التوقعات العالمية لبرنامج الأغذية العالمي: "لم تكن الأمور بهذا السوء من قبل" – ارتفاع معدلات الجوع وسط تخفيضات التمويل
يعبر جان-مارتن باوير عن قلقه قائلًا: "لدينا مجاعتان مؤكدتان في عام 2025 – للمرة الأولى في هذا القرن – لم تكن الأمور بهذا السوء من قبل". باور هو مدير قسم تحليل الأمن الغذائي والتغذية في برنامج الأغذية العالمي . ويعرف جيدًا ما يتحدث عنه، إذ يعمل في البرنامج منذ عام 2001.
ويضيف: "خلال تلك الفترة، لم يتم تأكيد سوى خمس مجاعات: "الصومال في 2011، وجنوب السودان في 2017، وجنوب السودان مرة أخرى في 2020، والسودان في 2024 وما زالت مستمرة حتى الآن، وغزة في أغسطس/آب الماضي – واضح أن هناك شيء غير صحيح."
تقع المجاعة بعد بلوغ أقصى مرحلة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) ، وهي المرحلة الخامسة – أعلى مستوى للجوع في النظام العالمي لمراقبة انعدام الأمن الغذائي.
وفي السودان وغزة، يقول باوير: "يموت المدنيون على نطاق واسع وسط النزاع. لدينا الآن أدلة، وعلينا أن نتحرك. فمهمتنا هي الاستجابة لانعدام الأمن الغذائي الحاد." ويضيف: "الأرقام التي نراها الآن مختلفة تمامًا عما اعتدنا عليه في نهاية العقد الماضي."
في عام 2026، من المتوقع أن يواجه 318 مليون شخص مستويات من الجوع تصل للمرحلة الثالثة (مرحلة الأزمة) أو أسوأ – أي أكثر من ضعف الرقم الذي سجله عام 2019.
ويقول باوير: "نرى احتياجات هائلة في مناطق مختلفة في وقت يسحب فيه المانحون دعمهم. إنه تأثير مزدوج – الاحتياجات ترتفع بسرعة، لكن الأموال اللازمة لتلبيتها تتبخر. إنه تحدٍ هائل للبرنامج وللشركاء الذين نعمل معهم."
مسارات نحو الأمن الغذائي في منطقة الأمازون
أحد المؤشرات الواضحة على تأثير تخفيضات التمويل هو إغلاق المرافق الصحية التي تقدم خدمات تغذوية ورعاية أساسية للنساء الحوامل والأمهات والأطفال دون الخامسة، بدعم من اليونيسف وشركاء إنسانيين آخرين.
ويقول باوير: "شهدنا ذلك في بلدان تعاني من النزاع والطقس القاسي مثل جنوب السودان وأفغانستان."
وفي أفغانستان، ولأول مرة منذ عقود، يفتقر البرنامج إلى استجابة شتوية كبيرة – وهي شريان حياة في بلد دفعت فيه الأزمات المتعددة الأسر إلى حافة الهاوية.
يقول باوير من مقر البرنامج في روما إن تقرير التوقعات العالمية لعام 2026 الذي صدر الثلاثاء (18 نوفمبر/تشرين الثاني):"يدعونا كعاملين إنسانيين إلى بذل كل ما في وسعنا لمنع المجاعات والاستجابة للجوع."
يحتاج البرنامج إلى 13 مليار دولار أمريكي للوصول إلى 110 ملايين شخص في حالات الطوارئ في عام 2026 – أي ثلث من يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
ويحذر باوير من أن الفشل في معالجة الأسباب الجذرية – خاصة في الأزمات الممتدة – سيؤدي إلى زيادة أكبر في الاحتياجات الإنسانية.
ويضيف: "عندما يرتفع انعدام الأمن الغذائي، ترتفع معدلات الهجرة. سيضطر الناس لإطعام أسرهم، وسيأخذونهم معهم، وسينتقلون. وهذا ما نراه بالفعل."
الابتكار ضرورة لإنقاذ الأرواح
يقول باوير: حتى يمكننا إنقاذ الأرواح في ظل انخفاض الموارد إلى أدنى مستوى، نحتاج إلى الابتكار."
ويشير إلى أهمية العمل الاستباقي لمساعدة الناس على الاستعداد لموجات الطقس القاسية، كما حدث مؤخرًا مع العاصفة ميليسا في الكاريبي والإعصار فونغ-وونغ في الفلبين، حيث استخدم البرنامج بيانات الإنذار المبكر لتفعيل المساعدات النقدية والعمليات اللوجستية وتحريك الإمدادات الغذائية المسبقة إلى المناطق المتضررة بسرعة.
ووفقًا للبرنامج، كل دولار يُستثمر في العمل الاستباقي يمكن أن يوفر ما يصل إلى 7 دولارات من الخسائر التي تم تجنبها.
يستخدم البرنامج تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، والتعلم الآلي، ورسم الخرائط بالأقمار الصناعية لتقييم ما بعد الكوارث، مع الاستفادة من البيانات لاتخاذ قرارات بشأن شراء وتخزين وتوزيع الأغذية.
ويؤكد باوير أن حماية تدابير الاستعداد من تأثيرات تخفيضات التمويل أمر بالغ الأهمية. ففي هايتي، أدى نقص التمويل إلى فقدان المخزونات الاحتياطية، وهو ما وصفه بأنه "أصل مهم فقدناه ويجب إعادة بنائه."
ورغم هذه التحديات، نجحت جهود البرنامج في منع المجاعة في أجزاء من هايتي والسودان وجنوب السودان هذا العام. لكن لا يمكن لأي قدر من الابتكار أو التمويل أن يوقف الجوع طالما استمرت النزاعات.
ويختتم باوير قائلًا: "نحتاج إلى مواصلة الدعوة للمشاركة السياسية لإنهاء العنف وإنهاء النزاعات التي تسبب انعدام الأمن الغذائي في هذه المناطق. يجب أن نتحرك بكل السبل لمعالجة هذا الوضع. الآن هو وقت حرج للغاية للمجتمع الإنساني بأسره، ولا يمكننا السماح بحدوث فراغ في العمل الإنساني في أكثر مناطق العالم تعرضًا للجوع والاحتياجات الإنسانية."