Skip to main content

"نحن من يصنع الفرق" - رائدات الأعمال في سوريا يتَّحِدن لزراعة الخضراوات وبيعها

برنامج الأغذية العالمي يقدم الدعم وفي الوقت نفسه تستفيد المجتمعات من المنتجات العضوية، حيث تساعد المبادرة في التخفيف من التداعيات الاقتصادية للنزاع
, جيسيكا لوسون وحسام الصالح

عادةً ما يكون الطعام الشهي هو ذلك النوع من الطعام الذي يعده الطهاة المهرة، ويستخدمون في إعداده الخضراوات التي تجمع من حديقة كانت تنمو فيها تلك الخضروات على مدار سنوات، ثم يتم تقطيع الطعام الطازج على لوح تقطيع خشبي قديم ويقدم على مائدة يجتمع حولها أفراد الأسرة والأصدقاء.

بعد أن جمعتهن سنوات من الصداقة والجوار والعمل كمزارعات، قررت خمس سيدات يعشن في محافظة طرطوس، بسوريا، أن يوحدن جهودهن ويبدأن مشروعهن الخاص. وبعد بضعة أشهر فحسب، بدأت عبير وغادة وهيام وردحا وسميرة بالفعل في جمع المحصول وتجهيز وبيع الأطعمة المحفوظة المُعدَّة من الخضراوات التي زرعنها بأنفسهن. وزبائنهن من بين أعضاء مجتمعهن المحلي، وتتكون أطباقهن من الخضراوات الموسمية ووصفاتهن هي ذاتها الوصفات التي تعلمنها من أمهاتهن.

تقول عبير: "أنا أعشق الزراعة وأحب إطعام الناس مما تنتجه حديقتي."

 

Abeer Abeer has been a farmer in Tartous her whole life. Her business is helping to transport food from her garden to tables throughout her community.
عملت عبير طوال حياتها كمزارعة في طرطوس. ويساعد عملها على نقل الأغذية من حديقتها إلى موائد السكان في جميع أنحاء مجتمعها المحلي. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/حسام الصالح

قدم برنامج الأغذية العالمي وحدات لتجهيز الأغذية في جميع أنحاء سوريا لدعم الأسر التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي والحاجة لبدء مشروعات تشبه مشروع عبير وصديقاتها. وبعد أن كانت كل واحدة منهن تعمل بالزراعة منفردة لسنوات، وافقت السيدات على العمل معًا لإنشاء وحدة واحدة لتجهيز الأغذية بمجرد معرفتهن أنهن مؤهلات للمشاركة. إن تعاونهن معًا يعني أنه يمكنهن الحصول على الدعم الذي يحتجنه لبدء مشروعهن وتطويره، وتوفير الوقت وتحسين كمية منتجاتهن وجودتها.

وتشرح غادة قائلةً: "لقد اعتدنا جميعًا على العمل بمفردنا، وكان ذلك مضيعة للوقت والجهد. ولكن بعد أن تعاوننا جميعًا في هذا المشروع، أصبح بإمكاننا الحصول على المزيد من الوقت لرعاية أسرنا وفي الوقت نفسه نتواصل معًا. ونحن نستمتع بالعمل معًا ونحصل على دخل أفضل لنا جميعًا."

Ghada picks fresh crops from her backyard to package and sell to her community.
غادة وهي تجمع المحصول الطازج من حديقة منزلها لتعبئته وبيعه لأفراد مجتمعها المحلي. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/حسام الصالح

يعمل برنامج الأغذية العالمي على تزويد مجموعات مكونة من خمس أسر في جميع أنحاء سوريا بالمهارات والأدوات التي يحتاجونها لبدء مشروعاتهم. ويتلقى المستفيدون المعدات الأساسية والتدريب في مجال إنتاج الأغذية، وسلامة الأغذية، والإدارة المالية والتسويق. كما تتلقى كل مجموعة قسائم إلكترونية لشراء المواد الغذائية من المتاجر المحلية على مدار الأشهر الست الأولى من المشروع. وهذا يساعدهم على تغطية احتياجاتهم الخاصة إلى أن يبدأ مشروعهم في الإنتاج.

وقد أسست السيدات الخمسة وحدة تجهيز الخضراوات في منزل هيام. والمكان تفوح منه رائحة الأعشاب البرية التي يستخدمنها لإضافة النكهة على الأغذية، وعلى الطاولة وضعت السيدات بفخر بعض منتجاتهن. مخلل الزيتون والخيار والفلفل أصبحوا جاهزين للبيع وهو صالح للاستخدام لمدة عام واحد من الآن.

The women proudly show some of their latest products.
السيدات يعرضن بفخر جانبًا من أحدث منتجاتهن. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/حسام الصالح

بعد قضاء بعض الوقت مع هؤلاء السيدات، تعرف بوضوح من منهن تتولى مسؤولية المجموعة. إنها ردحا، فهي أقدمهن وأعلاهن صوتًا أيضًا. لقد كانت تعمل كمزارعة طوال حياتها وتقول إنها تعلمت كل شيء عن الزراعة العضوية من زوجها.

