدة. ويعتمدون على المساعدات الغذائية من برنامج الأغذية العالمي، التي تم تخفيضها إلى النصف بالفعل بسبب نقص التمويل. وتحاول جاتدور تعويض النقص عن طريق طحن دقيق من زنابق الماء التي تنمو في مياه الفيضانات المحيطة ببنتيو، وقضاء ساعات طويلة في جمع الحطب لبيعه.
عندما أصيب ابنها الأصغر تواتش بسوء التغذية، أخذته إلى عيادة مدعومة من برنامج الأغذية العالمي لتلقي العلاج. وهي تطعمه الآن معجون الفول السوداني الغني بالمغذيات لاستعادة صحته. كما تعلمت جاتدور ممارسات النظافة الجيدة في العيادة التي تساعد عائلتها على البقاء بصحة جيدة.
وتقول جاتدور عن تواتش وأطفالها الآخرين: "أريد إرسالهم إلى المدرسة بالمال الذي أحصل عليه من بيع الحطب، حتى يتمكنوا من مساعدة أنفسهم - ومساعدتي أيضاً".

في إثيوبيا - وهي بؤرة أخرى لسوء تغذية الأطفال - تعاني ديستا، وهي أم لطفلين، من النزوح أيضاً بسبب النزاع والاضطرابات التي اجتاحت إقليم تيغراي الشمالي. تحصل على دعم غذائي من برنامج الأغذية العالمي لابنتها البالغة من العمر 8 أشهر، كابيتال، التي تعاني من سوء التغذية الحاد المعتدل - لكن الدعم غير كاف.
تقول ديستا: "عندما تمرض، أشعر بالقلق"، مضيفة: "الأمر يتعلق بالغذاء. الغذاء أولاً".
جوع متصاعد، تمويل منخفض
يواجه الملايين في إثيوبيا جوعاً شديداً هذا العام. ويعاني أكثر من 4 ملايين من النساء والأطفال من سوء التغذية الحاد. وفي أجزاء من تيغراي وثلاثة أقاليم إثيوبية أخرى، تجاوزت معدلات هزال الأطفال عتبة الطوارئ البالغة 15%.
يهدف برنامج الأغذية العالمي إلى دعم الوقاية من سوء التغذية وعلاجه لمليوني من أكثر الأمهات والأطفال الإثيوبيين ضعفاً. لكننا نواجه خطر التوقف عن تقديم المساعدة لهم بحلول نهاية يونيو/حزيران، ما لم يتم توفير المزيد من التمويل.

وقالت ميشيل كوينتاجلي، مديرة قسم الإعلام في برنامج الأغذية العالمي، خلال زيارة حديثة لإثيوبيا: "يمتلك برنامج الأغذية العالمي قدرة استثنائية على إيصال الغذاء لمن يحتاجه. التمويل هو القيد الوحيد الذي يعيق عملنا حالياً."
إيساي الصغير، الذي يعيش في جمهورية إفريقيا الوسطى، هو مثال على كيف يمكننا إحداث فرق - عندما يتوفر التمويل. عندما مرض إيساي البالغ من العمر 18 شهراً، أخذه والده أنسلم مانداجيز إلى عيادة مدعومة من برنامج الأغذية العالمي لتلقي العلاج في مدينة بامباري الوسطى. شُخّصت حالة الطفل الرضيع ليس فقط بالملاريا، ولكن أيضاً بسوء التغذية.
مانداجيز، وهو أرمل شاب توفيت زوجته بعد أشهر من ولادة إيساي، تلقى منتجات غذائية متخصصة من برنامج الأغذية العالمي لعلاج إيساي. كما تلقى مشورة حول النظافة الجيدة والتغذية، ومتابعة أسبوعية من العيادة.

يقول مانداجيز البالغ من العمر 20 عاماً: "أولويتي هي صحة طفلي." ويضيف أن حبه لطفله الأول والوحيد "يمنحني الرغبة في الكفاح من أجله".
على الرغم من أن جمهورية إفريقيا الوسطى ليست بؤرة لسوء التغذية، إلا أن ما يقرب من 400 ألف من الأطفال الصغار والأمهات يعانون من سوء التغذية- ويعاني بعضهم منه بشكل حاد.
يقول الدكتور ياندي غيرفيكو، رئيس قسم الصحة في منطقة بامباري: "في عشرات المراكز المدعومة، لاحظنا انخفاضاً في حالات سوء التغذية الحاد الشديد". ويضيف أن مساعدة برنامج الأغذية العالمي وغيره "ساهمت في خفض الوفيات".
تضم قائمة الجهات المانحة الحكومية والخاصة التي تدعم برامج التغذية التابعة لبرنامج الأغذية العالمي في جمهورية إفريقيا الوسطى وإثيوبيا وجنوب السودان: الدنمارك، والاتحاد الأوروبي، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وهولندا، وجمهورية كوريا، والمملكة العربية السعودية، والسويد، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، ومؤسسة جيتس.