Skip to main content

أزمة جيران السودان آخذة في الاتساع وسط معدلات متصاعدة للجوع والأسعار

برنامج الأغذية العالمي يكثف مساعداته، ويطلق نداءات للحصول على التمويل وسط تفاقم انعدام الأمن الغذائي في تشاد وجنوب السودان.
, يولاليا بيرلانجا ودجاونسيد مادجيانجار
Roughly 600,000 Sudanese refugees have entered Chad since Sudan's war broke out in April, 2023. Photo: WFP/Eloge Mbaihondoum
دخل ما يقرب من 600,000 لاجئ سوداني إلى تشاد منذ اندلاع حرب السودان في أبريل 2023. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/Eloge Mbaihondoum

في مخيم في بلدة أدري الحدودية في تشاد، يُدخل أحمد قطعة قماش زرقاء في ماكينة الخياطة التي تعمل بالقدم، بينما تتكرر في الخلفية أغنية شعبية شهيرة من موطنه السودان عبر مكبر صوت. الشجرة الصغيرة فوقه بالكاد تحجب أشعة الشمس الحارقة.

يقول الخياط البالغ من العمر 35 عاماً، والذي تم حجب اسمه الأخير حفاظاً على سلامته، وهو يومئ برأسه متأثراً بأجواء الموسيقى: "الخياطة هي كل ما يمكنني القيام به هنا في المخيم. يأتي الناس بملابسهم، وأصنع لهم فساتين أو قمصان أو سراويل على الطراز السوداني".

هذه هي المرة الثانية خلال عقدين من الزمن التي يلجأ فيها أحمد إلى تشاد هرباً من الصراع الذي يعصف بوطنه. وحتى وهو يدعو إلى عودة السلام إلى السودان، فهو غير متأكد من أن ذلك سيحدث في أي وقت قريب.

يقول أحمد: "أحتاج إلى أن أكون في بلد مستقر، حيث يمكن لأطفالي الذهاب إلى المدرسة".

Over the past two decades, Taylor Ahmat has sought refuge in Chad twice because of fighting in his native Sudan.  Photo: WFP/Djaounsede Madjiangar
على مدى العقدين الماضيين، لجأ تايلور أحمد إلى تشاد مرتين بسبب القتال الدائر في موطنه السودان.الصورة: برنامج الأغذية العالمي/دجاونسيد ماجيانجار

مع استمرار أزمة السودان، تتزايد تداعياتها في البلدان المجاورة. ومن بين أكثر من مليوني نازح؛ بسبب الحرب يعيشون الآن خارج حدود السودان، يعيش أكثر من نصفهم في تشاد وجنوب السودان، وهما البلدان اللذان يعانيان بالفعل من ارتفاع معدلات الجوع.

الآن، مع حلول موسم الأمطار أو العجاف في جميع أنحاء المنطقة وامتداده حتى شهر أغسطس، حيث تتحول الطرق إلى مسارات موحلة، وتتعقد عمليات إيصال المساعدات الإنسانية، فإن خطر انعدام الأمن الغذائي يتزايد.

يستجيب برنامج الأغذية العالمي لانعدام الأمن الغذائي المتزايد، ولكن التحديات هائلة. في تشاد، على سبيل المثال، نهدف إلى الوصول إلى أكثر من مليوني شخص، بما في ذلك اللاجئين، بالمساعدة الطارئة خلال موسم العجاف. لكن مع قلة التمويل، وخاصة في جنوب السودان، لا يمكننا سوى دعم الأشخاص الأكثر جوعاً.

يقول المدير القُطري لبرنامج الأغذية العالمي في تشاد، إنريكو بوسيلي: "إن تقديم المساعدة الكافية، وفي الوقت المناسب على نطاق واسع أمر ضروري للحفاظ على الاستقرار وتقليل التوترات بين المجتمعات المتضررة من الأزمة؛ بسبب الموارد المحدودة في تشاد. مع تفاقم الآثار الناجمة عن الصدمات المناخية والأزمة الأمنية والاقتصادية، هناك حاجة أيضًا إلى استثمارات واسعة النطاق في مجال القدرة على الصمود للحد من الاحتياجات الإنسانية المتزايدة بمرور الوقت".