وتوضح ردحا قائلة: "أعيش بمفردي بعد وفاة زوجي العام الماضي. لقد ربيت سبعة أطفال وقد كبروا وحصلوا جميعًا على شهادات جامعية ويعيشون حاليًا في محافظات مختلفة بحسب احتياجاتهم الوظيفية." وقالت إن المجموعة أتاحت لها فرصة لكسب دخل، فضلاً عن الارتباط الاجتماعي القوي بينهن.

Radha is proud to be able to give back to her community.
تشعر ردحا بالفخر لقدرتها على مساعدة مجتمعها المحلي. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/حسام الصالح

تقول ردحا: "أنا سعيدة للغاية لأنني انضممت إلى هذا المشروع، لأنني أشعر أن لدي دورًا ألعبه في المجتمع، وهذا ما منحني ذلك الشعور الرائع."

وتضيف: "إذا اشترينا أي سلع من أماكن بعيدة، فسنتكبد في سبيل ذلك دفع رسوم للنقل. وساعتها لن نتمكن من المنافسة وعلى الأرجح سنخسر المال. إننا نعتمد على منتجات القرية التي تتمتع بسمعة طيبة للغاية في جميع أنحاء المحافظة لخلوها من المواد الكيميائية ولأنها تروى بمياه نظيفة."

وتقول وهي توضح أن نموذج مشروع المجموعة بأكمله يعتمد على الــدعاية الشــفهية: "يمكننا طرح منتجاتنا في الأسواق في مدينة طرطوس، مما سيزيد الطلب نظريًا. لكن هذا يعني أنه سيتعين علينا إضافة تكلفة النقل." ومن خلال البيع محليًا، يمكنهن الحفاظ على انخفاض تكاليفهن مع منح مشروعهن بعض الوقت للنمو.

The women gather at Heyam’s house to plan and build their business.
السيدات الخمسة يجتمعن في منزل هيام للتخطيط لمشروعهن التجاري. الصورة: برنامج الأغذية العالمي/حسام الصالح

تعترف السيدات الخمسة جميعهن بأنهن واجهن تحديات عندما حاولن تجهيز منتجاتهن الزراعية ليضعها الناس على موائدهم. وتجدر الإشارة إلى أن الاقتصاد السوري يشهد تدهوراً سريعاً بعد مرور عقد على النزاع. فقد ارتفعت أسعار الغذاء والوقود وأصبحت الحياة اليومية الآن أصعب من أي وقت مضى بالنسبة لغالبية الأسر. وتتمثل التحديات الرئيسية في نقص الغاز، والمستويات غير المتوقعة لتقنين استهلاك الكهرباء وارتفاع تكاليف النقل.

تبذل السيدات كل ما في وسعهن للتكيف. إنهن يجهزن منتجات الألبان عند طلبها فقط، ويستخدمن الخشب بدلاً من الوقود للطهي، وينتجن الأطعمة المجففة والمحفوظة التي تدوم لفترة أطول.

وتضيف ردحا: "لقد عقدنا العزم على ألا ندع أي شيء يمنعنا من إنتاج الأغذية وإدرار الدخل. لم يكن لدى أسلافنا الغاز لإنتاج الأغذية، أو الكهرباء لحفظها. لقد تعلمنا منهم هذه الأساليب وقد ساعدتنا الآن."

بدأت المجموعة في كسب دخل صغير يستخدمنه لإعالة أطفالهن ودفع النفقات الطبية وتلبية الاحتياجات الأساسية الأخرى.

وعندما سئلن عما يجعل طعامهن لذيذًا جدًا، أجابت ردحا: "نحن من يصنع الفرق. فنحن أمهات، ولسنا آلات. وعندما نقوم بإعداد الطعام، نفكر في أطفالنا وهم يتناولونه ونختار كل عنصر بكل حب وعناية. وهذا هو سرنا."

لقد قدم برنامج الأغذية العالمي الدعم لإنشاء أكثر من 220 وحدة لتجهيز الأغذية في جميع أنحاء سوريا، مما ساعد 1100 شخص على كسب الدخل. وتنتج مجموعات المستفيدين مجموعة واسعة من المنتجات بما في ذلك المربات ومعجون الفليفلة ومنتجات الألبان. وأكثر من 90 في المائة من المشاركين هم من النساء، اللائي يعملن على بناء مصادر مستدامة للدخل ويقمن بدورهن بإعادة استثمار الأموال في مجتمعاتهن المحلية.

بعد مرور عشر سنوات على الأزمة في سوريا، بلغت مستويات انعدام الأمن الغذائي أعلى مستوياتها على الإطلاق. وتشير التقديرات إلى أن وحدات تجهيز الأغذية التابعة لبرنامج الأغذية العالمي قد تعاملت مع أكثر من 5000 طن من الخضراوات والفاكهة ومنتجات الألبان. وهي تلعب دورًا مهمًا في تعزيز النظم الغذائية على مستوى المجتمع، من خلال تحويل الأغذية إلى منتجات يمكن تخزينها على المدى الطويل لمساعدة الأسر على تلبية احتياجاتها على مدار العام.

 

تعرف على المزيد عن عمل البرنامج في سوريا

الآن هو الوقت المناسب
لاتخاذ خطوة

يعتمد برنامج الأغذية العالمي على المساهمات الطوعية بالكامل لذا فإن لكل تبرع قيمته
تبرّع الآن