Skip to main content

سوريا: مهندسة لدى برنامج الأغذية العالمي تساعد في إعادة تأهيل المخابز

بعد أن شهدت الدمار الذي أحدثه النزاع في حلب، انضمت إلى برنامج الأغذية العالمي لإعادة الإعمار والمساعدة في تغيير حياة الناس
, جيسيكا لوسون وحسام الصالح
Lamya
لمياء تحمل رغيفًا من باكورة إنتاج مخبز الصاخور. الصورة: برنامج الأغذية العالمي / حسام الصالح

في المرة الأولى التي زارت فيها لمياء بدرخان مخبز الصاخور في حلب، وجدت نفسها تقف داخل هيكل من بقايا المبنى ونظرت حولها وتساءلت كيف ستتمكن من إعادة بنائه.

لقد مرت سبع سنوات منذ آخر مرة وقفت فيها الأسر في طابور وعادت إلى منازلها وهي تحمل الخبز الساخن الطازج لتناول الإفطار. لقد ألحقت سنوات من النزاع أضرارًا جسيمة بالمخبز الذي كان يعتمد عليه المجتمع، مما جعله لا يتعد محض ذكريات بعيدة.

وانطلاقًا من عملها كمهندسة في برنامج الأغذية العالمي، أصبحت مهمة الشابة البالغة من العمر 30 عامًا هو إعادة إعمار هذا المخبز ليخدم هذا المجتمع. وكما قالت: "لقد راودتني في البداية فكرة أن هذا الأمر مستحيل، ولا يمكنني القيام به."

وبعد أربعة أشهر، أصبحت تقف وسط المخبز وتحمل رغيفًا طازجًا. واليوم، يقدم مخبز الصاخور الخبز الطازج إلى 120 ألف شخص.

Destroyed building in Aleppo
بناية مدمرة في منطقة الصاخور بحلب في شهر أكتوبر. الصورة: برنامج الأغذية العالمي / جيسيكا لوسون

قبل اندلاع النزاع في سوريا، الذي مضى عليه أكثر من عقد من الزمان، كانت حلب مصدر إلهام هائل للفتاة الصغيرة التي أرادت أن تصبح مهندسة معمارية، حيث امتلأت شوارعها بالمباني التاريخية والأسواق القديمة والمتاجر المليئة بالتوابل والسجاد والألوان.

وتقول لمياء: "إن مدينة حلب تمثل واحدة من أقدم مدن العالم التي لم تخل على مدار تاريخها من السكان، ولذلك عندما تمشي فيها يمكنك أن تشاهد تاريخ تطور العمارة بها على مر الزمن."

ولكن، مع مرور السنين، هدمت المباني واحدًا تلو الآخر - حتى أصبحت المدينة التي ولدت بها لمياء غريبة عليها أينما توجهت.

وتضيف لمياء: "لقد أردت دائمًا أن أحظى بشهرة واسعة كمهندسة تقوم ببناء مبانٍ جميلة وعملية ومستدامة. لكن بعد أن رأيت وعشت ما حدث للمدن السورية وخاصة في مسقط رأسي في حلب، تبدل لدي هذا الشغف."

Lamya2
لمياء أثناء إشرافها على أعمال إعادة تأهيل مبنى المكتب القطري الجديد لبرنامج الأغذية العالمي في دمشق في شهر يوليو. الصورة: برنامج الأغذية العالمي / حسام الصالح

ولذلك، التحقت لمياء بكلية الهندسة المعمارية في جامعة حلب.

وبعد تخرجها عملت لمدة عامين في إعادة تأهيل الشقق السكنية المتضررة.

وتقول: "بعد فترة وجيزة، فكرت في أن الجمع بين تقديم المساعدات الغذائية إلى جانب عملي كمهندسة سيكون أمرًا رائعًا وفرصة لمساعدة الناس بطريقة مختلفة تمامًا. لذلك قررت الانضمام إلى برنامج الأغذية العالمي."

 

إعادة الحياة للمخبز وللمجتمع المحلي

كانت واحدة من بين أول المهام التي تنفذها لمياء هي إعادة تأهيل مخبزين في مدينة حلب. كلاهما في الأحياء التي تضررت بشدة جراء النزاع. وقد أجبر تدمير المخبزين الأسر على المشي لمسافات طويلة كل صباح للحصول على الخبز.

وكما تقول لمياء: "إن مستويات الدمار هائلة في سوريا وتتجاوز ما يمكن أن يتخيله الناس. ومن السهل النظر إلى شيء ما والقول بأنه "لا يمكننا إصلاحه، فلنتركه" - لكن ليس هذا ما يفعله برنامج الأغذية العالمي. لقد تعلمت الكثير عن أهمية التعامل مع المشروعات الصعبة التي تحدث فرقًا كبيرًا في حياة الناس."

