Skip to main content

"لا نموت سوى مرة واحدة، فما الذي نخشاه؟" – في السودان الذي أنهكته الحرب، يعمل موظفو الإغاثة بلا كلل لمواجهة المجاعة

في نوفمبر/تشرين الثاني، وصلت شاحنات برنامج الأغذية العالمي أخيرًا إلى مخيم زمزم في شمال دارفور، المنكوب بالمجاعة، ومواقع أخرى يصعب الوصول إليها – إليكم كيف تم ذلك.
, ليني كينزلي
A man in a khaki WFP jacket addressed a small group of WFP drivers in blue shirts
حافظ إبراهيم، مسؤول برامج أول في برنامج الأغذية العالمي بالسودان، يخاطب مجموعة من السائقين أثناء استعدادهم للانطلاق من بورتسودان في ديسمبر. وصول برنامج الأغذية العالمي إلى مخيم زمزم في السودان أمر في غاية الأهمية. برنامج الأغذية العالمي/السودان

لم يتناول أحمد الصغير وجبة كافية منذ أيام. بل إنه يعتبر محظوظًا إذا حصل على أي طعام على الإطلاق. يعيش أحمد على معجون الفول السوداني المتبقي من عملية إنتاج الزيت، مثله كمثل الكثيرين هنا في مخيم زمزم للنازحين داخليًا – وهو من المناطق في السودان التي تم إعلان المجاعة فيها في عام 2024.

أحمد وأشقاؤه الثلاثة أيتام، يكافحون من أجل البقاء بعد فقدان والديهم في حرب السودان. أصبحت آلام الجوع، والخوف من أعمال العنف، والنضال من أجل البقاء جزءًا من حياتهم اليومية منذ اندلاع النزاع قبل ما يقرب من عامين.

A Sudanese woman in dark orange Islamic dress with a girl in a hijab and 3 boys
أطفال نازحون في مخيم زمزم، حيث أعلنت المجاعة في أغسطس. برنامج الأغذية العالمي/السودان
Two horse-driven cards pass a white WFP truck in the savannah
في نوفمبر، وصلت الشاحنات أخيرًا إلى مخيم زمزم المنكوب بالمجاعة في شمال دارفور. برنامج الأغذية العالمي/السودان

لكن الأمل يتحرك نحوهم من على بعد مئات الكيلومترات. جمال، أحد أفراد الأمن ببرنامج الأغذية العالمي، يقود قافلة من شاحنات المساعدات إلى مخيم زمزم قادمة من مدينة أدري في تشاد، عابرة خطوط المواجهة في دارفور التي مزقتها الحرب. ويرافق جمال سائقون مصممون على إيصال المساعدات إلى شعبهم، رغم المخاطر التي تهدد حياتهم. هذا الإنجاز لم يتمكن برنامج الأغذية العالمي من تحقيقه منذ أبريل/نيسان، بعد أن أدت الصراعات وانعدام الأمن والأمطار إلى قطع المساعدات عن زمزم لعدة أشهر. 
يقول جمال: "كنت مستعدًا للذهاب وشعرت بالحماس. وكنت عاقد العزم على إيصال الدعم إلى شعبي هناك".
يستغرق الأمر بضعة أيام للحصول على التصاريح اللازمة لضمان المرور الآمن من الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور. ويبدأ جمال وفريق السائقين و15 شاحنة تابعة لبرنامج الأغذية العالمي رحلتهم الطويلة ومعهم التصاريح اللازمة إلى أشخاص يواجهون شبح الجوع الشديد.
 

A white truck with a blue WFP stripe drives past signpost announcing Chad border checks in French
الطريق من الحدود في أدري مع تشاد إلى مخيم زمزم في السودان مليء بالمخاطر. تساعد الوثائق الموقعة التي يحملها السائقون في ضمان المرور الآمن عبر العشرات من نقاط التفتيش التي يواجهونها. برنامج الأغذية العالمي/سيلفيان باريل

وتنتشر نقاط التفتيش على طول الطريق، حيث تصل إلى أكثر من 40 نقطة على امتداد 500 كيلومتر. ويواجه جمال والفريق رجالًا مسلحين ليس لديهم أي وسيلة للتفاوض سوى قطعة ورق موقعة ومختومة، إلى جانب شحنات المساعدات الإنسانية. ويقول جمال إن الوثيقة تساعد في إقناع المسلحين بالسماح لهم بالمرور بأمان.
يقول جمال: "لا وقت للخوف." ويضيف: "اعتدنا التعامل مع مثل هذه الأمور. ففي أي لحظة قد نتعرض لإطلاق النار أو الخطف أو الضرب أو حتى القتل. لكننا نموت مرة واحدة فقط، فليس لدينا ما نخشاه؟"
 