أزمة تؤدي إلى أزمة أكبر

Sudanese refugees Zahara and her daughter Moona, who is recovering from malnutrition with WFP nutritional supplements. Photo: WFP/Eulalia Berlanga 
اللاجئتان السودانيتان زهرة وابنتها مونا، التي تتعافى من سوء التغذية باستخدام المكملات الغذائية التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/إيولاليا بيرلانغا

في جنوب السودان، يبلغ عدد النازحين من السودان حوالي 700,000 شخص من بين حوالي 7 ملايين شخص يواجهون بالفعل انعدام الأمن الغذائي الحاد أو ما هو أسوأ. لا يزال الآلاف من الوافدين الجدد مثل زهرة، التي فرت أسرتها من منزلها في ولاية شرق دارفور في السودان، يعبرون الحدود كل أسبوع، وهم يعانون الجوع والصدمة.

تقول الأم لأربعة أطفال، وهي تحتضن ابنتها مونا البالغة من العمر 14 شهراً بين ذراعيها: "بعد القصف الجوي الثالث، اتخذنا قرار المغادرة. لقد استغرقنا يومين للوصول إلى الحدود، حاملين معنا الماء في وعاء والبسكويت للأطفال، لكنهم كانوا جائعين حقًا عندما وصلنا أخيرًا".

عانت الطفلة خلال الرحلة، وفي مخيم ودويل للاجئين، في شمال غرب جنوب السودان، أخذت زهرة ابنتها إلى مركز صحي، حيث شُخِّصَت إصابتها بسوء التغذية.

اليوم، بدأت مونا تكتسب المزيد من الوزن، وتعود إلى اللعب مجددا، وذلك بفضل المكملات الغذائية التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي. ولكن في مخيم اللاجئين المزدحم، مع توقع هطول أمطار غزيرة، فإن خطر الإصابة بالأمراض المنقولة عن طريق المياه يبقى قائمًا.

Health center staff check nutrition levels of Sudanese children at Wedweil refugee settlement in South Sudan. The war in neighbouring Sudan has deepened hunger and malnutrition countrywide. Photo: WFP/Eulalia Berlanga
موظفو المركز الصحي يفحصون مستويات التغذية للأطفال السودانيين في مخيم ودويل للاجئين في جنوب السودان. وأدت الحرب في السودان المجاور إلى تفاقم الجوع وسوء التغذية في جميع أنحاء البلاد. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/إيولاليا بيرلانغا

هذا ليس مصدر القلق الوحيد، لقد عطلت الحرب في السودان صادرات النفط المهمة لجنوب السودان، مما دفع الاقتصاد إلى الانهيار. انخفضت قيمة جنيه جنوب السودان بنسبة 60%، في حين ارتفعت أسعار المواد الغذائية والوقود بشكل كبير. تشير توقعات برنامج الأغذية العالمي إلى أن الأزمة الاقتصادية في البلاد من المرجح أن تدفع نحو نصف مليون شخص آخرين من الجوع المعتدل إلى الجوع الشديد حيث تصبح المواد الأساسية غير ميسورة التكلفة.

تقول ماري ييكي مواطنة من جوبا عاصمة جنوب السودان: "قبل هذه الأزمة الاقتصادية، كان أطفالي يأكلون مرتين في اليوم، ولكن الآن لا توجد طريقة لذلك". تضيف ماري وهي تتسوق لشراء الأساسيات في إحدى أسواق العاصمة: "يستيقظ الأطفال في الصباح، ولا يأكلون أي شيء حتى الليل. هذا الوضع يزداد سوءا. عندما يكون لديك ستة أطفال، يكون من الصعب إطعامهم”.

منذ اندلاع الصراع في السودان في أبريل 2023، تمكن برنامج الأغذية العالمي في جنوب السودان من الوصول إلى ما يقرب من 557,000 نازح بسبب الحرب ممن عبروا الحدود، بينما يواصل البرنامج مساعدة النازحين الجدد، لكن اليوم هناك عاصفة كاملة من الأحداث تهدد بدفع انعدام الأمن الغذائي إلى أقصى الحدود.

تقول المديرة القُطرية لبرنامج الأغذية العالمي في جنوب السودان، ماري إلين ماكجروارتي: "يمثل جنوب السودان أزمة إنسانية طويلة الأمد بالفعل وتتدهور بسرعة. نخشى أن يصل الجوع وسوء التغذية إلى مستويات لم يسبق لها مثيل مع استمرار العواقب المدمرة للحرب في السودان، والفيضانات الوشيكة في المناطق التي تعاني بالفعل من مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي".

تضيف ماري: "نحن بحاجة إلى وقف إطلاق النار في السودان وتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي في جنوب السودان للمساعدة على وقف موجة الجوع الشديد وسوء التغذية".

أعداد متصاعدة اللاجئين

تواجه تشاد أيضاً مشكلة انعدام الأمن الغذائي المقلق الذي سيزداد سوءاً مع حلول موسم العجاف. من المتوقع أن يواجه ما يقدر بنحو 3.4 مليون تشادي ولاجئ انعدام الأمن الغذائي الشديد خلال هذه الفترة، وتفاقم الجوع بسبب الصدمات المناخية، وارتفاع تكاليف الغذاء والوقود وأزمة اللاجئين.

Many of Sudan's war displaced crossing into Chad carry burdens of hunger and trauma. Photo: WFP/Djaounsede Madjiangar
يتحمل العديد من نازحي الحرب السودانيين الذين يعبرون الحدود إلى تشاد أعباء الجوع والصدمات. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/دجاونسيد ماجيانجار

على مدى الأشهر الأربعة عشر الماضية، وصل ما يقرب من 600 ألف لاجئ سوداني إلى منطقة الساحل القاحلة، وهو ما يضاعف عدد طالبي اللجوء في تشاد، التي تستضيف بالفعل إحدى أكبر تجمعات اللاجئين في أفريقيا. ويقيم معظمهم في 39 موقعاً عشوائياً في شرق تشاد. ومثل الخياط أحمد، يحمل الكثيرون أعباء الجوع والصدمة.

يقول أحمد، الذي ينحدر من مدينة الجنينة، عاصمة غرب دارفور في السودان: "لقد كان السودان في حالة حرب لفترة طويلة، لكن تلك التي بدأت في عام 2023 كانت عنيفة على نحو غير مسبوق". كان أحمد قد لجأ إلى تشاد عندما كان مراهقاً قبل عقدين من الزمن، عندما اندلع الصراع الأول في دارفور.

لكنه عاد فيما بعد إلى وطنه، وأصبح خياطاً معروفاً في الجنينة. كان يمتلك عدة آلات خياطة كهربائية وسيارة عائلية ودراجتين ناريتين. سرق المهاجمون كل ما لديه، وأحرقوا ورشته ومنزله بالكامل.

يقول أحمد عن سكان الجنينة: "تعرض معظم الناس للهجوم في منازلهم، وسُرقت ممتلكاتهم. لقد قُتل الكثيرون وهم في طريقهم إلى تشاد، وكان الطريق مليئا بالجثث».

Sudanese refugees in Chad rely entirely on humanitarian assistance. Photo: WFP/Eloge Mbaihondoum
يعتمد اللاجئون السودانيون في تشاد بشكل كامل على المساعدات الإنسانية. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/إيلوج مبيهوندوم

في تشاد، يعتمد أحمد وغيره من اللاجئين بشكل كامل على المساعدات الإنسانية، حيث يعاني الكثير منهم إلى جانب أفراد المجتمعات المضيفة، مستويات استهلاك غذائي ضعيفة أو حدية، وفقًا لبرنامج الأغذية العالمي وتقييمات أخرى. كما يعاني ما يقرب من نصف الأطفال من فقر الدم.

يقول أحمد: "الحياة هنا ليست سهلة".

إنه يشعر بالقلق على مستقبل أطفاله والأطفال الآخرين الذين يلعبون حول ورشته التي ليس لها جدران أو سقف.

يقول أحمد: "نحن ننتظر المساعدة من الله. يوما ما ستكون حياتنا أفضل".

 

أصبحت استجابة برنامج الأغذية العالمي في تشاد وجنوب السودان ممكنة بفضل المساهمات السخية المقدمة من كندا والاتحاد الأوروبي وألمانيا واليابان والسويد وسويسرا وهيئة المعونة البريطانية والإمارات العربية المتحدة والصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ التابع للأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية.

الآن هو الوقت المناسب
لاتخاذ خطوة

يعتمد برنامج الأغذية العالمي على المساهمات الطوعية بالكامل لذا فإن لكل تبرع قيمته
تبرّع الآن