برنامج الأغذية العالمي يدعو إلى إتاحة وصول الإغاثة الإنسانية لمدينة الفاشر السودانية التي يواجه سكانها خطر الموت جوعاً

محاطة بأكياس من الخيش وبحر من الرمال، تصف سندس البالغة من العمر ثماني سنوات فرارها من مدينة الفاشر المحاصرة بالحرب في السودان مع عائلتها، بعد أن بقت أسابيع على قيد الحياة معتمدة على الدخن فقط.
قالت الفتاة الصغيرة، متحدثة من مخيم الطويلة للنازحين، على بعد حوالي 75 كيلومترًا: "أجبرنا الجوع على المغادرة". وأضافت عن القذائف التي تتساقط على عاصمة شمال دارفور: "الجوع والقنابل فقط".
اليوم، لا يزال مئات الآلاف من الأشخاص المحاصرين في الفاشر يواجهون الموت جوعاً، حيث لا تزال المدينة معزولة عن برنامج الأغذية العالمي والمساعدات الإنسانية الأخرى. تأتي أزمة الجوع بعد عام واحد من تأكيد المجاعة لأول مرة في البلاد. ومنذ ذلك الحين، ازداد الوضع سوءًا، خاصة في الفاشر، مع استمرار الحرب المدمرة في البلاد.

قال إريك بيرديسون، المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي لشرق وجنوب أفريقيا: "يواجه الجميع في الفاشر صراعًا يوميًا للبقاء على قيد الحياة". "بعد أكثر من عامين من الحرب، لقد استنفد الناس آليات التكيف المتاحة تمامًا."
لقد أدى النزاع في السودان إلى أكبر أزمة جوع في العالم، حيث يواجه حوالي 25 مليون شخص - نصف سكان البلاد - جوعًا حادًا، و3.5 مليون امرأة وطفل يواجهون سوء التغذية.
في الفاشر، يقال إن بعض السكان يعيشون على علف الحيوانات ونفايات الطعام. وبينما يواصل برنامج الأغذية العالمي تقديم الدعم النقدي الرقمي لحوالي ربع مليون شخص في المدينة، مما يسمح لهم بشراء الطعام المتناقص المتبقي في الأسواق، فإن المساعدة تتضاءل أمام الاحتياجات المتصاعدة - مما يجعل من الضروري تقديم المساعدة العينية للتصدي للجوع على نطاق واسع.
الوصول المستمر أمر لا غنى عنه
مع إغلاق طرق التجارة وخطوط الإمداد إلى الفاشر، ارتفعت الأسعار، بما في ذلك أسعار السلع الأساسية مثل الدقيق أو الذرة الرفيعة. توقفت المطابخ المجتمعية (التكايا)، التي أقيمت لإطعام الجائعين، عن العمل إلى حد كبير. يصف العديد من الذين تمكنوا من الفرار تصاعدًا في العنف المتفشي والنهب والاعتداء الجنسي في المدينة.
قال بيرديسون: "بدون وصول فوري ومستمر" للمنظمات الإنسانية، "سيموت العديد من الناس".

مثل سندس وعائلتها، انتهى المطاف بالعديد ممن تمكنوا من مغادرة الفاشر في الطويلة. لكن خيام المعسكر المؤقتة المنتشرة في الرمال لا توفر سوى القليل من الحماية من موسم الأمطار الذي بدأ للتو. وبالنسبة لحوالي 400,000 من سكان المعسكر - الذين وصل العديد منهم بما عليهم من ملابس فقط - فإن حصص برنامج الأغذية العالمي من البسكويت الغني بالطاقة والمغذيات بالإضافة إلى الذرة الرفيعة والزيت النباتي والملح غالبًا ما تكون مصدرهم الوحيد لسد رمقهم.
روى محمد، وهو مقيم آخر في الطويلة يبلغ من العمر 47 عامًا، رحلة مروعة: من معسكر زمزم للنازحين الذي ضربته المجاعة في شمال دارفور، إلى الفاشر، وأخيرًا إلى الطويلة.
قال إن الناس ماتوا عطشًا على طول الطريق. وأضاف محمد: "كان العديد منهم يتوسلون الماء"، واصفًا كيف تم تقسيم كوب واحد بين أربعة أشخاص. "كان على كل شخص أن يشرب رشفة واحدة فقط، تكفي للوصول إلى معدته."