Aerial shot of white trucks cutting across desert dotted with bushes
أحيانًا ينام السائقون في العراء أثناء عبورهم التضاريس الوعرة لتوصيل المساعدات الغذائية. برنامج الأغذية العالمي/السودان

لمدة أسبوعين شاقين، يواصل الفريق المضي قدمًا، عبر طرق ترابية ملتوية، وعبر الجبال والأراضي الوعرة، مرورًا بمناطق نائية تبدو وكأنها أرض لا صاحب لها، حيث قد يظهر المسلحون من بين الأشجار في أي لحظة.
ينامون في أي مكان يجدونه، ويأكلون مما يُعرض عليهم، معتمدين على كرم الزملاء أو المجتمعات التي يصادفونها في الطريق. وفي بعض الأحيان، يضطرون للنوم في العراء.
فقد تعطلت شاحنة في زالنجي، وسط دارفور، في منتصف الطريق تقريبًا عبر التضاريس الوعرة. وكان هناك حاجة إلى قطعة غيار ستستغرق أيامًا لتصل إليهم من تشاد لإصلاح الشاحنة حتى تتمكن القافلة من مواصلة رحلتها. 
وفي النهاية، تمكنت المركبات من الوصول إلى المرحلة الأخيرة من الرحلة من مدينة طويلة في شمال دارفور عبر غابات السافانا. ومع دخول الشاحنات لأول مرة منذ عدة أشهر إلى زمزم في نوفمبر/تشرين الثاني، يطلب جمال من السائقين تخفيف السرعة. وتتجمع الحشود وتهتف. النساء يطلقن الزغاريد.
الناس يبتسمون. فالمساعدات قد وصلت أخيرًا، ومعها بعض الأمل أن العالم لم ينساهم.
يقول جمال: "كان من المؤلم رؤية الناس يبكون من اليأس أو المرض بسبب نقص الطعام – وخاصة النساء والأطفال".

Men examine the back of a truck, there is a connecting wire in the foreground
إذا تعطلت شاحنة واحدة، يتعاون السائقون لحل المشكلة حيث تتوقف عملية توصيل المساعدات الغذائية. برنامج الأغذية العالمي/السودان

كان أحمد وأشقاؤه من بين الأشخاص الذين التقاهم فريق برنامج الأغذية العالمي. مثلهم كمثل الآلاف من الأطفال في زمزم، يلقي الصراع المستمر والمجاعة بظلاله القاتمة على مستقبلهم. فقد أصبحت أهوال الحرب والجوع مألوفة لهم، لكن جمال، قائد القافلة، عاقد العزم على تغيير ذلك.
ويقول جمال: "شعرت بالفخر لأننا نجحنا، وبأنني أتيحت لي الفرصة لمساعدة شعبي. لقد حفزني ذلك على تقديم المزيد، وأنا مستعد للمخاطرة بحياتي مرة أخرى لمساعدتهم".
في الأشهر القليلة الماضية، تلقى 130,000 شخص في زمزم الدعم من برنامج الأغذية العالمي – عبر قسائم يمكنهم استبدالها من السوق المحلي، والآن، أصبح بإمكانهم أخيراً الحصول مباشرة على حزم المساعدات الغذائية الطارئة التابعة للبرنامج والتي تحتوي على إمدادات شهرية من الحبوب والبقوليات والزيت والملح.
ولا يمكن التقليل من أهمية بدء فتح طريق منتظم يتيح للعاملين في كجال الإغاثة لإنسانية إيصال المساعدات بأمان إلى المخيم المنكوب بالمجاعة. جمال حاليًا في رحلة طويلة أخرى من أدري إلى زمزم مع قافلة مساعدات غذائية – وهي خطوة حاسمة لضمان تدفق المساعدات بشكل منتظم وقلب موازين المجاعة. ورغم كل الصعاب، يبقى مصممًا على وضع شعبه في المقام الأول.

تبرع لدعم عمل برنامج الأغذية العالمي في السودان