وتضيف: "عندما كنت أنا وزملائي نجري تقييماً لحالة مخبز الصاخور، اقترب مني صبي يبلغ من العمر 9 سنوات وسألني، 'ماذا تفعلون هنا؟ فأخبرته بأننا سنرمم المخبز ليعود للعمل، فابتسم الطفل وانطلق راكضًا إلى والدته وهو يصيح: "يا أمي، يا أمي، إنهم سيبنون المخبز مرة أخرى!"

وتقول: "لقد كانت هذه إحدى اللحظات التي لن أنساها أبدًا. وشعرت وقتها أن لدينا مسؤولية كبيرة ألا نخذل الناس."

في الوقت الحالي، وبعد أن أنهت لمياء إعادة تأهيل المخبزين، فإنها تدعم أعمال تجديد المكتب القطري الجديد لبرنامج الأغذية العالمي في دمشق. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/حسام الصالح

وتضيف لمياء: "إن عملي في المجال الإنساني يعني لي كل شيء وأنا فخورة بخدمة مجتمعي. إنه شيء يمنحني الكثير من الرضا. عندما نقوم بإعادة تأهيل مخبز، فإننا لا نقوم فقط بترميم المرفق، ولكن أيضًا نوفر للناس فرص عمل، ونساعد الأسر على العودة إلى منازلهم والاستقرار في وطنهم. وهذا يعني وجود أمل في مستقبل أفضل."

وتقول: "في اليوم الذي افتتح فيه مخبز الصاخور، تذكرت لحظاتي الأولى هناك، عندما اعتقدت أنه لا يمكننا إعادة تأهيله. ثم رأيت الخبز من حولي. إننا الآن قادرون على مساعدة الناس على هذا النطاق الواسع، على مستوى المدينة. لقد تعلمت من عملي مع برنامج الأغذية العالمي أنه لا يوجد شيء مستحيل، وهذا شعور رائع."

"الشيء الجميل في عملي كمهندسة مع برنامج الأغذية العالمي هو أنني أشاهد النتائج النهائية وأقارن بين حالة المبنى في السابق ووضعه بعد إعادة التأهيل. وهذا مفيد للغاية ويمنح الناس دفعة لمواصلة المضي قدمًا."

 “أعرف أننا قادرون على فعل ذلك.”

لكونها مهندسة، تعرف لمياء أنها في وضع متميز يشجع النساء الأخريات على اختيار مهنتها كمهنة مستقبلية.

عندما افتتح مخبز قاضي عسكر في حلب، كان الناس يصطفون لشراء الخبز. كنت أقف جانبًا وجاءت سيدة وسألتني: "هل أنتِ المهندسة التي كانت تشرف على العمل؟"

فقلت لها نعم أنا هي. قالت: 'كنت أشاهدك دائمًا من خلال نافذتي وكنت دائمًا معجبةً ومندهشة برؤية امرأة تعمل هذا العمل. هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها هذا من قبل. تقول لمياء: "وكانت هذه واحدة من أكثر اللحظات التي جعلتني أشعر بالتقدير، وشعرت بأن كل التحديات كانت تستحق العناء."

وتقول: "أعلم أنه لا يمكنني تغيير منظور الناس تجاه النوع الاجتماعي، لكن يمكنني أن أعطيهم بعض الأمل في أن الأمور تتغير."

 

three children and on the left one carries on top of his head a bag of pita bread
أطفال يحصلون على الخبز من مخبز قاضي عسكر بعد افتتاحه مباشرة. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/جيسيكا لوسون

الآن وبعد أن تم افتتاح المخبزين، تتطلع لمياء إلى التحديات المستقبلية، سواء بالنسبة لها أو لبلادها.

تقول لمياء: ""أحلم بافتتاح شركتي الخاصة، ومن خلالها يمكنني تحويل المباني القائمة بميزانية محدودة. وأريد الجمع بين العمل الوظيفي والجمالي ومساعدة الناس على الاستفادة القصوى من المساحة المتوفرة لديهم، بدلاً من البحث عن منزل جديد."

وتضيف: "بالنسبة لي، أصبحت سوريا حاليًا تشبه لعبة البازل (القطع المبعثرة). فقد اختلطت جميع القطع وتحتاج إلى إعادة ترتيب من أجل استعادة رؤية الجمال مرة أخرى. وسيتطلب ذلك الكثير من الوقت، لكنني أعلم أنه يمكننا القيام بذلك."



تعرف على المزيد حول عمل برنامج الأغذية العالمي في سوريا