يعد نازحو الطويلة من بين أكثر من أربعة ملايين سوداني يدعمهم برنامج الأغذية العالمي شهريًا. يقع العديد منهم في أشد أجزاء البلاد جوعًا وتضررًا من النزاع. كما ندعم أكثر من 600,000 امرأة وطفل بالمكملات الغذائية.
لقد أحدثت هذه المساعدة فرقًا كبيرًا: فقد ساعدت في الحد من الجوع الكارثي في أجزاء من وسط وغرب دارفور، على سبيل المثال. لكن هذه المكاسب هشة، طالما ظل الوصول محظوراً إلى مراكز الجوع الرئيسية مثل الفاشر.
شاحنات الطعام في وضع الاستعداد

تقول كورين فليشر، مديرة سلسلة الإمداد وتوصيل المساعدات في برنامج الأغذية العالمي: "برنامج الأغذية العالمي مستعد بشاحنات مليئة بالمساعدات الغذائية لإرسالها إلى الفاشر". "نحن بحاجة ماسة إلى ضمانات المرور الآمن". تلقى البرنامج تصاريح من مفوضية المساعدات الإنسانية في بورتسودان لتقدم قافلة مساعدات إنسانية إلى الفاشر. ولكن لم تعلن بعد قوات الدعم السريع، التي تحاصر عاصمة شمال دارفور لأكثر من عام، عن دعمها لوقف القتال للسماح بدخول مواد الإغاثة الإنسانية إلى المدينة.
بالنسبة للعائلات النازحة في الطويلة، يرتبط الجوع والنزاع ارتباطًا وثيقًا. وصفت أم، جميلة، كيف توفيت أختها جوعًا في وقت سابق من هذا العام في معسكر زمزم.

تقول: "أسوأ ما واجهناه هو الجوع وفقدان إخوتنا وأخواتنا. من الصعب أن تفقد أخًا أو أختًا إلى الأبد". "الجوع الذي نزال نعانيه حتى يومنا هذا صعب للغاية".
قامت عائلة جميلة بالرحيل إلى الطويلة سيرًا على الأقدام، كما قالت، ساروا ليلًا مع عشرات العائلات الأخرى. ساعدهم بعض السودانيين الآخرين عند نقاط تتوفر فيها المياه على طول الطريق.
كما ساعدتنا مساعدات برنامج الأغذية العالمي أيضاً.
تقول: "يمكنني سلقها أو طحنها وإعداد عدة وجبات بها، لتكفي الأيام التي لا نملك فيها شيئًا."
يحتاج برنامج الأغذية العالمي 645 مليون دولار أمريكي على مدى الأشهر الستة المقبلة لمواصلة توفير المساعدات الغذائية والنقدية والتغذوية الطارئة في السودان.
أصبحت استجابة برنامج الأغذية العالمي لحالة الطوارئ في السودان ممكنة بفضل مساهمات من مانحينا التي تتضمن بنك التنمية الأفريقي، وأندورا، والنمسا، وبلجيكا، وكندا، وكرواتيا، وقبرص، وجمهورية التشيك، والدنمارك، وإستونيا، والاتحاد الأوروبي، وفنلندا، وفرنسا، وألمانيا، واليونان، والمجر، وأيسلندا، وأيرلندا، وإيطاليا، واليابان، ومؤسسة الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، والكويت، وليتوانيا، ولوكسمبورغ، ومالطا، ومبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، وهولندا، والنرويج، ومؤسسة نوفو نورديسك، والمملكة العربية السعودية، وكوريا الجنوبية، وسلوفينيا، وإسبانيا، والسويد، وسويسرا، وأوكرانيا، والإمارات العربية المتحدة، وصندوق الأمم المتحدة المركزي للاستجابة للطوارئ، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية.